تعتزم اللجنة الدينية في مجلس النواب الأزهر الشريف، ومقابلة الدكتور أحمد الطيب، بعد انتهاء إجازة عيد الأضحى المبارك، في إطار سعيها للتوصل إلى سبل كفيلة بتجديد الخطاب الديني، إضافة إلى عقد مؤتمرات كبرى في جميع أنحاء الجمهورية وخارج البلاد.
في الآونة الأخيرة، كثر الحديث عن ضرورة الإسراع بتجديد الخطاب الديني، خاصة بعد انتشار الجماعات المسلحة في سيناء وانتشار الفكر المتطرف، أما على المستوى العالمي فقد برزت المطالبة به، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2011، بيد أن الفكرة نفسها ليست بجديدة على مصر، حيث نادى بها العديد من الرؤساء السابقين والدعاة ناهيك عن عدد كبير من السياسيين طبعاً، ولكن لم يحدد أحد ماهية التجديد الذي يرمون إليه، أو حتى تعريفه بحسب رأي باحثين كثر في مجال الفكر الإسلامي وجماعات الإسلام السياسي، حيث ركزت كل هذه المحاولات لتجديد الخطاب الديني على المشاورات داخل المكاتب المغلقة، حتى أن البعض اعتقد خطأ أن المقصود من تجديد الخطاب الديني هو ذلك الجانب المتعلق بخطب المنابر سواء كانت أيام الجمع أو الأعياد الدينية، أو غيرها من المناسبات الدينية، مثل ليلة الإسراء والمعارج أو الإحتفال بمولد خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم، أو يوم هجرته من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وما إلى ذلك من المناسبات الدينية المختلفة، دون التطرق من قريب أو بعيد من إمكانية الإستعانة بالدراما الدينية في تجديد هذا الخطاب على الرغم مما تحمله من تأثير مباشر وقوي على المتلقي أو المشاهد.
كثير من دعاة التنوير، طالبوا الجهات المعنية والمكلفة بتجديد الخطاب الديني، بضرورة تفعيل جميع الجوانب التي تخدم الفكرة، وعدم إقتصارها على جانب دون الآخر، داعين إلى التركيز بصفة خاصة على الدراما الدينية، وخاصة الأفلام منها، مستشهدين بأن أجيال من الشباب المسلم، لم يعرف شيئًا عن بعض الأحداث الجللة في التاريخ الإسلامي إلا من خلال تلك الأفلام، وخاصة في ظل انتشار الأمية بين شريحة واسعة من المجتمع المصري وربما العربي أيضاً، والتي تعتمد على إكتساب ثقافتها العامة من شاشات السينما أو التلفاز، مؤكدين أن أجيالًا كثيرة لم تعرف شيئًا عن الشيماء إلا من خلال الفيلم الذي حمل نفس الاسم، حيث يعد من أشهر الأفلام الدينية التي أنتجته السينما المصرية، والذي يعود تاريخ إنتاجه إلى عام 1972، وهو مأخوذ عن قصة شادية الرسول للكاتب علي أحمد باكثير، وإخراج حسام الدين مصطفى، وبطولة سميرة أحمد وأحمد مظهر وأمينة رزق وتوفيق الدقن وعبدالله غيث، والشئ نفسه ينطبق على المناضل الليبي عمر المختار، حيث جسد الفيلم حياته ونضاله ضد الإستعمار الإيطالي، وإن لم يكن فيلماً دينياً، لكنه رسخ تاريخًا نضالياً في وجدان الكثير من العرب والمسلمين على السواء.
أكثر من مائة وعشرين عامًا هي عمر السينما المصرية، حيث كان أول عرض سينمائي في مصر عام 1896 في مدينة الأسكندرية، بعد عام واحد على أول عرض سينمائي في العالم بالعاصمة الفرنسية باريس، إلا أنها لم تقدم عددًا من الأفلام الدينية التي تناسب هذه الحقبة الطويلة من الزمن، حيث لم يتعدى عددها سوى 10 أفلام، جلها في الفترة الممتدة بين عقدي الخمسينات والسبعينيات من القرن الماضي، ناهيك عن أن بعضها لم يكن على مستوى عظمة الرسالة المحمدية، ولم ينل الشهرة الكافية لأسباب عديدة.
المتابع الجيد لشاشات التلفاز المختلفة، يلاحظ أن جميعها يتبارى في بث وإذاعة الأفلام الدينية في المناسبات المختلفة ذات الصلة، مثل فيلم "هجرة الرسول" الذي يعد أول فيلم ديني بالألوان، وذلك خلال الإحتفالات بهجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم، وبداية العام الهجري الجديد، أو فيلم "فجر الإسلام" والذي يعود تاريخ إنتاجه إلى عام 1971، للمخرج الراحل صلاح أبو سيف، والذي اعتبره كثير من النقاد السينمائيين، أهم فيلم ديني أنتجته السينما المصرية، على كل المستويات، السيناريو والإخراج والتمثيل.
فهل تستجيب وتتكاتف جميع الجهات المسؤلة عن تجديد الخطاب الديني كالأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف وغيرها من المؤسسات، ناهيك عن رجال الأعمال الشرفاء الذين يرغبون في الحفاظ على شباب البلاد من كل فكر متطرف، وينتجون مثل هذه الأفلام والمسلسلات الدينية مهما بلغت كلفتها من أموال لتكون استثماراً وتجارة رابحة لن تبور.