مع اقتراب تطبيق الاتفاق النووى ورفع العقوبات، تعيش طهران حالة من التفاؤل منحها إياها الاتفاق النووى المبرم مع الغرب (مجموعة 5+1) فى 14 يوليو 2015، والذى يحد من قدرة طهران النووية ليضمن سلمية برنامجها النووى، وقيام طهران بعدة خطوات للالتزام بالاتفاق، منها تخفيض عدد أجهزة الطرد المركزى لتخصيب اليورانيوم، وإرسال كل كميات اليورانيوم منخفض التخصيب إلى الخارج، وسحب قلب مفاعل الماء الثقيل الموجود فى موقع آراك النووى، وسكب مادة الإسفلت فى جزء كبير المفاعل، ما يؤكد أنها لم تعد قادرة على إنتاج البلوتونيوم، كلها خطوات تنتظر تأييد الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وسوف يمنح تقرير الوكالة الدولية الضوء الأخضر للرفع جزئيا عن العقوبات ضد إيران المعتمدة منذ عام 2006 من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة، وهو الخطوة النهائية والضرورية بالنسبة لوكالة الطاقة الذرية، للتأكد من أن طهران قد امتثلت لجميع الالتزامات السابقة لتنفيذ هذا الاتفاق التاريخى الذى يهدف إلى ضمان الطبيعة السلمية للأنشطة النووية الإيرانية.
إعلان طهران تطبيق الاتفاق النووى ورفع العقوبات بشكل كامل عنها أثار فى الأذهان تساؤلا حول تأثير هذا المنعطف التاريخى على الداخل الإيرانى المختنق بفعل العقوبات التى فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية ومجلس الأمن والإتحاد الأوروبى منذ 2006 والتى أثرت على الاقتصاد الإيرانى بشكل كبير، وعلى الحياة اليومية للشعب الإيرانى، كما أنه يثير تساؤلا حول النظرة الداخلية للاتفاق النووى بعد تحقيق هدفه وهو رفع العقوبات عن كاهل طهران.
إعلام إيران: تطبيق الاتفاق النووى نهاية للركود والتضخم والغلاء
تأثير تطبيق الاتفاق على البرنامج النووى حيث ستتمكن طهران من الاحتفاظ بالبرنامج النووى لكن بكفاءة أقل مما كان عليها، بعدما أرسلت اليورانيوم المخصب إلى الخارج وأوقفت أى تطور فيه يمكن إيران من امتلاك السلاح النووى، وسيمكنها فقط من الاستخدامات السلمية. ووفقا الخبير الإيرانى حسن بهشتى أن طهران ستستكمل أنشطتها النووية بكل قوة، وقال الكاتب الإيرانى حسن بهشتى فى صحيفة إيران: بعد تطبيق الاتفاق النووى ستعود الكثير من الأموال والأصول المجمدة خارج البلاد للشعب الإيرانى من كل من الهند والصين وكوريا الجنوبية والتى لم نكن نتخيل أنها ستعود مرة أخرى.
وبشأن الاقتصاد الإيرانى الذى حقق ركودا وتضخما غير مسبوقا خلال السنوات الماضية، حيث ارتفاع معدلات التضخم السنوية فى إيران إلى 40% بسبب العقوبات وانخفاض الاحتياطى الأجنبى بسبب العقوبات النفطية، فتطبيق الاتفاق يعزز آمال الإيرانيين بأن يتعافى اقتصاد بلادهم الذى يعانى جراء العقوبات الدولية، ومن المتوقع أن تتدفق على البلاد عشرات الشركات الأجنبية من أجل الاستثمار فى القطاع النفطى الذى يحتاج لاستثمارات بمليارات الدولارات من أجل إعادة إنعاشه ما سيؤدى إلى حرمان الحرس الثورى من المكاسب التى حققها فى سنوات العقوبات.
وقال الكاتب الإيرانى بهشتى: إن هذه الأموال ستمكن الحكومة من دفع جزء من ديونها، وستحقق ازدهارا جديدا فى الاقتصاد الإيرانى.
وأضاف المحلل السياسى الإيرانى محمد على وكيلى فى صحيفة ابتكار، سوف ترفع العقوبات الأوروبية وستحذف قرارات مجلس الأمن التى صدرت ضد إيران، وتنتقل أموال البلاد إلى الداخل، وينتهى ملف الـ PMD المعنى بحتمالية عسكرة الملف النووى، وقال الكاتب: إن العالم سيمد يده لصداقة طهران، وأن الطرق الملتوية والذرائع التى انتهجها الجيران بسبب الملف النووى سوف تنتهى، وقال إن الجهاز الدبلوماسى بعد إنهاء الملف النووى سيتفرغ للتركيز على القضايا الإقليمية والدولية، وبتجربته الناجحة فى التفاوض سيمهد الأرضية لحل كافة الصراعات الموجودة.
واعتبر وزير الثقافة الإيرانى على جنتى أن تطبيق الاتفاق النووى سيؤدى إلى انفتاح ثقافى، وقال جنتى: إن تطبيقه سوف يؤثر على البنية التحتية الثقافية داخل البلاد، وحدوث انفتاح ثقافى وفقا لصحيفة إيران.
رفع العقوبات سيعزز مكانة التيار الإصلاحى فى الانتخابات البرلمانية المقبلة
معضلة البرنامج النووى الإيرانى فى السنوات الماضية والعقوبات التى فرضت واحد تلو الآخر على الاقتصاد دفع الشعب الإيرانى لاختيار الرئيس المعتدل حسن روحانى المعروف بسعيه للانفتاح وتغيير قواعد اللعبة التى سار عليها الرئيس سلفه المتشدد، ونجاح روحانى أعطى أملا للإصلاحيين المعتدلين فى إعادة ترتيب صفوفهم بعد أن واجهوا تهميشا سياسيا السنوات الماضية، وسعى روحانى لحل الأزمة النووية خلال سنوات رئاسته، ونجاح رئيسا معتدلا مقربا من التيار الإصلاحى فى حل هذه العقدة مع دعم المرشد على خامنئى له، سيعزز مكانة التيار الإصلاحى الذى تزعمه الرئيس الأسبق محمد خاتمى ورئيس تشخيص مصلحة النظام هاشمى رفسنجانى، ويسعى روحانى منذ توقع الاتفاق فى يوليو العام الماضى للترويج إعلاميا بهذا الاتفاق ويكون فرصة تعزز من مكانة الاصلاحيين فى الانتخابات البرلمانية المقبلة ليتحول إلى أغلبية إصلاحية تساند الرئيس فى خطواته نحو الإصلاحات.