"التأمين الطبى الخاص فى مصر" بزنس كبير تتجاوز أرباحه المليارات، ولكى تدرك حجم أعماله الحقيقى يجب أن تعرف أنه بحسب الإحصائيات فقد تجاوزت أقساطه المباشرة لدى فروع النشاط الطبى بشركات التأمين أكثر من مليار جنيه مصرى، الأمر الذى اعتبره الخبراء رقمًا هزيلاً مقارنة مع ما يمكن أن يحققه هذا السوق من حجم أعمال، فهو بالكاد لم يصل إلى 10% من المرجو تحقيقه، كما يبلغ حجم الإنفاق على الرعاية الصحية فى مصر 120 مليار جنيه سنويًا 60% منها من نصيب القطاع الخاص، والذى يصل إلى أكثر من 70 مليار جنيه.
وتتجلى صورة الفوضى التى يعانى منها هذا القطاع، الأمر الذى جعل منه بزنس كبير يستحله الكثيرون بدعوى عدم وجود أى رقابة تشريعية حتى الآن تنظم أعماله، ولا عزاء للمواطن المصرى الذى يعانى الأمرين؛ أولها سوء خدمة الرعاية الصحية تحت مظلة التأمين الصحى الحكومى، وعدم تلبية احتياجاته كاملة، وثانيها وقوعه فريسة فى كثير من الأحيان للتأمين الصحى الخاص الذى تغيب عنه رقابة الدولة بحكم القانون.
يستعرض "انفراد" خريطة هذا النشاط الذى بدأ يتنامى فى السنوات الأخيرة نموًا ملحوظًا
يقول مصطفى الشيمى خبير بمجال التأمين الطبى: هناك أكثر من طرف يتعاملون فى هذا النشاط بداية من شركات التأمين التى بها فروع تأمين طبى، وهى المصرح لها بالعمل تحت مظلة ورقابة هيئة الرقابة المالية، والتى تسعى من ناحيتها لتلبية جميع متطلبات العملاء، كما أن لها ملاءة مالية عالية تمكنها من تحمل أى خسائر، ولكننا لا نعمل بمفردنا فهناك شركاء لنا وهم شركات الوساطة التأمينية الذين يؤدون دورهم وفقا لما حدده لهم القانون، من خلال تعاقدهم مع شركات التأمين كوسيط فى جلب العملاء وتقديم كافة المعلومات التى تساعدهم على اختيار أفضل البرامج التأمينية بالشركات.
وتابع الشيمى، لـ"انفراد"، ومع كبر حجم الأعمال ظهرت فى السوق كيانات خاصة دخلت سوق التأمين الطبى، أطلق عليها اختصارًا hmo أو شركات الرعاية الصحية، التى مارست هذا العمل بدون أى توافر للشروط والقواعد المتعارف عليها، وذلك من خلال تقديم برامج رعاية طبية للعملاء وتحصيل أقساط دون أن يكون عندها أى ملاءة مالية أو قدرة على تقديم خدمات جيدة، فسارعت إلى الكسب السريع، وعملت على ما يسمى بحرق الأسعار أو بمعنى آخر تخفيض أسعار الخدمات على حساب جودتها، فى ظل عدم وجود رقيب عليها، حيث إنها غير خاضعة بموجب القانون للمسائلة من جانب الهيئات الرقابية.
وأوضح الشيمى، الأمر الذى ترتب عليه سرعة إفلاسها وهروب أحد ملاكها بأموال المشتركين وعدم سداده للمستحقات المالية الواجبة عليه تجاه المستشفيات والمعامل، وما نطلق عليهم مقدمى الخدمة، بالإضافة الى سوء سمعة السوق وما زال الأمر مرهون بيد المشرع، ووفقًا لما علمناه فقد تم تعديل مواد القانون المتعلقة بنشاط التأمين، والذى سوف يتم تطبيقه بعد موافقة مجلس النواب لتعديل أوضاع مثل هذه الشركات.
ولفت الشيمى، إلى وجود شركات خاصة بإدارة الرعاية الصحية ويطلق عليها tpa، وهى شركات متخصصة فى الإدارة فقط وهى شريك أساسى لشركات التأمين لما لها من خبرة فى التعامل مع مقدمى الخدمة من مستشفيات ومعامل، ويجب التوسع فى أعمالها.
وأضاف أحد المصادر الذى رفض ذكر اسمه، أن شركات التأمين وخاصة الأجنبية كثيرًا ما تستهدف أصحاب الدخول المرتفعة، وهم القادرون على دفع أقساط التأمين الخاصة ولا توجد برامج حقيقية لمحدودى الدخلـ وما تم مناقشته حول التأمين الطبى متناهى الصغر، والذى يمكن أن يخدم أصحاب الدخول المنخفضة من العمال والفلاحين وأصحاب المهن الحرة منذ أكثر من سنتين لم يتم تفعيله أو طرحه مرة ثانية حتى الآن.
وأشار إلى أن شركات التأمين الجديدة تستهدف عملاء الشركات الكبرى ومتعددة الجنسيات وأصحاب المشروعات والاستثمارات الجديدة فى مصر.
وحول ظهور ما أسماه البعض ببوادر احتكار شركات عربية لسوق مقدمى الخدمة، أوضح أنه يوجد بالفعل ظاهرة احتكار منذ فترة تتمثل فى دخول مؤسسات عربية كبيرة تقوم بشراء المستشفيات الكبرى والمعامل وتتحكم بالأسعار، مما يضع شركات التأمين فى موقف صعب أمام عملائها، بحيث لا تستطيع التفاوض بما يخص الحصول على أسعار تنافسية فى ظل المالك الواحد الذى يقوم هو بالتسعير مع الإجبار لعدم وجود البدائل، وهذا ما نخشاه خلال الفترة المقبلة، وعلى الدولة أن تتدخل فى هذا الأمر.
ودلل بقوله، خير مثال على ذلك شركة أبراج كابيتال الإماراتية، والتى تعمل فى قطاعات عديدة منها القطاع الطبى، و قامت بالفعل بشراء سلسلة معامل البرج ودمجتها فى سلسلة المختبر، إلى جانب شراء مستشفى كليوباترا والقاهرة التخصصى، وهناك أيضًا مجموعة أندلسية واستثماراتها فى محافظة الإسكندرية، ومزيد من الصفقات التى لم يتم الإعلان عنها حتى الآن.