نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية مقالاً للكاتب الصحفى "باتريك كاكبرن"، يرصد فيه المعوقات التى تواجه الهدنة السورية، التى توصلت إليها كل من الولايات المتحدة وروسيا، فى سبتمبر الجارى، بعد مفاوضات ماراثونية حاولت إيقاف نزيف الحرب الأهلية الدائرة منذ ما يربو على خمس سنوات.
وسلط "كاكبرن" الضوء على ظاهرة التفجيرات الانتحارية، معتبراً إياها عنصراً حاسماً فى العديد من المعارك التى خاضتها التنظيمات المتطرفة، مثل "داعش" فى العراق و"القاعدة" فى سوريا، وأهم تحدٍ أمام استمرار الهدنة السورية.
وأكد "كاكبرن"، أن استخدام التنظيمات المتطرفة سلاح التفجير الانتحارى، إما عبر انتحاريين أو باستخدام سيارات ومدرعات مفخخة، رجح كفتهم فى العديد من المعارك، وقدرتهم على إقناع المتطوعين دون الحاجة إلى تدريب عسكرى لتفجير أنفسهم، فضلا عن تمكينهم من السيطرة على العديد من المناطق.
واستعرض "كاكبرن"، فى مقاله، كيفية انتصار تنظيمات، مثل داعش أو جبهة النصرة ـ يطلق عليه اسم تنظيم جبهة فتح الشام حالياً ـ فى معارك مهمة، مثل سيطرتهم على مدينة الرمادى العام الماضى بعد هجوم بسيارات مفخخة على دفاعات الجيش العراقى، الذى لم يستطع الصمود أمام الزحف الانتحارى، بالرغم من غلبته فيما يتعلق بالسلاح ودعم طائرات التحالف الدولى له.
وأضاف "كاكبرن"، أن التفجيرات الانتحارية ذات تأثير وتمنح التنظيمات الإرهابية توازناً فى مواجهة الأسلحة المتطورة، حتى فى حالة إخفاقها، فهى تبطئ من تقدم القوات المناوئة للتنظيمات المتطرفة، مستشهداً بالخنادق التى حفرت حول مدينة الموصل لمنع وصول الانتحاريين إلى دفاعات المدينة، والتى مثلت فى مرحلة ما عائقاً أمام تحركات الجيش العراقى.
وأشار "كاكبرن" إلى حقيقة استبعاد جبهة النصرة من اتفاق الهدنة السورية، الأمر الذى يشكل تحدياً كبيراً لاستمرار الهدنة، فالتنظيم الذى يعتبره "كاكبرن" الأقوى داخل الساحة السورية - فى الكتلة المسلحة المعارضة لتنظيم بشار الأسد بعيداً عن داعش - يسيطر على أغلبية التنظيمات المعارضة المسلحة، ولا يوجد لديه حافز للاشتراك فى هدنة يعلم التنظيم جيداً أنها تستهدف بقاءه.
وأوضح "كاكبرن" أن وجود التنظيمات المتطرفة وبزوغ نجمها فى الحرب الدائرة بالعراق وسوريا له العديد من الأسباب، أولها التزام أفراد التنظيم الأيديولوجى، ودعمه من قبل دول سنية كبرى مثل تركيا، وغنية مثل قطر، وإجادة استخدامهم لعنصر التفجير الانتحارى مضافاً إليه تكتيكات عسكرية تزيد من ضراوته.
تلك العوامل جعلت التنظيمات المتطرفة المتحكم الأول فى سير المعارك ضد نظام بشار الأسد، وفقاً لـ"كاكبرن" الذى أشار إلى تقرير أصدره البنتاجون عام 2012 أفاد بأن المحرك الرئيسى للمعارك فى سوريا والعراق هم السلفيون والإخوان المسلمون وتنظيم القاعدة فى العراق، نواة ما يسمى اليوم بـ"داعش".
ويرى "كاكبرن" أنه بالرغم من تلك المعوقات، فإن الهدنة قد يكتب لها النجاح، إذا تمكنت روسيا وأمريكا من الضغط على حلفائهما فى المنطقة لعدم دعم التيارات المتحاربة فى سوريا، مثل إيران والجيش السورى وحزب الله فى حالة روسيا، وتركيا وقطر والسعودية فى حالة الولايات المتحدة.