استطاع حزب البديل من أجل ألمانيا المعادى للإسلام ولسياسة اللاجئين تحقيق فوز فى الإنتخابات المحلية فى برلين، والتى تعتبر الولاية العاشرة التى يحقق فيها الحزب نجاحه حيث استطاع الدخول إلى برلمانها، وقالت رئيس الحزب فراوكة بيترى "بدأ العد التنازلى للانتخابات البرلمانية الإتحادية فى الخريف القادم".
وأستطاع حزب اليمين المتطرف من استقطاب العديد من الناخبين وزعزعة مكانة الأحزاب التقليدية، وبالتالى فإن نتائج الانتخابات فى برلين أظهرت أن زمن سيطرة الأحزاب الكبرى قد ولى ، حيث أن هذه الأحزاب استطاعت أن تستأثر بالحكم لفترات طويلة ، وأصبحت ألمانيا عليها الاستعداد للتكيف مع حضور فعال للأحزاب مثل الخضر واليسار ، وهذا لن يكون سهلا ، حيث أنه سيكون من الصعب الحكم خلال السنوات المقبلة.
ويريد حزب البديل تحقيق نجاحات فى انتخابات ثلاث ولايات أخرى ستجرى قبل انتخابات البرلمان الألمانى (بوندستاج) القادمة، كل شىء يبدو ممكنا بعد انتخابات برلين.
على الرغم من كل الانتقادات، يقول المراقبون إنه لا يوجد، حتى الآن على الأقل، بديل جدى لمنصب المستشارية غير ميركل، وعلى الرغم من الأزمات، لا تزال تحظى بثقة الأكثرية المطلقة، ومنها من الحزب الاجتماعى المسيحى الذى يحاول بين الحين والآخر التمايز بمواقفه عن حزب ميركل.
ومن المرجح أن تضاعف المستشارة جهودها، خلال الأشهر المقبلة، لدفع قضايا مهمة إلى الأمام، والتركيز على الأمن الداخلى وربما الإعلان عن تخفيضات ضريبية فى ظل انتعاش اقتصادى ملموس.
ومن المتوقع أيضا أن تفتح ميركل النقاش حول سياسة التقاعد، وإعادة تصويب التوجهات العامة وتوقيع اتفاقات لإعادة اللاجئين إلى دولهم أو دول أخرى، وإعطاء الأولوية لحملة الانتخابات الفيدرالية المقبلة بدلا من التلهى بعناوين فضفاضة، كالتى تم اعتمادها من قبل حزبها خلال الحملة الانتخابية، ومنها حظر البرقع أو وضع حد للجنسية المزدوجة.
فراوكة بيترى
وقالت بيترى بعد يوم من هذه الانتخابات "إن الحزب الاشتراكى لم يعد حزب المواطنين البسطاء" أما عن الحزب الديمقراطى المسيحى، حزب المستشارة أنجيلا ميركل، فاعتبرت بيترى أن الوضع فى برلين تغير وأن حزبها بات يحتل مكانة حزب ميركل.
ميركل
أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فإنها لم تتنصل من مسئوليتها فى النتيجة المخيبة لحزبها فى هذه الانتخابات، حيث قالت "أنا رئيسة الحزب ولا أتهرب من المسئولية".
ويبدو أن ميركل تشعر بالندم تجاه سياستها تجاه اللاجئين حيث قالت لو كان بمقدورها أن تعيد عجلة الزمن إلى الوراء لتصرفت بشكل مختلف، وأنها كانت ستشرك كل المسئولين عن ملف اللجوء فى قرارها الذى اتخذته فى مثل هذا الوقت من العام الماضى.
ويرى خبراء فى الشئون الداخلية السياسية الألمانية أن الأحزاب التقليدية فى ألمانيا تحتاج إلى خطوات واقعية، بعد ما أصبح البديل من أجل ألمانيا موجودا فى أكثر من نصف برلمانيات الولايات وفى برلين، ودخل إلى الحياة السياسية كما حدث فى دول أوروبية آخرى،بسبب استفادتهم من سياسة اللجوء التى تهيمن على جدول الأعمال السياسية، واستطاع مؤيدو الحزب تحريك مشاعر القلق من تزايد أعداد المهاجرين.
وقال مرشح الحزب الديمقراطى المسيحى جيورج باتسديرسكى، الذى فقد حزبه جزء لا بأس به من أصوات الناخبين مقارنة بالدورات الانتخابية السابقة، تحدث بلهجة تصالحية وقال "لا نريد أن نكون معارضة مواجهة" وتابع معلقا على ما حصل عليه حزب البديل من أصوات بقوله إن "تحليل نتائج الانتخابات تشير إلى أن حزب البديل هو أكبر مشروع ديمقراطى خلال السنوات العشر الأخيرة".
ومن جهة آخرى، يطالب المؤيدون لسياسة المستشارة بمواجهة الحملات، التى يعتمدها حزب البديل، انطلاقا من أن ميركل لم تستدع اللاجئين إلى البلاد، إنما هؤلاء الناس كانوا عالقين ضمن الأراضى الأوروبية وأن المبادئ تحتم التعامل بإنسانية معهم فى تلك الظروف، بالإضافة إلى ذلك، يدعو هؤلاء إلى ضرورة التذكير بما تم تحقيقه فى السنوات الأخيرة، ومنها فى ملف اللاجئين.
أسباب تقدم اليمين المتطرف
يرى خبراء أوروبيون أنه لا يمكن تفسير النجاح الانتخابى للأحزاب الشعبوية، باعتباره نتيجة لرفض سياسة اللجوء والانتقادات المتزايدة للحكام، بل جاءت كرد فعل على فقدان سيطرة الحكومات الاتحادية على قضية اللاجئين، وتتجه هذه الأحزاب، على ما يبدو، إلى تحقيق نتائج جيدة فى الانتخابات التى ستجرى قريبا فى إيطاليا وإسبانيا، وترجيح وصول رئيس شعبوى فى الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية فى النمسا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الأزمات الاقتصادية وحالة الركود الذى أصاب البلدان الصناعية القديمة، ساهمت بارتفاع معدلات البطالة بين جيل من الشباب الأوروبيين، وانخفاض حقيقى فى الدخل، وأدت إلى تغييرات فى توزيع الثروات وتزايد نسبة المتقاعدين وتفاقم مشكلة سوق العمل والسكن، فضلا عن نظام العولمة والتغير التكنولوجى الذى يهدد نظام الأعمال التقليدية.
ولكن أزمة اللاجئين ونتائجها على رأس العوامل، التى ساهمت فى زيادة حضور الأحزاب اليمينة المتطرفة،خاصة بعدما حاولت ألمانيا إجبار جيرانها من الأوروبيين على التضامن وفرض نظام الحصص.