"الفرح حلو مفيش كلام".. كل منّا ينتظره.. يحلم بيوم زفافه أو زفاف ابنه او ابنته.. ينتظره سنوات طويلة ويتخيل كل تفاصيله ويرتب لكى يكون هذا اليوم فرحة العمر وأجمل أيامه، ولكن هل تخيل أى منا ولو للحظات أن يتحول هذا الحلم الجميل إلى كابوس مرعب تسيل فيه الدماء وتزهق فيه الأرواح، وتنطفئ أنوار الفرح ليتحول إلى مآتم وسرادق عزاء.
هكذا تحولت بعض الأفراح إلى مآتم وكوابيس بسبب أفعال بعض المعازيم أو أصحاب الفرح الذين أطفأوا أنوار الأفراح بأيديهم وبعادات مجنونة، حولت الفرح إلى مآتم والسعادة إلى حزن وحصدت أرواح الأبرياء.
وخلال الأسبوع الماضى وقع عدد من الحوادث البشعة التى راح ضحيتها عشرات الأبرياء بسبب إطلاق الأعيرة النارية أو استعراض السرعة الجنونية للسيارات والدراجات البخارية أثناء زفة العروسين.
"روضة" و"أسماء" و"شروق" ثلاث فتيات فى السنة النهائية بكلية الطب كن ضحايا للاستهتار واستعراض السرعة فى زفة عروسين، على الرغم من أنهن لم يكن من أصحاب الفرح أو المدعوين، ولكن القدر شاء أن يخرجن من أحد المطاعم فى نفس اللحظة التى تمر فيها زفة عروس، ليصدمهن أحد الشباب المشاركين فى الزفة بسيارته التى لم يستطع التحكم فى سرعتها، فدهس الفتيات الثلاثة ولقين مصرعهن فى الحال.
وقبل هذا الحادث بيوم واحد لقى طفل عمره 8 سنوات مصرعه وأصيب 7 أخرون فى حادث انقلاب سيارتين بسبب السرعة الجنونية فى زفة عروسين بمرسى مطروح، وتكرر نفس السيناريو خلال يومين، حيث لقى 5 أفراد من أسرة واحدة بينهم رضيع مصرعهم وأصيب 19 أخرون بينهم العريس، بسبب تصادم عدد من السيارات أثناء استعراض السرعة فى زفة عروسين بدمياط. وفى محافظة قنا لقى شقيقان مصرعهما وأصيب 4 أخرون، بسبب انقلاب سيارة ملاكى لنفس السبب.
ولا تقتصر حوادث السرعة الجنونية والاستعراضات القاتلة أثناء حفلات الزفاف والخطوبة على السيارات فقط، ولكن الأخطر استعراضات الدراجات النارية، التى يرتجف قلبك حين ترى الشباب فوقها يقومون بحركات بهلوانية خطيرة أثناء الزفة، وهو ما راح ضحيته أحد العرسان فى منطقة إمبابة فى ليلة الحنة، حيث اصطحبه أصدقاؤه إلى بيت العروسة بزفة دراجات نارية، وفى الطريق قاموا بعمل بعض الاستعراضات التى كانت نتيجتها وفاة العريس بسبب سقوطه لمسافة بعيدة واصطدام رأسه بالأسفلت.
تخيل وفاة عريس تنتظر أمه يوم فرحه منذ مولده بسبب التهور والعادات والبدع السخيفة التى تزعج المارة وقائدى السيارات وتربك الطريق وتسبب كوارث، ومنها ما حدث منذ أيام حيث لقى شاب من كفر الشيخ مصرعه أثناء مشاركته فى حفل زفاف وقيادته دراجة نارية، ابتهاجا بفرح صديقه.
أما عن الكوارث والحوادث التى يسببها إطلاق الأعيرة النارية فى الأفراح فحدث ولا حرج، حيث تطالعنا الأخبار يوميا بوفيات وإصابات بسبب الطلقات الطائشة فى الأفراح، ومع ذلك ما زالت هذه الجريمة تتكرر يوميا.
وخلال الأيام القليلة الماضية سقط العديد من الضحايا بسبب الطلقات الطائشة فى الأفراح، أغلبهم أطفال ومنهم من نالته رصاصات أطلقها والده، حيث لقيت طفلة 8 سنوات مصرعها بطلق نارى فى الرأس فى حفل زفاف بأسيوط أثناء وقوفها فى شرفة منزلها، كما لقيت طفلة مصرعها بطلق خرطوش فى حفل زفاف بقرية الدنابيق بمحافظة الدقهلية، ولقى شاب مصرعه وأصيب 3 آخرون بسبب إطلاق النار فى حفل زفاف بقرية ميت سهل بمنيا القمح شرقى، ولقيت طفلة عمرها عامان مصرعها، بسبب طلق نارى بحفل زفاف فى بنى سويف، وتوفى طفل بطلق نارى فى الفيوم فى حفل زفاف.
كل هذه الحوادث وقعت خلال أيام القليلة الماضية، بينما سبقها حوادث أخرى كان العريس أحد ضحاياها، حيث سقط عريس فى حفل زفافه بالمنيا برصاص أحد المعازيم، كما لقى طفل عمره 12 عاما مصرعه برصاص والده الذى أطلقه ابتهاجا بزفاف أحد أقاربه.
ولا يقتصر استخدام الأعيرة النارية فى الأفراح على محافظات الصعيد بل تمتد إلى القاهرة ومحافظات الوجه البحرى، ليسقط ضحاياها بطول مصر وعرضها، حيث لقيت فتاة مصرعها بطلق نارى فى حفل زفاف بالبساتين، وسقط عشرات الضحايا بسببها فى أفراح أخرى بالعمرانية والمحلة وكفر الشيخ وكل محافظات مصر.
هذه الممارسات السخيفة والطائشة تحتاج إلى إجراءات رادعة لمنعها وإجبار من يمارسونها على التخلى عنها، وتحتاج إلى أن يفكر كل منا ألف مرة ويحذر نفسه ومن يدعوهم لمشاركته فرحته من ارتكابها إن أراد أن تكتمل فرحته، فمن منا يريد أن يتحول يوم فرحه إلى كارثة ومأتم، وأن تتسبب هذه الممارسات فى قتل فرحة العمر وإزهاق أرواح الأبرياء.