وقعت الوفود الفنية لكل من مصر والسودان وإثيوبيا، الثلاثاء، بشكل نهائى، عقود الدراسات الفنية لسد النهضة الإثيوبى، مع المكتبين الاستشاريين الفرنسيين، والمكتب القانونى الإنجليزى "كوربت"، وذلك فى احتفالية أقيمت بالخرطوم ضمن الاجتماع الثانى عشر للجنة، بحضور كافة أعضاء اللجنة الوطنية ووزراء المياه من الدول الثلاث .
وشهد التوقيع وزراء الموارد المائية والرى والمياه بمصر والسودان وإثيوبيا، الدكتور محمد عبد العاطى والسفير معتز موسى والدكتور موتو باساتا، والسفير المصرى لدى الخرطوم أسامة شلتوت، بجانب ممثلى شركتى "بى آر إل" و" أرتيليا" الاستشاريتين الفرنسيتين، المكلفتين بإجراء الدراسات الفنية لسد النهضة، والمكتب القانونى الإنجليزى "كوربت"، وأعضاء السلك الدباوماسى والقنصلى بالدول الثلاث.
ورأس الوفد الفنى المصرى فى اجتماعات اللجنة وجلسة التوقيع، ووقع على العقود، المهندس أحمد بهاء رئيس قطاع مياه النيل بوزارة الموارد المائية والرى، والجانب السودانى الدكتور سيف الدين حمد، والإثيوبى الدكتور جودين أصفاو.
وحظيت احتفالية توقيع العقود بتغطية واسعة، من الصحف ووكالات الأنباء ووسائل الإعلام والفضائيات المصرية والسودانية والعالمية، باعتباره حدث تأخر لسنوات طويلة وكان من المفترض أن يتم اجرائها قبل البدء فى تنفيذ السد، إلا أن اديس أبابا استغلت الوضع الداخلى لمصر عقب ثورة 25 يناير وأعلنت عن بنائه، وشهدت العلاقات ما بين القاهرة وأديس أبابا مرحلة طويلة من الشد والجذب والخلافات حتى تم التوافق على تنفيذ الدراسات عقب تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسى فور توليه الحكم لتبدأ مرحلة جديدة من التعاون بين الدول الثلاث.
"انفراد" رصدت فعاليات التوقيع، وأجواء الاجتماعات التى وصفها الدكتور علاء الظواهرى عضو اللجنة الوطنية لسد النهضة أنها تسير فى جو يخلو من التوتر مشيراً الى أن ذلك يعد أسهل الاجتماعات التى عقدت منذ انطلاق أعمالها فى عام 2014.
وأكد الدكتور علاء الظواهرى عضو اللجنة الفنية الثلاثية لسد النهضة الأثيوبى، أن مصر هى رئيس الدورة المقبلة فى اللجنة، مشيراً الى أن الاجتماع الثالث عشر سيعقد فى القاهرة خلال الفترة المقبلة.
وكشف مصدر مسئول باللجنة الوطنية لدراسات سد النهضة عن تفاصيل المرحلة القادمة، حيث أكد أن الدراسات ستمر بما يقرب من 7 مراحل زمنية هامة تبدأ من الأسبوع المقبل بإرسال المخصصات المالية للمكتب المالى والقانونى كوربت ثم تقرير "استهلالي" عقب شهرين من بدء اطلاق الدراسات الفنية، سيتم بعدها عقد اجتماع للجنة الوطنية الثلاثية بالقاهرة، يتضمن الرؤية الأولية للدراستين، وفقا لما تم الحصول عليه من دراسات من الدول الثلاث والزيارات الأولية لمواقع تنفيذ الدراسات.
وأوضح أنه سيتم عقد اجتماع شهرى لمناقشة التقارير الفنية التى يعدها المكتب الاستشارى بشكل منتظم ومراجعة ما تم الاتفاق عليه فى عقود تنفيذ الدراسات التى جاءت فى 200 صفحة، مشيرا إلى أنه سيتم أيضا اعداد تقارير دورية كل ثلاث اشهر، يجتمع خلالها أعضاء اللجنة الوطنية لمناقشة وتطبيق مخرجاتها اذا تطلب الأمر.
وأضاف أنه فى نهاية تنفيذ الدراسات فى أغسطس المقبل سيعقد اجتماع نهائى لتطبيق نتائج الدراسات الفنية التى سيتحدد وفقا لها قواعد الملء والتخزين الأول للسد وفقا لاتفاق إعلان المبادئ الموقع من زعماء الدول الثلاث فى مارس 2015.
أكد أن اتفاق اعلان المبادئ هو المحدد والإطار الذى يتم وفقا له تنفيذ الدراسات، وخاصة ما نص علية الاتفاق من احترام مخرجات الدراسات، بما فيها الالتزام بتنفيذ الدراسات خلال 11 شهرا فقط ما لم يستجد ما يعرقل عمل المكاتب من أحداث.
وعن تعديل أبعاد السد أوضح أن الدراسات لن تحدد حجم السد ولكن ستحدد قواعد الملء الأول للخزان وفقا للمرحلة التى يمر بها الفيضان فى الهضبة الاثيوبية وقواعد التفريغ للخزان والتى سترتبط فى مجملها بالخزانات والسدود فى مصر والسودان.
وأكد أن الدراسة الأولى ستنتهى فى وقت قريب وهى المتعلقة بالنمذجة الرياضية لسريان المياه وتأثير السد على عملية الفيضان ووصول المياه الى مصر والسودان، مشيرا الى ان الدراسة الثانية وهى المتعلقة بالأثر البيئى والاجتماعى والاقتصادى على شعوب الحوض وستنتهى لاحقا للدراسة الهيدروليكية.
ولفت إلى أن الملف يحظى باهتمام كافة المسئولين بالدولة المصرية بداية من الرئيس عبد الفتاح السيسى والمهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية والرى، والجهات السيادية المعنية، ويتم مناقشة كل كبيرة وصغيرة بالملف، قبل وبعد الاجتماعات، مؤكدا ان أعضاء اللجنة عقدوا اجتماعات متتالية لمناقشة تفاصيل الاتفاق الموقع، والذى جاء فى 200 صفحة تمت مراجعتها خلال عطلة عيد الأضحى التى قضاها أعضاء اللجنة فى الاجتماعات.
وقال الدكتور محمد عبد العاطى، وزير الموارد المائية والرى، إن توقيع عقود الدراسات الفنية لسد النهضة، الذى تم اليوم، حدث تاريخى انتظرناه كثيرا بعد مداولات طويلة، مضيفا إن أحلامنا أكبر من ذلك، نحو تحقيق التكامل الإقليمى، والتعاون بين مصر والسودان وإثيوبيا، لتنمية الدول الثلاث، وتقليل الفاقد من الطاقة الكهربائية .
وأضاف فى كلمته، أن التوقيع يتوج مجهودات كبيرة، بذلت منذ سنين مضت، قائلا: لقد واجهنا معا تحديات كبيرة، ولكن نجحنا فى التغلب عليها، من خلال بذل الجهد، وإبداء المرونة.
وأكد عبد العاطى أن الدول الثلاث لديها الرغبة والالتزام، للاستمرار فى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، معتمدين على الأجواء الإيجابية، لمواصلة ما تم بناؤه وتحقيقه، معربا عن أمله فى أن يقوم أعضاء اللجنة الثلاثية، والشركات المختارة، بإنجاز الدراسات المطلوبة، طبقا للمعايير الدولية، ووفقا للجدول الزمنى المتفق عليه .
وأوضح عبد العاطى، أن الشركتين سوف تقومان بإجراء الدراسات التى أوصت بها اللجنة الدولية للخبراء، وهما نمذجة الموارد المائية والكهرومائية، وتقييم الأثر البيئى والاجتماعى والاقتصادى العابر للحدود .
ومن جانبه أكد معتز موسى وزير الموارد المائية والرى والكهرباء السودانى إن التوقيع على عقد الدراسات الإضافية التى أوصت بها لجنة الخبراء العالمية لسد النهضة الأثيوبى، يعد خطوة مهمة ومرحلة مفصلية تجسد توافق الدول الثلاثة والتنسيق لتحقيق الأهداف المنشودة لسد النهضة والشأن المائي.
وأضاف موسى فى كلمته، أن المرحلة المقبلة ستشهد تفاهماً أكبر من الدول الثلاث بعد أن يكون السد واقعاً بعد الملء والتخزين والانطلاق لآليات التشغيل ثم الدخول فى طور تقييم النتائج مشيراً إلى عقد الدراسات الإضافية للشركتين الاستشاريتين الفرنسيتين يهدف إلى دراسة آثار سد النهضة الأثيوبى على دولتى المصب.
وأوضح موسى أن التفاهمات المؤسسة بين الدول المعنية واللقاءات والتعهدات توجت فى مارس الماضى بإعلان الخرطوم للمبادئ الذى أسس لهذا التوقيع، مؤكداًأن السودان ملتزم بالتعاون مع مصر وإثيوبيا، لكى تطبق الدراسات الفنية لسد النهضة بفاعلية،تحقق مصالح الدول الثلاث، و أن المرحلة المقبلة سوف تشهد تفاهما أكبر بينها، حيث تعزز هذه الدراسات الفكر والعمل المشترك.
وقال موسى، إننا تجاوزنا كافة التحديات، ومن الممكن أن نعمل متضامنين،لإنجاز مشروعاتنا المشتركة، مشيرا إلى أن التوقيع يعتبر مثالا على أن الخلافات من الممكن أن تقود للجلوس معا والتعاون، مؤكدا أنه بداية لمرحلة جديدة من التعاون، فى سبيل توفير كافة المعلومات، للشركتين الاستشاريتين، لتمكينها من إكمال الدراسات بطريقة مهنية محترمة .
وتابع موسى، أن فترة الـ ١١ شهرا المخصصة للانتهاء من الدراسات، ينبغى أن تستغل كاملة، لإجراء دراسات نهائية محكمة الإعداد، ترضى جميع الأطراف، مؤكدا أن العمل سيكون علمى بحت، وأن الدراسات سوف توفر المعلومات التى تحتاجها الدول الثلاث، معربا عن تفاؤله بأن تنجح الدراسات وتحقق أهدافها .
فى السياق ذاته قال الدكتور موتوا باسادا وزير المياه والكهرباء الاثيوبى، أن العلاقات المصرية السودانية الاثيوبية سوف تكون أكثر قوة ومتانة مستقبلاً عقب توقيع العقود الفنية مع الشركتين الاستشاريتين الفرنسيتين المعنيتين بتنفيذ الدراسات الفنية لسد النهضة.
وأكد باسادا فى كلمته على ضرورة انخراط المكاتب الاستشارية فى تنفيذ الدراسات الفنية لمشروع سد النهضة وعدم تأثير دهاليز "السياسة" على عملها على مدار 11 شهرا، وبذل الجهود الواقعية وأن لا تخدع بعضنا البعض والتركيز على الجوانب الفنية وعدم الدخول فى الدهاليز السياسية وعدم التوجه الى وجهة لا نريدها واعتقد ان الدول الثلاثة تدعم هذه الثقة من أجل بذل الجهود للتنمية ومكافحة الفقر والتكامل الإقليمى بين مصر والسودان وأثيوبيا.
وأضاف باسادا، أن توقيع العقود مع المكتبين الاستشاريين "بى ار ال " و"ارتيليا" جاء كنتيجة الجهود التى قامت بها اللجنة الوطنية لسد النهضة والتى ضمت خبراء ومسئولين من مصر والسودان وأثيوبيا وهو ما يمكننا من إبرام الاتفاق بالعاصمة السودانية الخرطوم مشيرا إلى أن العاملين الماضيين شهدت مناقشات مطولة تم خلال تقديم المقترحات الفنية وإعداد الوثائق اللازمة قبل ابرام العقود واصفا حفل التوقيع بين الدول الثلاثة بأنها تتويج لعملية بناء الثقة والتزامها باتفاق المبادئ الذى وقعه قادة مصر والسودان وأثيوبيا وهو ما كان أحد أدوات الاستيراد لأعمال اللجنة والمفاوضات الماضية.
ولفت الوزير الأثيوبى أنه من حسن الطالع ان الدول الثلاثة وضعت الوثائق واللوائح والإجراءات اللازمة لعمل المكتبين الاستشاريين لتنفيذ الدراسات الفنية من خلال اللجان الوطنية الدول الثلاثة كأحد واجبات هذه اللجان التى قامت بواجبها مشيرا إلى أن التوقيع على بدء الدراسات الفنية هو خطوة جدية لتتأكد من نتائج الدراسات وعمل السيناريوهات اللازمة لتحقيق المصالح المائية المشتركة الدول الثلاثة.
وأشار إلى أهمية حسن النية والرغبة ويجب أن نضمن خلال مراحل الدراسات ان تتحرك وفقا لإعلان المبادئ والوثائق اللازمة لتنفيذ الدراسات دون ان يتسبب ذلك من الاضرار بأى دولة من الدول الثلاثة وان يتم الاستفادة من الدراسات الفنية فى التعاون بين مصر والسودان وأثيوبيا لإدارة المياه العابرة للحدود وتكون نموذجا للتعاون بين الدول المتشاطئة الأنهار الدولية.
وكشف وزير المياه الأثيوبى عن انه فى حالة تأكيد الدراسات الفنية لسد النهضة لحدوث أية أضرار لمصر والسودان فإنه سيتم التنسيق المشترك بين الدول الثلاثة على تنفيذ سيناريوهات للتخفيف من هذه الاضرار مشيرا إلى انه لا توجد أية علاقة بالعمل فى المشروع الأثيوبى حاليا والدراسات الفنية لأنها مسار آخر يختلف عن مسار الانشاءات بالمشروع.
وشدد الوزير الأثيوبى على انه لا توجد لدى بلاده أية رغبة فى الاضرار بالمصالح المائية لمصر مشيرا إلى اهمية ان تكون لدى الدول الثلاثة الرغبة فى العمل من القلب الانتهاء من الدراسات الفنية بما يحقق مصالح شعوبنا فى تحقيق التنمية المستدامة ومكافحة الفقر.
وأعرب عن أمله فى أن يكون التوقيع على عقد الدراسات الفنية طريقا جديدا لتقوية العلاقات بين الدول الثلاثة لتحقيق كيان اقتصادى يجمع الشعوب على إرادة المصلحة المشتركة فى إطار مبادئ ان الجميع رابحون ولا خاسر من أية علاقات او مشروعات.
والتقى الرئيس عمر البشير بوزراء المياه الثلاث، الدكتور محمد عبد العاطى، وزير الموارد المائية والرى المصرى وموتوا باسادا وزير المياه الاثيوبى والسفير معتز موسى وزير الكهرباء السودانى، للاطلاععلى ماتم بشأن المفاوضا حتى التوقيع على عقود الدراسات الفنية الذى تم اليوم الثلاثاء، فضلا عن التطرق لعدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك بين الدول الثلاث.