عززت المملكة العربية السعودية، من مكانة المرأة، حيث تبوأت مؤخرًا العديد من المناصب القيادية، "وولى زمن تهميش المرأة السعودية إلى غير رجعة"، حتى وصلت إلى منصب "نائب وزير"، ووكيل وزارة، وعضوية مجلس الشورى، إضافة إلى حقها فى الترشيح وحق الانتخاب للمجالس البلدية، ومسئولية الإدارات العليا فى المؤسسات الحكومية، وكذلك المشاركة فى الهيئات والمنظمات والجمعيات واللجان المحلية والدولية.
ورأت المملكة بين حزمة من الأمانى والأحلام، لا تغيب صورة المرأة عن المشهد السياسى الذى تطمح إليه؛ فهى تغازل بأحلامها الجلوس على طاولة مجلس الوزراء، حتى وإن كان ذلك بمسمى "وزيرة دولة"، مستندةً فى ذلك على ثقة "القيادة" فى حضورها اللافت فى عدة مناسبات دولية ومحلية، كانت بمثابة المحك الذى أثقل تجربتها لتمثّل وطنها خير تمثيل، وتشارك فى صناعة القرار.
وقالت الدكتورة هيا عبد العزيز المنيع عضو مجلس الشورى فى اللجنة الاجتماعية للأسرة والشباب، إن جلوس المرأة على طاولة مجلس الوزراء أمل تنظر إليه الكثير من النساء بمنظور الممكن، ويحق لنا توقع قرب ذلك، مع استمرار عملية تمكين المرأة، من خلال تعيينها نائبةً لوزير التعليم، ومديرة لأكبر جامعة نسائية فى الشرق الأوسط، إلى جانب كونها قيادية بمرتبة عليا فى القطاع الصحى والاجتماعى، ثم الخطوة غير المسبوقة بتعيين (30) سيدة فى مجلس الشورى مؤسسة صناعة التشريع.
وأضافت "عبد العزيز"، أنّه قبل سنتين تقريباً، لم يكن متوقعاً أن تجلس سيدة تحت قبة مجلس الشورى، ولكن اليوم تحقق، بل إن إحدى السيدات وهى د. لبنى الأنصارى اعتلت المنبر فى إحدى الجلسات لتقرأ تقرير إحدى الأجهزة باعتبارها نائباً لرئيس اللجنة الصحية، مؤكّدةً أن الأمانى فى عالم المرأة تجاوزت الحلم إلى الواقع، متوقعةً حضور المرأة بقوة أكثر فى المؤسسة التنفيذية، من خلال المشروع الوطنى للتنمية على استثمار الكفاءات الوطنية، والواقع يشهد أن الجميع يعمل بجد على تجاوز خطوط إقصاء المرأة.
وفى الوقت نفسه، تساءل الدكتور محمد آل زلفة" عضو مجلس الشورى الأسبق، "من كان يتصور أن تحقق المرأة هذه الإنجازات المتسارعة والناجحة؟"، موضحاً أن من جعلها عضوة بمجلس الشورى ونائبة وزير ومديرة جامعة قادر على أن يزف إليها خبر انضمامها عضواً بمجلس الوزراء، لافتاً إلى أنّها خطوات خطتها المرأة بشكل متقدم فى ظل قيادة واعية لأهمية دورها ومكانتها بالمجتمع، والذى فى أغلبيته لا يعارض تقدمها.
وأضاف أن وصول امرأة لمجلس الوزراء سيساهم فى سماع صوت نصف المجتمع فى اتخاذ القرارات، ورسم السياسات المبنية على صاحبات الخبرة، والمعرفة، والعلم، والثقة.
مشاركة المرأة السعودية فى الانتخابات
وفى نفس السياق، رأت الدكتورة سمر السقاف مديرة قسم البرامج الطبية فى الملحقية الثقافية بواشنطن، أن المملكة استطاعت تدريب المرأة وتمكينها عبر إلحاقها بالتعليم العالى والابتعاث، والاشتراك بالمحافل الدولية، والملحقيات والبعثات الدبلوماسية، وتبوئها المناصب العليا، كنائب وزير ومدير عام؛ مما رفع درجة جاهزيتها للتمثيل الوزارى ليبقى الاختيار الجيد، مشيرة إلى أن دراسات كثيرة أثبتت أن المرأة عند تمكينها من المناصب القيادية تنجح فيها، ولكنها تحتاج لدعم الدولة والجميع، إعلامياً، واجتماعياً، وسياسياً، فالمرأة السعودية لا تقل عن نظيرتها الخليجية والعربية.
ومن جهتها، اعتبرت الدكتورة ماجدة أبو راس أستاذ مساعد بقسم التقنية الحيوية بجامعة الملك عبدالعزيز ونائب المدير التنفيذى المكلف لجمعية البيئة السعودية، أن انضمام المرأة لمجلس الشورى بمثابة التمهيد التدريجى لدخولها مجلس الوزراء، حيث استقطب فى مجلس الشورى الكفاءات وبتخصصات مختلفة وبنسبة كبيرة، ليكون بداية لفتح الباب لجلوسها إلى طاولة مجلس الوزراء، لافتةً إلى أن اختيار الوزير سيخضع لمعايير أشمل وأقوى، فهى ستحمل حقيبة وزارية، ولابد أن تكون متخصصة وعلى كفاءة عالية، وخبرة إدارية قوية، وقائدة تستطيع قيادة وزارة بأكملها، وقادرة على وضع استراتيجيات على مستوى الوطن، تتماشى مع الإستراتيجيات الدولية، ولابد أن يكون لها تواجد عالمى - من وجهة نظرها.
وشددت "سهيلة زين العابدين" عضو جمعية حقوق الإنسان، على أنّه ليس بمستبعد حسم الجدل الدائر حول المرأة والذى يثار بين الحين والآخر، حيث أن الفتاة السعودية أصبحت تمنح بعثة خاصة بها فى أعرق الجامعات، وهذا يحدث للمرة الأولى فى تاريخ المملكة.
برنامج التحول الوطنى وتعزيز مكانة المرأة
كما فتح برنامج التحول الوطنى 2020 الذى اقرته حكومة المملكة العربية السعودية مطلع يونيو الجارى الباب مجددا من أجل تعزيز دور ومكانة المرأة فى المجتمع السعودى من خلال برنامج طموح يسعى لرفع نسبة عمل المرأة لنحو 42% بحلول العام 2020 وذلك ضمن إطار أوسع لرؤية المملكة 2030 التى كان قدر طرحها الأمير محمد بن سلمان ولى ولى العهد السعودى.
وأُطلق برنامـــج التحـــول الوطنـــى 2020 كرافد أساسى ومحورى يساهم فـــى تحقيـــق رؤية المملكـــة العربيـــة الســـعودية 2030 التى تعد المقصد الاستراتيجى الأسمى الذى تسعى المملكة للوصول إليه خلال العقد القادم وتمهد له الطريق من خلال إنجاز إصلاحات طموحة فى البنية الاقتصادية السعودية، والقيام بإصلاحات تتيح خفض الاعتماد على الإيرادات النفطية، مقابل تعزيز الاستثمارات، ومساهمة القطاع الخاص، وغيرها من البنود.
وتشغل المرأة السعودية فى الوقت الراهن نسبة تصل إلى 23% من سوق العمل بينما يراهن برنامج التحول الوطنى على رفع تلك النسبة بحلول عام 2020 إلى 42% موزعة ما بين الوظائف العليا وما دونها.
وتجدر الإشارة إلى أن المرأة السعودية حققت إنجازات محلية وعالمية نتيجة الانفتاح الذى شهدته المملكة العربية السعودية فى السنوات الأخيرة، و موقف القيادة الحكيمة لإعطاء المرأة السعودية حقوقها التى تمكنها من خدمة وطنها على الوجه الأمثل الذى ترتضيه الشريعة الإسلامية، وذلك فى مجالات الطب وأيضا المجال السياسى والدبلوماسى والعمل التطوعى والإنسانى وغيرها من المجالات التى اثبتت قدرة المرأة السعودية على اجتياز أصعب المهام الوظيفية.
ويتخوف البعض من أن يؤدى انفتاح النساء على سوق العمل بالسعودية إلى الإخلال بتقاليد المجتمع السعودى النابعة من الالتزام بتعاليم الشريعة الإسلامية وهى المخاوف التى يسعى المسئولون السعوديون لتبديدها، إذ يشير وزير الخدمة المدنية إلى أن عمل المرأة سيكون وفقاً للضوابط الشرعية التى تقوم عليها المملكة حيث أن النظام الأساسى للحكم فى السعودية قائم على القرآن والسنة وعمل المرأة سيكون وفقا للضوابط الشرعية.
ومن جانبه، أشار الكاتب والصحافى السعودى جمال خاشقجى، فى حديث سابق مع محطة دويتشه فيله الألمانية إلى أن المرأة الموظفة فرضت نفسها اليوم بدون فتوى دينية وبدون ضغط من الدولة والشاب السعودى أصبح الأن يبحث عن امرأة عاملة تساعده فى المؤسسة الزوجية".
وتشير بيانات للبنك الدولى لتنامى دور النساء فى مجال المال والأعمال فى دول الخليج بشكل عام، وذكرت البيانات أن 14% من المؤسسات العربية تملكها سيدات أعمال، فيما تشير بعض التقديرات إلى أن إجمالى حجم ما تملكه سيدات الأعمال فى السعودية يتجاوز 45 مليار ريال فى المصارف السعودية، كما تبلغ قيمة الاستثمارات العقارية باسم السعوديات نحو 120 مليار ريال، و20% من السجلات التجارية فى المملكة بأسماء نساء كما أن 40% من نسبة الأطباء السعوديين من النساء، وأكثر من 20% من الأموال الموظفة فى صناديق الاستثمار السعودية المشتركة تعود إلى النساء، بينما تمتلك سيدات الأعمال السعوديات نحو 20 ألف شركة ومؤسسة صغيرة ومتوسطة.
ريما بنت بندر آل سعود والدعوة إلى تمكين المرأة السعودية
وتعد الأميرة ريما بنت الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود من أبرز النساء السعوديات المدافعات عن تمكين المرأة داخل سوق العمل، إذ اتخذت خطوات جريئة لتمكين المرأة السعودية فى العامين الماضيين، أبرزها الإطاحة بمئات الباعة من الرجال من ذوى الخبرة بمتجر "هارفى نيكلز" لتفسح المجال أمام النساء، ووفرت الإقامة للسيدات فى مكان العمل، كما أن شركتها أتاحت للنساء اتخاذ قراراتهن بأنفسهن فيما يخص ارتداء النقاب.
ريما من مواليد الرياض، ترعرعت فى واشنطن، حيث كان والدها الأمير بندر بن سلطان يعمل فى منصب سفير المملكة لدى الولايات المتحدة، حصلت على بكالوريوس الفنون، و تقلدت الكثير من الشهادات والخبرات فى مختلف المجالات حيث شغلت منصب الرئيس التنفيذى السابق لشركة الهامة المحدودة وكلاء فى الخليج، والمؤسس والرئيس التنفيذى لشركة ريمية السعودية والمؤسس والرئيس الإبداعى للعلامة التجارية الفاخرة للحقائب والشنط Baraboux، إضافة إلى أنها المؤسس والشريك لأول نادى للسيدات بالرياض.
ريما بنت بندر آل سعود تحتل قائمة فوربس أقوى 200 امرأة عربية
واحتلت ريما فى سبتمبر الماضى قائمة فوربس لأقوى 200 امرأة عربية، وهى القائمة التى تصدرتها النساء السعوديات، باعتبارها رئيسة ومديرة تنفيذية ل "ألفا إنترناشيونال" وهى واحدة من الشركات الكبرى المتخصصة فى قطاع التجزئة وخاصة فى عالم الموضة والأزياء، وهو المشروع الذى أقامه والدها منذ 13 سنة، حيث تولت ابنته الطموحة المسؤولية منذ ما يقارب 5 سنوات وحققت النجاح المنتظر عبر التطوير الشامل لمفهوم العمل.
حملاتها للوقاية من السرطان
ريما المنشغلة بقضايا المرأة، كثيرا ما صرحت بأهمية خلق نواد رياضية نسائية، كما تعتبر من المؤيدين لقيادة المرأة للسيارة، إلى جانب تمكنها من الدخول إلى موسوعة جينيس لأكبر شريط وردى بشرى فى العالم وهو شعار سرطان الثدى الذى بدأ يتفشى فى المملكة العربية السعودية بشكل كبير فى الآونة الأخيرة، وهى الحملة التى شارك فيها الآلاف من السيدات وتمكنت من زيادة وعى النساء بمخاطر سرطان الثدى وآثاره وطرق الوقاية منه.
مشاركة السعوديات فى اولمبياد ريو 2016
فيما ضم الوفد السعودى المشارك فى دورة الألعاب الأولمبية التى تستضيفه مدينة ريو دى جانيرو البرازيلية أربع فتيات لأول مرة.
حيث عادت العداءة السعودية سارة عطار للظهور من جديد بعد مشاركتها الأولى فى أولمبياد لندن، فيما شاركت لبنى العمير بمنافسات المبارزة وكاريمان أبو الجدايل فى منافسات سباق 100 متر وجود فهمى فى منافسات الجودو لوزن تحت 52 كيلوجرام.
وكانت العداءة دالما ملحس قد سجلت اسمها كأول سعودية تشارك فى دورة عالمية وتحديدا فى دورة الألعاب الأولمبية الأولى للشباب التى أقيمت فى سنغافورة فى 2010 فى فئة قفز الحواجز ضمن منافسات الفروسية، كما كانت أول خليجية تحرز ميدالية أولمبية بعد أن نالت برونزية فئة الفردى.