رأت صحيفة وول ستريت جورنال، أن الاتفاق النووى التاريخى، الذى عقدته القوى الدولية الست بقيادة الولايات المتحدة مع إيران، سيوف تكون له آثار واسعة سواء على الصناعة فى إيران أو السياسات العالمية.
ومع دخول الاتفاق النووى حيز التنفيذ، الأحد، حيث أعلنت الولايات المتحدة وأوروبا رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران منذ العقد الماضى، مقابل تقليص الأنشطة النووية داخل الجمهورية الإسلامية الشيعية، فإن المشهد الداخلى لإيران سوف يتغير رأسا على عقب، هذا فضلا عن التداعيات فى المنطقة.
مكاسب
وبموجب الاتفاق تحصل إيران على عدد من المكاسب الهامة، حيث يتم رفع بعض العقوبات التى تفرضها الأمم المتحدة عليها، بما فى ذلك رفع التجميد عن أصولها، الذى كان يستهدف صناعات الدفاع والشحن لديها، وكذلك علماؤها النوويون والأصول الخاصة بالحرس الثورى والشركات الداعمة للبرنامج النووى.
ويبقى الإتفاق على الحظر المفروض على تصدير الأسلحة لإيران، رغم أن بإمكانها الحصول على أسلحة رئيسية وأجزاء أسلحة وخدمات أخرى بموجب موافقة محددة من مجلس الأمن. ومع ذلك سيتم رفع جميع العقوبات المتعلقة بالأسلحة فى فترة تتراوح بين 5 و8 سنوات.
ومن بين المكاسب رفع العقوبات التى تفرضها الولايات المتحدة وأوروبا مما يعنى السماح لشركات النفط الأجنبية بدخول السوق الإيرانى، حيث من المتوقع ان تكون أوروبا عميل كبير، وستتمكن طهران من الوصول إلى أرصدتها المجمدة فى المصارف الأجنبية، البالغة 100 مليار دولار.
وسيكون بإستطاعة إيران التعامل فى النظام المصرفى والمالى الدولى، بعد سنوات من حظر نقل الأموال الإيرانية، هذا بالإضافة إلى رفع العقوبات التجارية وحركة الأصول الإيرانية، وستكون أكثر القطاعات استفادة من الاتفاق النووى قطاعات الطاقة والنقل والقطاع المصرفى والتجارة والصناعة.
وتتوقع الحكومة الأمريكية أن يصل إجمالى إنتاج النفط الإيرانى، بما فى ذلك الصادرات، إلى 3.5 مليون برميل يوميا بحلول 2017. كما تشير صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن إيران سوف تتجه لتجديد أسطولها القديم، وهو ما بدأته طهران بالفعل، حيث ذكرت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء نقلا عن وزير النقل أنه تم الإتفاق مع شركة إيرباص لشراء 114 طائرة مدنية جديدة.
تنازلات
وفى المقابل فإن إيران ستزيل قلب المفاعل النووى الذى يعمل بالماء الثقيل فى آراك، التى تبعد 160 ميلا من الجنوب الغربى للعاصمة طهران، وتعيد تصميم المفاعل لإنتاج بلوتونيوم أقل كثيرا مما كان مخططا له فى الأصل، الوقود الذى يستخدم لصنع سلاح نووى.
وينطوى الاتفاق أيضا على قيام إيران بتخفيض تخصيب اليورانيوم لمدة 10 سنوات، بحيث يتم تخفيض عمليات التخصيب فى 5060 جهاز طرد مركزى فى منشأة نووية بالقرب من نطنر، التى تبعد 195 ميلا من جنوب العاصمة، كما وافقت إيران على الحد من البحث وتطوير أجهزة الطرد المركزى لمدة 10 سنوات. وبالإضافة إلى ذلك فإنها وافقت على الحد من تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67% لمدة 15 عاما.
وستقبل إشراف الأمم المتحدة على الواردات ذات الاستخدام المزدوج، التى يمكن إستخدامها فى برنامج نووى. هذا بالإضافة لمراقبة وتفتيش منشآتها النووية من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، القائمة فى فيينا.
تأثيرات سياسية
وترى صحيفة وول ستريت جورنال أن دخول الإتفاق النووى حيز التنفيذ من شأنه أن يزيد المخاوف والتوتر فى الشرق الأوسط، فالدور القيادى الذى لعبته الولايات المتحدة فى التوصل إلى اتفاق نووى مع إيران، أثار قلق المملكة العربية السعودية وغيرهم من حلفاء واشنطن فى الشرق الأوسط، ممن يرون إيران تهديدا رئيسيا. وأثار الإتفاق مزيدا من المخاوف بأن تصبح إيران أكثر جرأة مما يقوض السلام والأمن الإقليمى.
لكن من جانب آخر، فبينما يقول مسئولون إيرانيون إن مليارات الدولارات النقدية سوف تتدفق داخل البلاد بعد رفع العقوبات، فضلا عن زيادة الاستثمار الأجنبى والتجارة الدولية مما يساعد فى تمويل التنمية المحلية، لكن بعض منتقدى الحكومة يرون أنه سيتم استخدام هذه الأموال لدعم التدخل الإيرانى فى الخارج.
وتتوقع الصحيفة أن تتجه الدول الساعية لدفع اقتصادها، إلى التقارب مع إيران وتعزيز العلاقات الثنائية. مشيرة إلى أن الوفود التجارية من العديد من البلدان الأوروبية بدأت بالسفر إلى إيران لتقييم الفرص التجارية.
كما سيكون للاتفاق النووى أثره على الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها فى إيران الشهر المقبل. ومن المتوقع أن يستغل المرشحون المعتدلون مكاسب الاتفاق النووى ضمن دعاياهم الانتخابية، بينما من المحتمل أن يحذر المتشددون من الاتفاق باعتباره حصان طروادة للتدخل الغربى فى الثورة الإيرانية.