"مبعثرة "هو ما يمكن أن نصف به حال المراكز والمعاهد البحثية فى مصر والتى يزيد عددها عن اكثرمن 40 يتبع منها 11 مركزا ومعهدا بحثيا لوزارة التعليم العالى والبحث العلمى، وهو ما جعل عدد من العلماء والباحثين يطرحون فكرة توحيد وضم هذه المراكز تحت منظومة واحدة يحسن اداراتها والاستفادة منها.
قال الدكتور هانى الناظر الرئيس السابق للمركز القومى للبحوث، أن المراكز والمعاهد البحثية فى مصر تعانى من مشاكل جسيمة فلم يعد هناك وزارة إلا ويتبعها مركزا بحثيا وتتمثل أهم هذه المشاكل فى عدم وجود تنسيق او تعاون حقيقي بين تلك المراكز، وهو ما أدى إلى تكرار الأبحاث والخطط البحثية والدراسات والمشاريع العلمية التي يقوم بها الباحثين مع تكرار شراء الأجهزة مما تسبب فى إهدار كبير للمال العام، ولجهود الباحثين والعلماء.
وأشار الرئيس السابق للمركز القومى للبحوث أن هناك عدد من المشاكل الإدارية والمالية التى تواجهها تلك المراكز فالنظم الإدارية واللوائح والقوانين المنظمه لم تتغير على مدار سنوات عديدة والميزانية المخصصة للإنفاق علي شراء الأجهزة والمعدات والكيماويات وغيرها ضعيفة للغاية وهكذا اصبح وضع تلك المراكز خطيرا ويمثل ضوء احمر ينذر بمشاكل عديدة لمنظومة البحث العلمي فى مصر .
وطرح الناظر فكرة ضم جميع تلك المراكز جميعا تحت مظلة واحدة هو الافضل في المرحلة القادمة وقد يكون ذلك بانشاء وزارة العلوم والتكنولوجيا بحيث تضم لها جميع مراكز الأبحاث سواء كانت علمية او اجتماعية او غيرها فالجميع يتحدثون لغة واحدة ويجمعهم فكر واحد هو الفكر البحثي والعلمي.
ومن جانبه قال الدكتور عصام خميس نائب وزير التعليم العالى والبحث العلمى، أنه لتفادى تكرار شراء المراكز البحثية والمعامل لنفس نوع الأجهزة، فقمنا بإنشاء مراكز تميز نجمع بها أهم وأحدث الأجهزة، ويمكن لكل باحث سواء من المراكز البحثية أو الجامعات أن يستعين بها، فالظروف المادية لا تسمح بتوفير نفس الجهاز.
وأضاف الدكتور خميس أنه يتم الموافقة على المشروعات البحثية وموضوعاتها حتى تقدم جديدا والا يتم تكرارها، ويتم التركيز على المشروعات التى تحقق التنمية المستدامة ،وتساعد على حل مشاكل المجتمع مثل الطاقة المتجددة ، والمياه، والصحة.
ويؤكد عدد من الباحثين أن تكرار شراء الاجهزة فى اكثر من مركز ومعهد بحثى يعد اهدار لميزانية البحث العلمى فى مصر خاصة أن اكثر من 80% منها يذهب للرواتب، فى حين أن عدم تكرار شراء الاجهزة يوفر الاموال لشراء أجهزة اخرى أكثر تقدما، فالبحث العلمى فى مصر بحاجة إلى توحيد الجهود.
تجدر الاشرة إلى أن ادارك الدولة المصرية لأهمية البحث العلمي ودوره في خدمة المجتمع جاء منذ بداية القرن الماضى، وكان مركز البحوث الفلكية والچيوفيزيقية هو أول مركز بحثي تم إنشاؤه في تلك الفترة، وفي الثلاثينيات ظهرت فكرة انشاء مركز بحثي متعدد التخصصات وصدر مرسوم ملكي بإنشاء مجلس فؤاد الاول للأبحاث العلمية والذي تحول بعد ذلك الي المركز القومي للبحوث وتم افتتاحه عام 1956، ثم المركز القومي للبحوث الاجتماعية ثم توالي انشاء مراكز بحثية اخري خلال النصف الثاني من القرن الماضي مثل هيئة الطاقة الذرية و مركز البحوث الزراعية ومركز بحوث المياه والإسكان وغيرها حتي وصل العدد الان الي اكثر من أربعين مركزا بحثيا كبيرا.