"مستقبل وطن" أنقذ تماسك الكيان بإبعاد محمد بدران
قبل نحو أربعة أشهر من الآن، تحدثنا عن إشكالية تواجد غريب للشاب محمد بدران على رأس حزب سياسي كبير، وكتبنا تحت عنوان " مستقبل بدران .. ومحنة وطن" كلاما مفاده أن هناك ثوابت وقواعد تحكم العمل بالسياسة، لا يمكن لأحد القفز عليها أو تجاهلها، وقلنا إن الشاب الذى لا يزال يحبو فى عالم السياسة ليس له أى فضل فى نجاحات الحزب، وشرحنا أسباب رؤيتنا.
"ألتراس بدران" كان يهاجم كل من يتعرض للفتى الصغير
كان هذا الحديث وقتها بمناسبة الهجوم الدائم من الحزب على كل من يتعرض للفتى بدران بالنقد، لأن الامر وقتها كان بمثابة "ألتراس بدران"، وشرحنا أيضا خطورة هذا الشكل من التعامل السياسي، سيما عندما يكون ذلك لشاب صغير، ليس له أى تاريخ يذكر، اللهم إلا رئاسته لاتحاد طلاب مصر.
اليوم أعلن حزب مستقبل وطن استقالة محمد بدران من رئاسته، وسواء كان الأمر إقالة أو استقالة، فإنه فى النهاية يمثل تصحيحا ضرورويا لأوضاع كانت مقلوبة، ذلك أن الحزب الذى يمتلك أكثر من 50 نائبا بالبرلمان، لم يكن من المعقول أو المنطقى تواجد شاب صغير دون أى تاريخ على رأسه، والأهم انه يعيش خارج مصر للدراسة، ولم نكن نعلم ماذا يفعل "بدران" للحزب، وماذا يقدم للحياة السياسة فى مصر بشكل عام.
الإبعاد يلغى علامات استفهام تواجد بدران على رأس حزب كبير
استقالة محمد بدران من حزب مستقبل وطن أو إبعاده كلاهما خير، فالأصل فى العمل السياسي هو التواجد الدائم، الذى يسبقه تاريخ ومواقف، ورؤى تحدد معالم شخصية السياسي، وكلها أمور يفتقدها محمد بدران، فلا هو يعيش بمصر ليعرف مشاكلها السياسية، أو حتى مشاكل حزبه، ولم يكن له أى تاريخ سابق يشفع له الإدارة عن بعد، ويجعلنا نقول أنه وضع ماكينة عمل وقواعد حزبية تجعل الأمور تسير بشكل طبيعى سواء فى حضوره أو غيابة، كما لا يعلم المتابعين قبل العامة إلى أى فكر سياسي ينتمى "بدران"، وكلها ضروريات كانت تنقص الفتى الصغير، وتجعل من ترأسه لحزب سياسي كبير علامة استفهام كبيرة.
رئيس حزب لا يجتمع بكتلته البرلمانية ولا يعرف عنها شيئا
أيضا كانت هناك إشكالية أخرى كبيرة بتواجد محمد بدران بهذه الإمكانيات شبه المعدومة على رأس الحزب، تتمثل فى كيفية تواصله مع كتلة برلمانية لنواب يحملون أسماء كبيرة، وتاريخ طويل فى العمل بالسياسة، ففضلا عن أن الأمر فى حد ذاته يستدعى الاحتقان وعدم القبول، فإن هناك أزمة اخرى تتمثل فى عدم إلمام الفتى الصغير بالتفاصيل المتعلقة بحالة ومواقف نوابه تحت القبة، وكانت تلك علامة استفهام أخرى، إذ كيف لرئيس حزب لا يجتمع بكتلته البرلمانية، ولا يلتقيهم لمعرفة مشكلاتهم ومطالب الحزب منهم، ولا يتواجد حتى فى نفس البلد التى يعيشون فيها؟!
تواجد أشرف رشاد صحح الأوضاع كونه الأكثر دراية وقبول من الجميع
فى النهاية نستطيع القول إن عدم تواجد محمد بدران على رأس الحزب فى هذه الفترة، بمثابة إنقاذ للكيان من خطر التفكك والاحتقان "المحتمل والمبرر"، وما أزمات الاستقالات الجماعية من حين لآخر منا ببعيدة، والأهم ما حدث بالحزب وهو سرعة تدارك الموقف، وتسلم أشرف رشاد الراية، فهو الأقرب للجميع والمقبول منهم، وهو النائب المتواجد تحت القبة ويتواصل مع باقى الكتلة، ويعلم كل كبيرة وصغيرة عن الحزب، وعليه يكون إبعاد بدران كله خير للحزب وللحياة السياسة فى مصر بشكل عام، لأنه فضلا عن كل ما سقناه من أسباب، يقطع الطريق على كل من يتخيل أن إدارة السياسة فى مصر من الممكن أن تتم بالفهلوة أو القفز على الثوابت والأسس المتعارف عليها.