يبدأ اتحاد الصناعات المصرية خلال الفترة المقبلة، فى إعداد مشروع قانون "الحماية من الإفلاس" أو ما يعرف بـ"الخروج الأمن من السوق" والذى يأتى ضمن خطة الاتحاد لإصلاح المنظومة الضريبية المصرية، سواء بإعداد مشروعات قوانين جديدة، أو بتعديل عدد من المواد والبنود فى قوانين مطبقة بالفعل، على رأسها القوانين المتعلقة بالضرائب والجمارك وقانون العمل.
ويعد مشروع قانون الحماية من الإفلاس، وفقا للتصريحات التى أدلى بها المهندس محمد السويدى، رئيس مجلس إدارة إتحاد الصناعات المصرية ورئيس لجنة الصناعة بالبرلمان، عقب انعقاد الاجتماع الأول لمجلس إدارة الاتحاد بالدورة الجديدة 2016/2019، الأربعاء الماضى، خطوة ضمن الإجراءات العاجلة والضرورية لتشجيع الاستثمارات الجديدة، سواء المحلية أو العربية أو الأجنبية، موضحا أن هذا القانون مطبق فى الدول المستقرة اقتصادياً.
ويهدف هذا القانون، بحسب ما أكده الدكتور محمود سليمان، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية ورئيس لجنة الاستثمار والمستثمرين، فى تصريحات سابقة لـ"انفراد" أن الهدف من مشروع القانون هو حماية المستثمرين فى حالة الإفلاس، عن طريق وضع آلية آمنة للخروج من السوق، تضمن حماية المستثمر من السجن، مع إعطاء الجهات الدائنة له كافة حقوقها، كذلك حل المشكلات التى تواجه المستثمر عن الإفلاس مع جهات الضرائب والتأمينات، لافتا إلى أن هذا القانون يعد الأول من نوعه فى مصر.
ويعتمد مشروع قانون الحماية من الإفلاس بشكل كبير على ما يعرف بـ"الفصل 11" من قانون الإفلاس الأمريكى، والذى بموجبه تحصل الشركات المفلسة على "حماية من الدعاوى القضائية" والسجن، عن طريق فرض ما يسمى بـ"وقف التنفيذ بصورة آلية" وهو ما يعتبر بمثابة إعطاء تلك الشركات "حصانة" لحمايتها من الدائنين، حيث يسمح للشركات فى حالة عدم قدرتها على تسديد ديونها، التقدم بطلب للحماية إلى محكمة إفلاس اتحادية، وبنسبة كبيرة يسمح لـ"الطرف المدين" بالاحتفاظ بملكية شركته، وإمكانية إدارة العمليات الخاصة بها، لكن تحت مراقبة المحكمة، إلا فى حالة تعيين وصى خارجى على الشركة لأى سبب.
كما يسمح "الفصل 11" من قانون الإفلاس الأمريكى لصاحب الشركة المفلسة، بإعادة هيكلة شركته والحصول على تمويل وقروض ميسرة، بشرط إعطاء الممولين الجدد أولوية فى الحصول على أرباح الشركة، وفى أحيان كثيرة يكون لصاحب الشركة "الطرف المدين" الحق فى رفض أو إلغاء العقود الجديدة، وفى حالة وجود أسهم للشركة فى البورصة الأمريكية يتم شطب الأسهم من التداول، لأنها تصبح عديمة القيمة، بسبب وضع الشركة تحت حماية قانون الإفلاس، وبشكل عام يمكن "الفصل 11" الطرف المدين من إنهاء القيود المفروضة عليه، خلال أشهر أو سنوات، وفقا لمدى تعقيد عملية الإفلاس.
ويعد إفلاس بنك "ليمان براذرز" سبتمبر 2008، على خلفية الأزمة التى عرفت باسم "الرهن العقارى" أشهر حالات الإفلاس التى تم تطبيق "الفصل 11" عليها، وهى الحالة التى وصفت فى ذلك الوقت بـ"أكبر إفلاس فى التاريخ" نظرا لأن البنك كان يعتبر رابع أكبر مصرف استثمارى فى الولايات المتحدة الأمريكية، وبلغت قيمة أصوله حوالى 639 مليار دولار، حيث تقدم البنك بعد فشله فى تخطى أزماته المالية، بطلب للمحكمة لحمايته من الدائنين، وفقا لبنود الفصل 11 من قانون الإفلاس الأميركى، وأدى إفلاس البنك إلى تداعيات سلبية على الاقتصاد الأمريكى والعالمى.
ويضم أيضا قانون الإفلاس الأميركى "الفصل 7" الذى يختلف عن "الفصل 11" بعدم السماح باستمرار عمل الشركة المفلسة، وبموجبه تتوقف الشركة عن العمل، ويتم ببيع جميع أصولها من قبل الجهة فارضة الوصاية عليها، وتوزيع العائد على الدائنين، على أن يتم توزيع المبالغ متبقية على ملاك الشركة الأصليين، كما يضم القانون "الفصل 13" إلا أن هذا الفصل يطبق على الأفراد وليس على الشركات، حيث يمكن للأشخاص المفلسين تسديد جزء من ديونهم، عن طريق خطة دفع تطبق لمدة تتراوح من 3 إلى 5 سنوات.
وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة،أولى الدول العربية التى تطبيق قانون الحماية من الإفلاس، وذلك بعد إقرار مجلس الوزراء الإماراتى القانون الإفلاس، مطلع سبتمبر الجارى، بعد سنوات من بدء إعداد مشروع القانون، بهدف الشركات المتعثرة مالياً، من إعادة تنظيم شؤونهم المالية والتجارية، لتتمكن من سداد ديونها دون تعطل الإنتاج، ويشمل القانون تشكيل لجنة دائمة تحت مسمى "لجنة إعادة التنظيم المالى" بحيث تكون المسئولة عن متابعة تطبيق القانون.
ووضع قانون الإفلاس الإماراتى، عددا من البنود التى على أساسها يمكن للشركات "المتعثرة ماليا" إنقاذ نفسها، وهى إعادة التنظيم المالى والهيكلة المالية للشركة، وتطبيق الصلح الواقى من الإفلاس، مع إمكانية الحصول قروض جديدة وفق لما يسمح به القانون، كذلك تم وضع عقوبات صارمة، فى حالة التحايل على قانون الإفلاس، والتى تصل إلى الحبس خمس سنوات ودفع غرامة تصل إلى مليون درهم.