نقلا عن العدد اليومى...
هناك انعكاسات دولية مهمة لالتزام الدول بسداد ما عليها من ديون للخارج فى مواعيدها، حتى لو كانت هذه الديون راجعة لعقود وأنظمة سابقة، لأن الدول تلتزم عمومًا بالاتفاقيات والديون وغيرها.. نقول هذا بمناسبة تسديد 700 مليون دولار، قيمة قسط جديد لتجمع «نادى باريس»، حسبما أعلن محافظ البنك المركزى.. أهمية مثل هذه الخطوات- كما يعرف خبراء الاقتصاد- تأتى فى تأكيد الثقة الدولية فى الاقتصاد وقدراته، بما ينعكس على التصنيفات المالية والائتمانية، مع التأكد أن مصر ملتزمة بسداد المديونيات الخارجية المستحقة عليها فى موعدها.
وتعد هذه الخطوات تأكيدًا لنجاح سياسات مصر النقدية من جهة، بالرغم من الوضع الذى يواجه العملات، ويؤثر بشكل عام على تحركات التدفقات النقدية الأجنبية فى سياقات أوضاع السياحة، وتوفير تغطيات الاستيراد، إلى آخر الخطوات المهمة.
سياسيًا يعنى الالتزام الدولى انعكاسًا إيجابيًا على مسارات النظر إلى الاقتصاد والسياسة، وإذا كانت التحركات الخارجية- كما أشرنا- أدت إلى تصاعد رؤية مصر السياسية للقضايا الإقليمية والدولية، ومواجهة الإرهاب وغيرها، فإن السياسات المالية، وضبط الاقتصاد هى الطرف الآخر لدعم صورة الاقتصاد أمام مؤسسات التمويل الدولية. ومعلوم أن الديون تمثل عبئًا على الاقتصاد، والتعثر فى السداد يضاعف من فاتورة هذه الديون فى إطار إجراء عمليات إعادة جدولة، والسداد يمثل جزءًا من الحل للصعوبات الاقتصادية، مع العلم أننا نسدد 2.4 مليار دولار، قيمة أقساط من المديونيات الخارجية لـ«نادى باريس»، وغيرها سنويًا، ما يمثل تحديًا فى ظل تراجع الموارد الدولارية التى تعزز أرصدة الاحتياطى النقدى، وقد سددنا 1.4 مليار دولار، قيمة أقساط مديونيات خارجية لتجمع «نادى باريس» خلال شهرى يناير ويوليو الماضيين، وهى أقساط كل 6 أشهر، بالإضافة إلى ديون السندات، وغيرها.
ومن يستعرض هذه الخطوات، خاصة من المختصين، يدرك مدى التقدم فى هذا الملف الحساس، وأيضًا الحاجة إلى الالتزام بسياسات نقدية يمكن أن تعالج اختلالات الاستيراد، وتنظم هذه المناطق المهمة من الاحتياجات الاقتصادية، مع الحفاظ على الاحتياطى من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى، وهو مهم فى توفير السلع الأساسية، وسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية، ومواجهة الظروف الاستثنائية.
كل هذه النقاط قد تبدو غير مهمة أو لافتة لمن يتابعون الشأن العام، لكنها تمثل خطوات مهمة من التحركات النقدية والاقتصادية التى تعنى الكثير فيما لو كان هناك من ينظر إلى ما يجرى بنظرة أعمق من مجرد التوقف عند السطح، لأنها تكشف مدى الجهد الذى تمثله الإدارة المالية الرشيدة.. وبالطبع فيما يتعلق بسياسات الدول، لا أحد يتوقف عند أسباب هذه الديون التى يرجع بعضها إلى سنوات بعيدة قد تتجاوز السنوات العشر فى بعض الأوقات، لكنها مسؤولية الدولة، وبالتالى فإنها جزء من المناطق التى تؤثر على الاقتصاد، ولا توجد دولة تريد الاعتماد على الديون، ولو تمت إدارة الموارد والاحتياجات بسياسات واضحة من الممكن بالفعل توفير أبواب كثيرة للنقد الأجنبى دون المساس بالاحتياجات الأساسية.