- البنوك المركزية يمكنها إضافة أصول بـ"اليوان" لمدخراتها الاحتياطية
- إضافة اليوان يشجع المستثمرين من القطاع الخاص على شراء الأصول الصينية للحصول على عوائد أعلى
تعهد البنك المركزى الصينى، "بنك الشعب"، بمواصلة الإصلاحات المالية والسوق المفتوح، بعد تضمين عملتها الوطنية اليوان "الرنمنبى" إلى سلة العملات الدولية فى حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولى.
وتعد العملة الصينية قوية بما يكفى لاستخدامها فى المعاملات الدولية وتخزينها كعملة احتياطى.
وأعلن صندوق النقد الدولى، أمس الأول الجمعة، إطلاق سلة حقوق سحب خاصة تتضمن اليوان "الرنمنبى" لتصبح نافذة اعتباراً من أمس السبت، واصفاً تلك الخطوة بأنها "علامة تاريخية فارقة" للصين ولصندوق النقد الدولى والنظام النقدى الدولى.
وأعرب بنك الشعب الصينى، فى بيان نشره على الموقع الإلكترونى الرسمى، عن ترحيب الصين بالخطوة التى من شأنها تعزيز تمثيل واستقرار وجاذبية حقوق السحب الخاصة، بينما تدفع إصلاح النظام النقدى الدولى، مضيفاً أن تضمين اليوان ضمن حقوق السحب الخاصة يعتبر علامة فارقة فى تدويل اليوان الصينى، والاعتراف بالتقدم الصينى المحرز فى التنمية الاقتصادية، فضلاً عن الإصلاحات المالية والانفتاح .
وتعتبر حقوق السحب الخاص أصلاً احتياطياً دولياً تم إنشاؤه من قبل صندوق النقد الدولى عام 1969 لدعم الاحتياطيات الرسمية للدول الأعضاء فيه، حيث يمكن القيام بالتبادل بين الحكومات فيما يتعلق بالعملات المستخدمة بشكل حر فى وقت الحاجة .
الصين تلعب دورا محوريا فى الاقتصاد العالمى
ووفقاً لصندوق النقد الدولى، "فإن العملات التى تتأهل إلى السلة هى تلك الصادرة عن أعضاء الاتحادات النقدية التى تلعب دوراً محورياً فى الاقتصاد العالمى"، وهو ما عبرت عنه كريتسين لاجارد، مدير صندوق النقد الدولى، قائلة إنه "المرة الأولى" فى التاريخ التى يتم فيها توسيع سلة حقوق السحب الخاصة، مشيرة إلى أن إدراج الرنمينبى فى السلة سيدفع تنويعها وسيجعلها أكثر تمثيلا للعملات العالمية والاقتصاد العالمى.
خبراء يشرحون أهمية ضم العملة الصينية
هذا الوضع الجديد للعملة الصينية، عبر عنه تميم بيومى الباحث الزميل البارز بمعهد بيترسون للاقتصاد الدولى لوكالة أنباء "شينخوا" قائلا، "لم يحدث من قبل قط أن استخدمت عملة من الأسواق الناشئة للقيام بمعاملات دولية فى صندوق النقد الدولى بهدف الاقتراض والإقراض، فهذه هى المرة الأولى، إذ لم يحدث هذا الأمر من قبل، وأظن أنها إشارة مهمة على أن العالم بدأ يدرك الأهمية المتزايدة للأسواق الناشئة، ليس من حيث التجارة فحسب، وإنما أيضاً من حيث التمويل"، مضيفا أن "الرنمينبى يحطم السقف الزجاجى المالى".
وأيده الرأى إيسوار براساد، الباحث الزميل البارز بمعهد "بروكينجز" والرئيس السابق لقسم الصين فى صندوق النقد الدولى، لافتاً إلى أن إدراج الرنمينبى فى سلة حقوق السحب الخاصة يعد "خطوة مهمة ضخمة" للصين والمجتمع المالى الدولى، وشهادة على أهمية الصين المتنامية فى الاقتصاد العالمى والتمويل الدولى.
من جانبه، قال إيجناسيو مارتنيز كورتيس، الأستاذ بالجامعة الوطنية المستقلة المكسيكية، فى تصريحات لوكالة "شينخوا" الصينية، "أول تأثير لدخول الرنمينبى سلة عملات صندوق النقد الدولى هو أن القروض التى سيمنحها الصندوق من الآن فصاعداً سترتبط بالعملة الصينية، وهى خطوة ضرورية لتعديل النظام المالى العالمى الذى بقى إلى حد كبير دون تغيير منذ 70 عاما".
وأضاف مارتنيز، أن الصين تتجه تدريجياً إلى المشاركة بطريقة كبيرة ومباشرة فى عملية صنع القرار بصندوق النقد الدولى، مشيراً إلى أن أحد العوامل التى دفعت صندوق النقد الدولى إلى توسيع احتياطى العملات العالمى هى القوة الوطنية المعززة للصين.
هل تغير العملة الصينية – حاليا - وضع الاقتصاد العالمى؟
رغم اكتساب اليوان الصينى للوضع الرسمى كعملة احتياطى عالمية، إلا أن ذلك لا يجعلها ترتقى إلى وضع أن تغير قواعد اللعبة فى النظام المالى الدولى، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الصينية.
غير أنها تستطيع دفع البنوك المركزية حول العالم إلى البدء فى إضافة أصول مقومة بالرنمينبى "اليوان" إلى مدخراتها الاحتياطية، كما يمكن تشجيع المستثمرين من القطاع الخاص على شراء المزيد من الأصول الصينية للحصول على عوائد أعلى.
وذكر سيدهارث تيوارى، مدير إدارة الاستراتيجية والسياسة والمراجعة بصندوق النقد الدولى، فى تصريحات للوكالة الصينية، "نتوقع أن يزيد إدراج الرنمينبى فى سلة حقوق السحب الخاصة من دعم استخدامه وتداوله المتزايدين بالفعل على الصعيد الدولى"
ومع النمو الاقتصادى المطرد وارتفاع عوائد السندات، تشهد الصين رغبة متزايدة فى الخارج على استخدام عملتها وشراء سندات الحكومة الصينية، رغم انخفاض قيمة عملتها مقابل الدولار الأمريكى فى الأشهر الأخيرة، واحتل الرنمينبى المرتبة الخامسة من حيث العملة الأكثر نشاطا للمدفوعات العالمية وذلك من حيث القيمة فى يوليو بحصة نسبتها 1.9% وبزيادة عن 1.72% فى يونيو، وفقا للبيانات الصادرة عن منظمة المعاملات المالية العالمية "سويفت".
بيد أن وضع عملة احتياطية عالمية لن يحول الرنمينبى تلقائيا إلى عملة احتياطية عالمية كبرى. فذلك سيكون خيار السوق.
وقال براساد، "فى النهاية وبغض النظر عما يقوله صندوق النقد الدولى أو أى شخص آخر، فالسوق هو الذى سيحدد مدى بروز الرنمينبى"، مضيفا أن وضع العملة الاحتياطية بالنسبة للرنمينبى سيمنح الصين "زخما إضافيا" للدفع من أجل تحقيق مزيد من الإصلاحات .
الصين بحاجة لسعر صرف أكثر مرونة
ومن أجل زيادة جاذبية الرنمينبى كعملة احتياطية عالمية، ذكر أن الصين بحاجة إلى حساب رأس مال أكثر انفتاحا، وسعر صرف أكثر مرونة، والأهم من ذلك مجموعة واسعة من الأسواق المالية وإطار تنظيمى مالى أفضل.
وذكر جين تشونغ شيا مندوب الصين لدى الصندوق أنها "نقطة انطلاق جديدة" للإصلاحات الاقتصادية والتنمية فى الصين، مضيفا أن الصين ستواصل الدفع من أجل تحقيق إصلاحات مالية عقب إدراج الرنمينبى رسميا فى سلة عملات الاحتياطى .
وأشار إلى أن الصين "ستقوم فى النهاية بتحرير حساب رأس المال بدرجة أكبر وسيصبح سعر الصرف أكثر مرونة بكثير"، مؤكدا أن الأمر سيتم عبر عملية تدريجية أو تطورية.
وقال مندوب الصين لدى الصندوق، "إننا ندرك تماما أن جهودنا الإصلاحية الموجهة نحو السوق مازالت تشق طريقها فى إطار هذه العملية، لهذا لا يزال هناك الكثير من العمل الذى ينبغى القيام به".
وإذا ما أجرت الصين المزيد من الإصلاحات المالية وواصل اقتصادها نموه كما كان عليه، يتوقع براساد أن يمثل الرنمينبى ما يتراوح بين 10 و15% من احتياطى النقد الأجنبى العالمى خلال السنوات من الـ10 إلى الـ15 المقبلة، ليصبح منافسا شديدا لعملات الاحتياطى الحالية مثل الين اليابانى والجنيه الاسترلينى .