انتهت أزمة توريد القمح لمصر ـــ بعد عزوف المستوردين الدوليين عن الدخول فى ثلاث مناقصات متوالية للتوريد ـــ بهزيمة لأهم حائط صد مصرى ،أمام المنتجات الزراعية المستوردة من الخارج ، وهو الحجر الزراعى ، بعد أن ألغى الدكتور عصام فايد وزير الزراعة واستصلاح الأراضى إشراف الحجر على عمليات الفحص والرقابة على القمح المستورد ، واستبدله بشركة عالمية تتولى مسئولية استيراد القمح وفحصه والرقابة عليه، بداية من شرائه خارجيا ، وحتى دخوله إلى الموانى المصرية،الشىء الغريب أن الوزارة التى ألغت دور الحجر الزراعى بجرة قلم ،هى نفسها الوزارة التى كانت تؤكد مرارا وتكرارا ،على لسان وزيرها بضرورة خضوع الحاصلات والمنتجات الزراعية المستوردة ـــ وخاصة القمح ـــ ،لرقابة الحجر الزراعى.
تاريخ الحجر الزراعى فى الصراع مع المستوردين
تاريخ الحجر عموما ،سواء كان حجرا زراعيا أو بيطريا مع المستوردين ملىء بالصراعات والمناوشات والصولات والجولات ، التى كانت تنتهى فى الغالب بمناقشات ومباحثات ثم دخول الشحنة أو الشحنات محل الخلاف إلى مصر ،أو يُعاد فحصها من جديد مع تغيير فى أسماء وأشخاص أعضاء اللجنة أو اللجان،وفى النادر والقليل ،تتوتر الأمور اقتصاديا لمدة أيام بين مصر ودولة أخرى ،فتصل إلى وقف الاستيراد ،وفى المقابل وقف التصدير، حتى يتدخل العقلاء ويتم تسوية الأمور سياسيا واقتصاديا ، وتعود المياه لمجاريها استيرادا وتصديرا ،بعد عدد من جولات المباحثات والنقاشات وتبادل وجهات النظر بين الوفود الاقتصادية وصولا لحل الأزمة .
كان أقرب الأمثلة على ذلك ماحدث فى أزمة استيراد القمح الأخيرة، حيث رفضت وزارة الزراعة فى البداية وبشدة ،دخول القمح المستورد ،الذى يحتوى على أى نسب من فطر الإرجوت إلى مصر،وقال الدكتور سعد موسى رئيس الحجر الزراعى الأسبق فى 26 يناير 2016 ،إن مصر لن تسمح بدخول أي شحنة قمح تحتوى على فطر "الإرجوت" المسبب للإجهاض والسرطان،وعندما تكررت واشتدت الضغوط عليه من أجل السماح بدخول القمح المصاب بالإرجوت إلى مصر، طالب بإن يكون قرار السماح مكتوبا من الجهات المسؤولة بدخول قمح به نسبة إصابة 0.05% إلا أنّه تم رفض طلبه، فكان رد الجهات المسئولة على هذه الجرأة فى طلبه بإقالته من منصبه وهو خارج البلاد فى مأمورية عمل باستراليا.
ماحدث مع الدكتور سعد موسى لم يكن حدثا طارئا ، بل تعرّض الدكتور على سليمان، رئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعي الأسبق، لمثل هذه المواقف ، حيث أكد فى تصريح له ، أنه عندما كان رئيسا للإدارة المركزية للحجر الزراعي فى الفترة ما بين 2007 وحتى 2012، لم يسمح بدخول أي شحنة قمح تحتوي علي نسبة من الإرجوت، وكل الشحنات كانت خالية تماما من الإرجوت بنسبة تصل إلى 100 % .
الدكتور عصام فايد، وزير الزراعة نفسه بشحمه ولحمه ، منع دخول أى أقماح مستوردة من الخارج إلى مصر تكون مصابة بأى نسبة من فطر الأرجوت.
كما أصدر الوزير قراراً وزارياً يحمل رقم 1421 لسنة 2016، نص على إيقاف العمل بالقرار الوزارى رقم 1117 لسنة 2016 بشأن التعامل مع فطر الأرجوت فى رسائل القمح الواردة من الخارج ، وتضمن القرار فى مادتة الثانية أنه يمنع دخول الأقماح المصابة بفطر الإرجوت.
الجميع لحس كلامه بما فيهم الوزير
بعدها بكام يوم ،تراجع الوزير عن كل تصريحاته السابقة ،التى تحدث فيها عن حماية الزراعة المصرية من الأمراض والآفات والحشرات الوافدة، ورفضه دخول أى أقماح مستوردة إلاّ بعد أن تكون خالية 100 % من فطر الإرجوت ، وأكد أن الوزارة تعاقدت مع شركة عالمية لفحص شحنات القمح المستورد، وأنه سيتم العمل بالمواصفات القياسية المصرية لعام 2010 فيما يخص فطر الإرجوت ومراجعة تشريعات الحجر الزراعى المصرى، بما يتفق والمواصفات المعمول بها عالمياً ،واستبدال النظام الحالى المعمول به فى فحص شحنات القمح المستورد، بحيث تتعاقد هيئة السلع التموينية مع شركةSGS العالمية بالأمر المباشر لفحص الشحنات طبقاً للمواصفات القياسية المصرية، على أن يتم الفحص فى بلد المنشأ.
شركة واحدة أم شركات ؟؟
التصريحات التى تمخض عنها اجتماع المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء ،مع مجموعة وزراء الزراعة والتموين والصحة منذ أيام ،خرجت جميعها تؤكد أن شركة واحدة هى التى ستتولى عمليات الشحن والفحص والرقابة على صفقات القمح المستورد، وهى شركة"sgs"مع استبعاد الحجر الزراعى من هذه المسئولية ،بينما جاءت القرارات الجمهورية الصادرة فى هذا الشأن وهى تشير إلى التصريح لـ 7 شركات عالمية ،سوف تتولى هذه المهمة ،وهى شركتان إيطاليتان،وشركتان إسبانيتان وشركتان لبنانيتان وشركة كورية.
من ناحيته أكد الدكتور محمد رزق رئيس مجلس إدارة شركة فينوس انترناشيونال لتداول الحبوب ،وأحد أكبر مستوردى القمح ، إنه ليس مع إلغاء دور ووظيفة الحجر الزراعي المصرى ، لأن وجوده فى عمليات فحص القمح المستورد والرقابة عليه ،يمثل دور الدولة ،ولا يعرف أحد حتى الآن ،المعايير التي سوف تطبقها شركات القطاع الخاص البديلة عن الحجر الزراعى فى عمليات الفحص .