يستعد اليوان الصينى لغزو الأسواق العالمية في الفترة المقبلة، كعملة رئيسية في سلة العملات الدولية، بعد أن قرر صندوق النقد الدولى قبوله كخامس عملة للاحتياطات الدولية (الدولار، والين، واليورو، والجنيه الإسترليني) عقب توافر الاشتراطات التى وضعها الصندوق لضم العملات الدولية لسلته.
وبالنسبة لمصر فإن أغلب المراقبين يؤكدون أنها ستكون الرابح الأكبر من هذه الخطوة، خصوصا وأن السوق المصرى يشهد حاليا نقصا كبيرا في الدولار وهو العملة الأكثر استخداما في تعاملاتها الخارجية، خاصة في عمليات الاستيراد، سواء المنتجات الكاملة أو مواد الخام التى تدخل في صناعة مئات المنتجات الأخرى محليا.
كما أن التوسع عالميا في استخدام اليوان سيكون حتميا بسبب التعاملات الضخمة للصين في العالم، وبذلك فإنه سيكسر احتكار الدولار للحصة الغالبة في السوق العالمى، وسيخفف من احتياج مصر للدولار لاستيراد السلع خصوصا الآتية من الصين، وهو ما سيوفر جانبا كبيرا من الدولار الذي كان يذهب لعمليات الاستيراد من الصين، خصوصا وأن أغلب الميزان التجارى بين مصر والصين هو في صالح الصين بمعنى أن 80% من تعاملاتنا مع الصين هي عمليات استيراد كانت تتم بالدولار وهو ما كان يتسبب في عمليات مضاربة عنيفة على الدولار في الفترة الأخيرة، وأدى لتوحش السوق السوداء.
ولذلك فإن اعتماد اليوان كعملة للاحتياطى العالمى سيجعل في إمكان مصر أن تستورد بأكثر من 8 مليارات دولار ولكن بقيمتها باليوان الصينى، وهو ما يعنى توفير أكثر من 8 مليارات دولار سنويا للاحتياطي المصرى، وبالتالى لن يكون هناك ضغط على سعر الجنيه مرة أخرى إلا بتوجه حكومى مباشر.
وإذا علمنا أن حجم التبادل التجارى بين مصر والصين بلغت في آخر إحصاء له نحو 12 مليار دولار منها 700 مليون دولار فقط بشكل رسمى والباقى بشكل غير رسمى، فسوف نعرف حجم الضغط الذى يمارسه المستوردون على الدولار عند القيام بعملياتهم لتوفير الدولار من السوق السوداء.
مبادلة الجنيه واليوان بين البنكين المركزى الصينى والمصرى
ومؤخرا أعلن البنك المركزى أنه يجرى مفاوضات حاليا لعمل مبادلة عملة مع البنك المركزي الصينى (بنك الشعب الصينى) بحيث يتم وضع مبلغ مالي بالجنيه المصرى في بنك الشعب الصينى لمدة معينة وتقوم الصين بوضع مبلغ مقابل باليوان.
وقالت وزارة الخارجية الصينية مؤخرا، إنها تجرى مباحثات مع مصر بشأن مبادلة العملة، وقال لو كانغ المتحدث باسم الوزارة للصحفيين نقلته وكالة رويترز: «بنكا مصر والصين المركزيان يجريان مباحثات حول مبادلة العملة المحلية وحققا بعض التقدم المبدئى، لكنهما لم يقررا بعد نطاقاً محدداً للمبادلة".
وتهدف مباحثات مبادل العملة مع الصين لمبادلة الصادرات والواردات السلعية بين البلدين بالعملة المحلية لكل دولة، وأن اتفاقيات مبادلة العملة تكون لمدة زمنية محددة يتم اتفاق الجانبان عليها قد تصل إلى 5 سنوات.
وحدوث هذا الاتفاق يتيح للبلدين استخدام العملات المحلية لهما فى عمليات التبادل التجارى عبر ضخ ما يوازى عملة الدولة المصدرة فى حسابات المستوردين من مصر والعكس، بهدف تخفيف الضغط على الدولار من خلال ترحيل جزء من الالتزامات التجارية للمستقبل.
كما قامت الهيئة العامة لقناة السويس في أول أكتوبر باعتماد اليوان كعملة في تعاملاتها التجارية، وبذلك سيستفيد الصينيون من الجنيه في المصروفات الخاصة بالمنطقة الصناعية الخاصة بهم غرب خليج السويس، وبالتالي نوفر الدولار بما يدعم الاحتياطي النقدي للبلاد نتيجة لتخفيض الالتزامات، وهو ما سيوفر بين 2 إلى 4 مليار دولار تقريبًا، كما أن هذا القرار سيزيد حجم التجارة ويجذب الصينيين للسياحة ويحسن وضع الجنيه المصري بشكل كبير أمام العملات الأخرى.
115 ألف سائح صينى زاروا مصر فى 2015
وفي عام 2015 وصل عدد السائحين الصينيين الذين زاروا مصر إلى 115 ألف سائح، وبلغت مدة الإقامة في الفنادق 637 ألف يوم، بزيادة 87 بالمئة و62% على التوالي عن العام السابق، ومن ثم، فإن الاستهلاك بالرنمينبي (اليوان الصيني) مباشرة في مصر سيزيد قطعًا من جاذبية مصر كمقصد سياحي رئيسي للصينيين بعد إقامة آلية مقايضة العملات بين البلدين في المستقبل، حسبما قال الخبير الصيني.
وبلغ، في عام 2015 أيضًا، حجم التبادل التجاري بين البلدين 12.9 مليار دولار، وبالإضافة لذلك، تجاوزت قيمة الاستثمارات الصينية في مصر ستة مليارات دولار حيث تعمل حاليًا أكثر من 80 شركة صينية هناك، حسب آخر الإحصاءات الرسمية.
يذكر أن المجلس التنفيذي لصندوق النقد، ضم اليوان إلى سلة عملات الاحتياطي بعد أن أوفى كافة المعايير المطلوبة لذلك.
وتستخدم هذه السلة لتحديد متوسط أسعار صرف العملات في العالم يوميا، كما أن هذه السلة أكثر استقرارا من أي عملة رئيسية بمفردها.
ويستخدم متوسط أسعار الصرف لقياس قيمة "حقوق السحب الخاصة" لكل دولة من الدول الأعضاء في صندوق النقد وعددها 188 دولة.
وسيمثل اليوان 10.9% من سلة عملات الصندوق، وقد أصبح أول عملة تتم إضافتها إلى سلة عملات الصندوق منذ عام 1999، عندما حل اليورو محل المارك الألماني والفرنك الفرنسي اللذين كانا ضمن سلة العملات.