فجأة وبدون مقدمات، خرج حزب النور ليعلن أن التيارات الإسلامية لم تكن موفقة فى قراءة المشهد السياسى منذ ثورة يناير 2011 وحتى الآن، معترفا بالهزائم التى يلاقيها هذا التيار، ودعا لعمليات مراجعة واسعة لجميع الحركات الإسلامية، ليطرح تساؤلين مهمين هما أسباب خروج الحزب لإطلاق هذه الدعوة فى ذلك التوقيت؟، وهل سيتزعم النور عمليات المراجعات داخل التيار الإسلامى؟.
عدة أسباب قد تجعل حزب النور يفكر فى المراجعات ويقودها، حيث إن الحزب لم يستطيع أن يحصد عددا كبيرا من المقاعد فى البرلمان، كما أن دوره فى البرلمان قل كثيرا ولم يستطيع أن يكون له دور فعال وقوى خلال الفترة الماضية، فى الوقت الذى يلوح الحزب بأنه لن يستطيع المشاركة فى المحليات.
جاءت دعوات المراجعات عندما قال شريف طه، المتحدث باسم حزب النور، إن أغلب أزمات "الحركات الإسلامية" فى تجربة "الربيع العربى"، نشأت من غياب التقدير السليم للموقف وموازين القوى، وهو ما أنتج قراءة مختلة للواقع، تسببت فى عدم استثمار الفرص المختلفة.
وأضاف فى مقال له: لقد كثرت الدعاوى المطالبة للحركة الإسلامية بالمراجعة، خاصة عقب الإخفاقات فى التعامل مع أحداث "الربيع العربى"؛ ونتيجةً لعدم تحديد موضع الخلل كان من الطبيعى تشتت مسارات المُراجَعات؛ فسمعنا مطالبات بفصل الدين عن السياسة، باعتبارها أصل المعضلة، وعلى الطرف الآخر طالبت بعض القطاعات بمراجعات تنحو تجاه التطرف ومراجعة خيار "السِّلميّة"، واستدعاء فكرة "النظام الخاص"، وصدرت بيانات تعبر عن هذا التوجه كما المعروف بـ"نداء الكنانة".
وأشار طه، إلى أن فكرة المراجعات فى ذاتها كانت مستبعَدَة بشكل عملى وحقيقى، وإن تمت فبشكل صورىّ، وتسعى للنبش فى الأطراف بعيداً عن جوهر الأزمة، وغالباً ما تتم تحت ضغط الواقع، وهو ما يُضعِف مصداقيتها عند البعض، الذى يراها تراجعًا وانهزامًا أكثر منها تصحيحًا للمسار.
ولفت المتحدث باسم حزب النور، إلى أن المراجعات سمة ضرورية لبقاء أية حركة وعدم شيخوختها، وما قام به "مشعل" خطوة فى الاتجاه الصائب، نرجوا أن تجد آذانًا صاغية.
من جانبه قال مختار نوح، القيادى المنشق عن جماعة الإخوان، إن التيار الإسلامى يسعى للعودة للمشهد السياسى من باب المراجعات، خاصة أن هناك أفراد داخل هذا التيار أصبحوا ينشقوا عنه خلال الفترة الأخيرة، موضحا ان أغلب دعوات المراجعات غير حقيقية.
وأضاف القيادى المنشق عن جماعة الإخوان، لـ"انفراد" أن حزب النور يسعى كى يقود عملية المراجعات، خاصة أن الحزب يرى نفسه يخسر خلال الفترة الأخيرة، ولكن هذه الدعوات للمراجعات لن تنجح ولن ينضم لها الكثيرون.
وأوضح القيادى المنشق عن جماعة الإخوان، أن بعض المراجعات التى كانت تخرج فى السابق، كانت تظهر للرأى العام، ولكن الآن أصبحت مراجعات مع النفس، وأغلبها غير حقيقى.
بدوره قال هشام النجار الباحث الإسلامى، إن شعار المراجعة أصبحت فى هذه المرحلة كشعار قتال داعش ومحاربتها، فالكل يدعوه لينال حضورا فى المشهد ويشرعن وجوده ، لكن من يقاتل داعش بالفعل فى المنطقة لا أحد يدرى وإلا لماذا هى لا تزال موجودة، وبنفس المنطق فمن يراجع نفسه بالفعل فى ظل ابتذال الشعار لان الجميع داخل الحركة يدعى امتلاك الحقيقة، وأنه يجرى مراجعات وعملية نقد ذاتى ولكن لا نرى أى أثر لذلك على الأرض .
وأضاف فى تصريح لـ"انفراد" :" اليوم ما يهمنا هو خطوات فعلية على أرض الواقع فالتنظير كثير والكلام على قفا من يشيل ومناهج المراجعات موضوعة وجاهزة لمن يريد التطبيق فعلاً ولا نحتاج مزيد مقالات وبيانات وكتب، ونقول لهم انتقوا ما تشاءون من كتب ومناهج المراجعات فى السوق واكتفوا بها لكن أسرعوا بخطوات عملية على الأرض حتى نصدقكم".
وتابع :"المطلوب من كل فصيل أن يبدأ بنفسه ويقدم قدوة لغيره ويعترف بأخطائه ويصححها نظريا وعملياً مع الكف بأن يطالب هذا ذاك بالمراجعة، بهذا فقط ستنجح العملية لكن ما يحدث الآن عنوانه الفشل لأنهم يوظفون المراجعة للمزايدة على بعضهم البعض وليس استراتيجية وسبيلاً لحل أزمتهم وتصحيح أوضاعهم بشفافية ومصداقية".