قال الأنبا أنطونيوس عزيز، مطران الكاثوليك، أن المدارس الأزهرية تعزل قسمًا من المجتمع دون آخر، مطالبًا بإعادة التفكير فى جدواها.
وأضاف الأنبا أنطونيوس عزيز خلال مؤتمر الخطاب الدينى الذى تنظمه الهيئة الإنجيلية: على جميع الطلاب أن يتلقوا نفس التعليم فى المرحلة الأساسية، ولابد من التمييز بين الدين والتدين، لأن علامات التدين تدفعنا للغلو فى ديننا، وما أجمل التنوع والاختلاف، ولو كان الله يريدنا على دين واحد لفعل.
واقترح المطران عودة حصة الأخلاق للمدارس وأن تتولى المدارس تدريس الأديان الثلاثة للطلاب فى المدارس، على أن يتطور هذا مع المرحلة السنية للطلاب، معتبرًا تدريس تفاصيل الدين وعقائده ليست مهمة المدرسة، بل مهمة المسجد والكنيسة ووسائل الإعلام.
وعن تجديد الخطاب الدينى قال عزيز: هناك أكثر من خطاب دينى، هناك خطابات سلفية وخطابات متحررة، ولا يمكن تجديد الخطاب الدينى إلا بناءً على دراسة متأنية ومتأملة، مشيرًا إلى أن جماعات العنف تبحث عما يوافق هواها المتطرف فى التراث.
وأوضح مطران الكاثوليك أن نقد الخطاب الدينى منهج فكرى قائم على معايير أخلاقية، مؤكدًا أن قبول النص الدينى كليًا يقودنا إلى ما نحن فيه، وما ننادى به هو تجديد طريقة التعامل مع النص، ولا جدال للحوار بين الأديان المختلفة فى هذه الثوابت.
وأشار إلى أن القائمين على المؤسسات الدينية لا يريدون الاقتراب من المناهج الحديثة بدعوى الحفاظ على الهوية والتراث، وهو ما يجعل الكلام عن تجديد الخطاب الدينى بلا جدوى، الأمر الذى يسقطنا فى دوائر العنف، مطالبًا المؤسسات الفكرية أن تقود حركة تجديد الخطاب واعتماد منهج نقدى.
من جانبه شرح الباحث والكاتب السياسى الدكتور عمار على حسن، معنى كلمة الخطاب الدينى، قائلا: الخطاب يعنى الأفكار والتصورات والإدراك والإشارات التى من خلالها يمكن أن نشق علاقة مع الذات والمجتمع والله، متسائلًا: "هل المشكلة فى الخطاب الدينى فقط أم فى النص؟"
وأضاف الدكتور عمار على حسن: الخطاب الدينى تمت توسعته فى الأديان الثلاث، بحيث صار التاريخ وعادات الشعوب ومصالح البشر جزءًا من النص، رغم أنها من تصورات البشر، وكل أمة لها تراثها الذى ورثته من السابقين، وهناك تراث أمم أخرى نقل لنا فى تراث غابر، فالمسيحية اختلطت بالرومانية، والتصورات الفرعونية دخلت فى كل الأديان، وأصبح هذا جزءًا من تراث الإنسانية، وصارت كل أمة تتعامل معه باعتباره مقدسًا.
وتابع عمار على حسن: مفهوم العقيدة فى الأديان الثلاث اتسع أكبر مما يلزم، كل شخص يتصرف وفقًا لمعتقداته أو ضميره، فيكتشف أن قسًا أو شيخًا يقول له هذا بعيد عن الدين، والمؤسسات الدينية فى إطار حفاظها على مصالحها تحاول أن تجعل بعض المسائل خروج عن الاعتقاد رغم إنها مسألة بسيطة.
أما ما يتعلق بالسلم الاجتماعى، فقال عمار على حسن: ليس الدين فقط هو من يحافظ على السلم الاجتماعى، بل أن التصورات الخاطئة للأديان أدت إلى عكس ذلك، فالقانون والأعراف والأفكار والتصورات أدت للسلم الاجتماعى.
واستطرد: أكثر البشر قتلوا فى الصراع على الهوية، والهوية الدينية كانت أكثر الهويات قتلًا، ولا يمكن أن نفرق بين تصورات داعش وجيش الرب فى أوغندا الذى يقتل باسم المسيح، مضيفًا: كثيرًا ما قيدت الحرية باسم الدين، ولعل الصراع الذى وقع فى أوروبا بين الكنيسة فى العصور الوسطى وآباء الحرية خير دليل، وما زلنا ندفع ثمن ذلك فى مجتمعنا، فالأزهر والكنيسة يهاجمان أعمالًا إبداعية باسم الدين.
وفى كلمته أكد أنجوس موريسون رئيس سنودس الإنجيلى بالكنيسة الاسكتلندية أن الإلحاد انتشر فى اسكتلندا، مما دعا أصحاب العقائد المختلفة للاجتماع معًا، مضيفًا: من المهم أن نبنى جسور تواصل وصداقة والحوار بين الأديان الإبراهيمية يدفع العلماء للاجتماع معًا، ويصلون لطريقة فهم واحدة، وقادة الأديان المختلفة يحاولون تقريب وجهات النظر.
وأشار إلى أن حكومة اسكتلندا تعطى أهمية لهذه اللقاءات، ونحاول أن نعمل بجد فى المجتمعات المحلية لبناء علاقات قوية مع أصحاب العقائد المختلفة والهويات الأخرى مضيفًا: نحاول من خلال المشروعات أن ندمج الأقليات فى المجتمعات.
وضرب رئيس سنودس الإنجيلى بالكنيسة الاسكتلندية مثلًا بأحداث باريس بأنها تسببت فى عنف فى مراكز إسلامية، كما حدث ضد مبنى إسلامى تم حرقه فى جلاسكو، وحاول المجتمع المسيحى المساعدة، ووفروا لهم مكانا فى مبنى مسيحى، وهى حلول عملية للاحترام والمودة والصداقة.