انعكست التحولات الجذرية، التى أصابت المجتمع المصرى مؤخرا على الفئات والشرائح الاجتماعية كافة، وهو ما استدعى توجه الدولة للاهتمام بحماية الفئات المهمشة والأولى بالرعاية والتمكين، وفى هذا الإطار أنتهى المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية من دراسة حديثة حول الاحتياجات النوعية للمرأة الفقيرة وذلك لطبيعة التحديات التى تواجهها والفجوات الفعلية بين الرجال والنساء فى مستويات الفقر.
وتهدف الدراسة إلى تسليط الضوء على المشكلات وصور المعاناة الفعلية لشريحة النساء فى الأسر الأشد فقرا، وتحديد احتياجاتهن النوعية التى يتعين ان تأخذها خطط المواجهة واستراتيجيات إزاحة الفقر بعين الإعتبار، وتمت الدراسة على عينة شملت 1028 سيدة موزعة على الريف والحضر من بين أفقر الأسر موزعة بين القرى بنسبة 58.4% والمدن 41.6%، كما تنوعت الحالة التعليمية بين 75.9% امية، و10.7% اقل من متوسط، و13.4% شهادة متوسطة.
وأظهرت النتائج أن النساء من أكثر الفئات التى تعانى الفقر حيث أنهن أقل حظا فى التعليم والتدريب والإعداد والتأهيل والحصول على فرص العمل والأجور فى ظل ظروف لا تهيئ لهم الإحساس بالأمان الإجتماعى والإقتصادى.
وأشارت النسب إلى أن 28% من اجمالى عينة الدراسة مطلقات وأرامل يتحملن إعالة الأبناء والإنفاق عليهم ورعايتهم منذ أكثر من عشر سنوات، وهناك نسبة 15% من الأسر تنفق عليها الزوجة فقط بمفردها، وربما يكون الزوج نفسة هو أحد من تنفق عليهم الزوجة إما لمرضه أو تعطله عن العمل، وتزداد النسبة فى الحضر عن الريف وذلك قد يرجع إلى تنوع فرص العمل المتاحة للنساء.
وأكدت الدراسة أنه من أكثر الأسباب لوقوع المرأة فى براثن الفقر الأسباب الإقتصادية، حيث أن معظم افراد الأسر يعملون فى أنشطة هامشية أو موسمية ذات أجور منخفضة منخفضة، أو أنهم لايعملون ومعظمهم أميون مما يؤدى بهم إلى تدهور الحالة الاقتصادية.
وقالت الدراسة، إن البحث عن عمل يمثل أكثر البدائل التى قد تلجأ لها المرأة الفقيرة اذا امتنع الزوج عن الإنفاق على الأسرة بنسبة 53.9%، ونوهت الدراسة إلى المعاناه والمخاطر التى تتعرض لها المرأة من غياب التنظيم والاستقرار والشروط التعسفية وغير الأدمية لأداء العمل، ويأتى البديل الثانى هو اللجوء للأهل طلبا للدعم الإقتصادى بنسبة 26.3%.
كما أكدت الدراسة أن المرأة تتحمل بمفردها كافة الأعباء المنزلية بمفردها بنسبة 69.1%، مقابل نسبه ضئيلة من الأزواج يقدم مساعدة فى أعمال المنزل ومسئوليات رعاية الأبناء بنسبة 1.7%، ومساعدة الزوج والأبناء يرفع عن كاهل الأم جزءا من الضغوط والأعباء المنزلية وما يصاحبها من توترات كما يمنحها إحساسا ذاتيا بالعدل والمساواة، وتجنيبها قسطا كبيرا من الضغوط التى تؤثر سلبا فى الحالة الصحية للمرأة بشكل عام.
عدد من الأسباب تدفعها للقبول قسرا بالنزول للعمل والقبول بشروطه التعسفية لتحافظ على الوجود الإجتماعى والإقتصادى للأسرة، وتأتى النسب كالتالى العجز عن سداد مصروفات الدراسة للأبناء 82%، العجز عن تدبير إيجار السكن 52%، الزوج لا ينفق على الأسرة لأسباب مختلفة 45%، 54% تعلم أنها سوف تضطر للنزول لسوق العمل يوما ما.
وأشارت الدراسة إلى أن التحدى الاقتصادى هو الأكبر لدى السيدة التى تتحمل بمفردها مسئولية إعالة أسرتها بنسبة 76%، يليه التحدى الاجتماعى والمتعلق باضطلاع المرأة بمسئولية تربية الأبناء ورعايتهم ماديا، وتشير النسب إلى تحديات أخرى تواجه النساء إذا كن عائلات للأسر 17.7% تتمثل فى طمع الرجالة فيها، و62.6% قلة الدخل وعدم القدرة على الإنفاق، و7.1% الشعور بعدم الأمان.
وتشير مؤشرات الدراسة إلى أن المرأة تستطيع الإعتماد على نفسها بشكل كامل بنسبة 66%، و33% من النساء هن الأحق بفرص العمل، و26% المرأة هى العضو الأكثر معاناة فى الأسرة، 34% تؤكد أن المرأة تتعرض لذات المعاناة التى يواجهها الرجال.
وأكدت الدراسة بأنه من غير المتوقع أن تتحقق لشريحة الفقراء من النساء الخروج من دائرة الفقر بمجرد تطبيق البرامج التى توجه إلى المحتاجين، بل إن هناك ضرورة حتمية لمراعاة الاحتياجات النوعية للمرأة الفقيرة ومحاولة تضييق الفجوات الفعلية بين الرجال الفقراء والنساء الفقيرات فى مستويات الفقر والتدريب والعمل والبطالة.
هناك تدنى فى دخل كل من الزوجة والزوج والأبناء حيث بلغ متوسط دخل كل من الزوج 282.37 جنيها ومتوسط دخل الزوجة 181.36 جنيها ومتوسط دخل الأبناء 350.59 جنيها حيث أشارت تقارير الفقر على المستوى القومى لتحديد الحد الأدنى للفقر لتعد الأسر
وأوضحت الدراسة أن هناك بعض الأسر التى اعتمدت على مصادر أخرى للدخل لرفع المستوى المعيشى معتمدين على بعض المساعدات المالية من جهات حكومية ومعاشات الضمان الإجتماعى وأهل الخير ولم تزد نسبة من يستفيدون بهذه الضمانات على نصف العينة تقريبا، وتقول النسب أن الحاصلات على معاش الضمان الإجتماعى تمثل نسبة 42.6%، النسبة الأكثر بيهم من المطلقات والأرامل وذلك يرجع لصعوبة الإجراءات للحصول على المعاش.
وحول الخدمات الصحية أظهرت الدراسة أن المؤسسات الصحية الحكومية تأتى فى المقام الأول بنسبة 79%، وفى ضوء الحالة المتدنية للمستشفيات الحكومية وشكاوى الفقراء منها ومن نقص العلاج نفسه فمن المتوقع أن يعجز نصف العينة تقريبا عن تدبير نفقات الحصول على الدواء اللازم، حيث أكد 48% من المبحوثات عدم توفر القدرة على شراء الأدوية المطلوبة،
وشددت على أنه بدون اشباع الحاجات الأسياسية والخدمات الأساسية فان جهود النهوض بأوضاع هذه الشريحة لن تجنى ثمارها، كما طالبت بضرورة مراعاة احتياجات المرأة الفقيرة النفسية مثل الشعور بالثقة فى النفس والتخلص من التبعية والاعتماد الاقتصادى على الرجل إلى جانب الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية.