رغم استفادة مصر من انخفاض أسعار البترول من خلال تقليل مخصصات دعم الطاقة فى الموازنة العامة للدولة، إلا أن هناك تأثيرات سلبية وتحديات تواجه صناعة الغاز حاليًا تتمثل فى تأثر منح ودعم دول الخليج لمصر وتدفق الاستثمارات فى مجال البحث والاستكشاف والتنمية، والاستمرار فى سداد مستحقات الشركاء الأجانب، والتفاوض معهم للاتفاق على سعر الغاز، والاستمرار فى طرح المزايدات العالمية لمختلف مناطق مصر بصفة دورية خاصة البحرية، بالإضافة إلى زيادة التناقص الطبيعى للخزانات.
"انفراد" يحسب مع المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق، كيف ستتأثر مصر إيجابيا وسلبيا، نتيجة تراجع أسعار النفط إلى أقل من 30 دولار، وهو أدنى مستوى لأسعار البترول منذ 12 عاما.
التأثير الإيجابى لانخفاض أسعار البترول على مصر
أكد المهندس أسامة كمال، أن العنصر الإيجابى الذى سيتحقق لمصر نتيجة انخفاض أسعار البترول، يكمن فى بند دعم مخصصات الطاقة فى الموازنة العامة للدولة، حيث إن البلاد تستورد ثلث المنتجات البترولية السائلة وتقريبا ثلث المنتجات البترولية الغازية، موضحا أن فاتورة هذا الرقم مع انخفاض الأسعار سينخفض، وبالتالى سيكون تأثير انخفاضه إيجابيا على الدولة بانخفاض رقم الدعم فى الموازنة.
وأضاف المهندس أسامة كمال فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، أن مخصصات الدعم كانت فى 2013 حوالى 140 مليار جنيه، وانخفضت فى موازنة 2014 - 2015 لـ73 مليار جنيه، وفى 2016 سينخفض لأقل من ـ 55 مليار جنيه، نتيجة التراجع فى أسعار البترول لحيز 30 دولارا.
التأثير السلبى لانخفاض أسعار البترول على مصر
أوضح المهندس أسامة كمال، أن الجزء الثانى فى التأثير يتعلق بالاستثمار والاقتصاد، موضحا أن بلد مثل السعودية إنتاجها 10 مليون برميل يوميا،" وكان سعر البرميل 130 دولارا ومع التراجع إلى 30 دولارا، فإذا لديها فقد إيراد يومى مليار دولار، ومتوقع بهذا السعر المتدنى أن يصل الفاقد السنوى لأكثر من 300 مليار دولار"، وبالتالى هنا يكمن التأثير،" فلو أن السعودية كانت سوف تستثمر فى مصر حاليا فلن تستطيع فى ظل هذه الأسعار".
وتابع: "بالتطبيق على اللاعبين الكبار الذين يعملون فى مجال البحث والاستكشاف، ومع انخفاض أسعار البترول بهذا الشكل فإن مكاسب الشركات أصبحت قليلة فى ظل ارتفاع تكلفة التنقيب خاصة فى المياه العميقة، وبالتالى عندما تقبل على المشروعات الجديدة ستقوم بعملية مراجعه لأن العائد انخفض بشكل حاد".
واستكمل: "وبالتالى سيكون التساؤل عند هذه الشركات،" هل منطقة الامتياز تستدعى الإنفاق والمغامرة؟"، فى الوقت الذى بدأت فيه 90% شركات البحث والاستكشاف الكبرى، فى تقليل العمالة لديها ما بين 25 إلى 40%، وهناك دول وعلى رأسها منطقة الخليج ألغت حوالى 70% من المشروعات التى كان مخططا تشغيلها، إضافة إلى أن شركات الإنتاج الكبرى خفضت موازنتها ما بين 40 إلى 50%".
ونوه وزير البترول الأسبق "أن تخفيض الموازنة يعنى أن الاستثمارات التى كان تضخها فى دول مثل مصر، ستبدأ فى النظر اليها بطرق أخرى مثل، أن الآبار التى تضمن هذه الشركات، أنه ينتج ويحتاج إلى توسعة ستنفق عليه، أما الآبار الجديدة التى تخضع للتوقعات لن تنفق عليها، تخوفا من أن تكون غير ذات جدوى بعد إنفاق ملايين الدولار عليها، فى ظل هذه الظروف الاقتصادية.
تأثر منح ودعم الخليج لمصر بعد انخفاض أسعار البترول.
أكد المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق، أن المنح والدعم الخاص بالمنتجات البترولية الذى تتلقاه مصر، وهو مدرج ضمن مخصصات دعم الطاقة فى الموازنة العامة للدولة سيتأثر، لأن السعودية على سبيل المثال، بعد خسائرها 300 مليون دولار خلال عام، لن يكون لديها القدرة على تقديم منح ودعم بنفس المعدلات المعتادة، وكذلك باقى الدول، موضحا أن السعودية كان لديها احتياطى نقدى 700 مليار دولار، وسحبت منه العام الماضى 130 مليار دولار وهذا أكبر دليل على تأثرها.
تأثير انخفاض أسعار البترول على عقود سعر الغاز بين مصر والشركات
قال المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق، إنه من الممكن أن تلجأ بعض الشركات لتعديل سعر الغاز، لأن مصر تشترى حصة الشريك الأجنبى من الغاز، وبالتالى سوف تتأثر بالأسعار العالمية وستطالب الشركات برفع سعر الغاز، لأن اقتصاديات مشروعاتها خاصة فى المياه العميقة تتكلف على سبيل المثال لكل مليون وحده حرارية 4,5 دولار، وبالتالى لن يصبح لدى الدولة سوى دفع هذا السعر فى الشراء أو ترفض، وتضطر الشركات للتوقف لعدم الجدوى الاقتصادية.
كيف سيؤثر انخفاض أسعار البترول على سداد مستحقات الشريك الأجنبى
لفت وزير البترول الأسبق، تأثر مستحقات الشركات الأجنبية يكمن فى أن مصر كان لديها أكثر من شركة ستضخ استثماراتها، ونتيجة هذه الاستثمارات والتنقيب سيتزايد إنتاج البلاد من النفط والغاز، وبالتالى عندما يتزايد تسدد مصر من الإنتاج، ولكن مع توقعات عدم ضخ استثمارات كثيرة خلال الفترة المقبلة ستقل العملية الإنتاجية.
الحل لعدم تأثر الاقتصاد المصرى بالتأثير السلبى لأسعار البترول
أشار المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق، إلى أن الحل هو الاعتماد على الإمكانيات المتاحة محليا، والبدء فى العمل بأموال محلية وإيجاد فرص عمل كثيفة، مثل الاستثمار فى المجال الزراعى والصناعات الصغيرة والمتوسطة، والمصانع المتوقفة وغيرها من المشروعات التى تحتاج إلى مساعدة، مع إعطاء فرصة أكبر للقطاع الخاص، لأنه يستطيع ضخ استثمارات وتشغيل جزء من الصناعات الصغيرة والمتوسطة، حتى تمتص جزءا من الصدمة الاقتصادية لحين تحسن الأمور.
وتابع: "أننا فى صراع بين القوتين الكبريين وحرب تكسير عظام بين الشرق والغرب، يقع فيها الشرق الأوسط ويتأثر بها جدا اقتصاديا، إضافة إلى أنه مع البوادر التى يمكن تحدث من تدخلات عسكرية فى دول مختلفة، تؤدى إلى انكماش الاقتصاد فى دول كثيرة، كما يحدث فى البورصة المصرية حينما تكون هناك ضربات عسكرية فى دولة معينة تتأثر بها وهكذا".