أقل من 7 أشهر تفصل الجمهورية الإسلامية عن انتخابات رئاسية سوف تجرى فى يوليو 2017، ولم يتمكن المعسكر الأصولى (المحافظ) حتى الأن من حسم أمر مرشحه والتوافق حول شخصية بارزة، وتقديم مرشح قوى قادر على منافسة خصمهم الرئيس المعتدل حسن روحانى، فى وقت رفض المرشد الأعلى على خامنئى خوض الرئيس الإيرانى السابق محمود أحمدى نجاد الانتخابات كمرشح للمحافظين، وهو ما التزم الصمت أمامه.
ورغم أن خامنئى يعتبر الأب الروحى للتيار المحافظ، إلا أن المؤشرات تشير إلى أنه يمهد الطريق لمواصلة الرئيس المعتدل حسن روحانى ولاية رئاسية ثانية، كى يحقق المزيد من المكاسب لبلاده، بعد توقيع الاتفاق النووى، والوعود التى حصل عليها من الغرب برفع العقوبات تدريجيا، ودخول المستثمرين للأسواق الإيرانية لإنتعاش الإقتصاد، فالتاريخ يشير إلى أن كوادر التيار الإصلاحى والمعتدل التى ترأست إيران، استطاعت احراز ما لم يتمكن المتشددين من بلوغه، فالرئيس المعتدل الأسبق هاشمى رفسنجانى، أقام علاقات سوية مع جيرانه، لاسيما المملكة العربية السعودية، التى ربطته بها بالإضافة إلى العلاقات الدبلوماسية، علاقة أسرية كبيرة مع أسرة العاهل السعودى الراحل الملك عبدالله، كما سافر الرئيس الإصلاحى الأسبق محمد خاتمى إلى مصر بعد انتهاء ولايته فى عام 2006 وإلقاء خطابا فى الأزهر، ورغم انقطاع العلاقات الدبلوماسية فى عهده، إلا أن مصر كانت أول من بادرت بإقامة جسر جوى مع إيران، لإرسال مساعدات ومواد إغاثة، فى أعقاب الزلزال المدمر لمدينة بام جنوب شرق إيران.
وفى غياب ما يمكن تسميتهم بـ"النجوم" والأسماء القادرة على المنافسة بقوة فى اختبار الصناديق، يدور الحديث داخل المعسكر المحافظ، المقرب من المرشد والحرس الثورى الإيرانى حول عدة أسماء، من بينها عمدة طهران محمد باقر قاليباف الذى كان مرشحا الانتخابات الرئاسية 2013 وخسر أمام روحانى وحصل تقريبا على 6 ملايين صوت، وكذلك المفاوض النووى السابق مناهض الاتفاق النووى وعضو المجلس الأعلى للأمن القومى الإيرانى، "سعيد جليلى" الذى فقد ساقه اليمنى فى الحرب العراقية الإيرانية، وخاض الإنتخابات الرئاسية 2013 وحصل على 4 ملايين صوت، كما أن من بين الأسماء الأخرى الرئيس الأسبق للمؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، عزت الله ضرغامى.
وعلى الجبهة الأخرى، يظل المعسكر الإصلاحى أكثر استقراراً، حاسماً موقفه بالاصطفاف خلف الرئيس الحالى، حسن روحانى، والدفع به إلى الفوز بولاية ثانية، على الرغم من عدم تمكن روحانى من تحقيق أى تقدم على صعيد الاقتصاد والتنمية.
وفى مؤشر على تماسك الإصلاحيين، تمكن معسكر روحانى من تحقيق مكاسب لا بأس بها فى الانتخابات التشريعية التى جرت فى فبراير الماضى، عقب سنوات من التهميش والإقصاء من البرلمان، بعد أن وسع التيار المحافظ هيمنته فى السنوات (2005- 2009)، ونجح الإصلاحيين فى تشكيل ائتلاف مع المعتدلين والمحافظين المستقلين، ورغم أنه لم يتمكن من الحصول على الأغلبية فى البرلمان، إلا أن تواجده واكتساح مقاعد العاصمة طهران تعد غنائم لا يمكن إغفالها.
وبرغم عجز روحانى خلال ولايته الأولى التى تدخل أشهرها الأخيرة عن تحقيق كامل وعوده الانتخابية، وفى مقدمتها الإصلاح الإقتصادى، إلا أنه يظل الخيار الأفضل أمام الإيرانيين، وأمام المرشد، حيث استطاع أن يجعل التضخم فى إيران رقماً واحداً، وليس أرقاماً متضاربة، فضلا عن انتزاع الاعتراف الدولى بشرعية البرنامج النووى الإيرانى.
وتؤكد عدة مؤشرات أن المرشد سيكون أكثر ميلاً إلى روحانى، لما يتمتع به من قاعدة شعبية مقبولة على مستوى الداخل، وحضور على الصعيدين الإقليمى والدولى، ونجاحه فى قامة علاقات "سوية" مع الدول الكبرى الأمر الذى تحتاجه إيران لمدة 4 سنوات تالية، للحفاظ على التوازنات الإقليمية والدولية، والبعد عن الوجوه التى يمكن أن تكون مصدر استفزاز للغرب بشكل أكثر مما ينبغى، ومحاولة استثمار الضغوط التى من الممكن أن تتم ممارستها على المملكة العربية السعودية ـ الغريم الإقليمى ـ بعد صدور قانون "جاستا" الأمريكى.
2914861