ينشر "انفراد" حيثيات وأسباب رفض محكمة النقض، طعن مبارك ونجليه فى قضية القصور الرئاسية.
استعرضت المحكمة وقائع الحكم المطعون فيه، وقالت فى حيثياتها أن محمد حسنى مبارك بصفته موظفا عموميا "رئيس جمهورية مصر العربية" سابقا قبل مباشرة مهام منصبه، أقسم بالله العظيم أن يحترم الدستور والقانون، وكان من سلطاته إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل أو إعفاء من تنفيذها كسائر المواطنين خاضع لأحكام الدستور والقانون.
وكشفت حيثيات الحكم أنه ومن واجبات وظيفته الحفاظ على المال العام ومنع العدوان عليه، إلا أنه حنث فى قسمه، وأساء استغلال وظيفته، فاستولى لنفسه كما سهل لنجليه المتهمين الثانى جمال والثالث علاء الاستيلاء بغير حق على المال العام المملوك للدولة بنية تملكه وإضاعته على مالكه، وذلك بمبلغ جملته 125 مليونا و779 ألف و237 جنيه و53 قرشا، ذلك أنه منذ أن تولى الشاهد الأول المهندس عمرو خضر مهام وظيفته بالسكرتارية الخاصة فى شهر نوفمبر 2001 أصدر له المتهم الأول بصفته تعليمات شفوية مباشرة وأخرى غير مباشرة عن طريق اللواء جمال عبد العزيز رئيس السكرتارية الخاصة برئاسة الجمهورية مفادها أنه أى المهندس المذكور مختص وظيفيا بتنفيذ أوامر وتعليمات المتهم الأول، وسائر أفراد أسرته، وكذا تلبية جميع طلباتهم من أعمال وتوريدات تتم وتنفذ فى ممتلكاتهم الخاصة مع خصم قيمتها من مخصصات مراكز اتصالات رئاسة الجمهورية المدرجة بميزانية وزارة الإسكان وهو ذات ما كان يسير عليه العمل قبل شغل المهندس المذكور لوظيفته.
وأوضحت الحيثيات أنه ونفاذا لذلك أصدر له المتهمون الثلاثة ومعظم أفراد أسرهم العديد من التعليمات والطلبات بإجراء أعمال إنشائية وتشطيبات وتوريدات أثاث ومعدات وغيرها فى العقارات المملوكة لهم ملكية خاصة، وهى مقر إقامة الأول وأفراد أسرته بفيلا بشارع حليم أبو سيف بمصر الجديدة، ومقر آخر لإقامتهم فى خمس فيلات بمنطقة الجولف بشرم الشيخ ومزرعة النصر بجمعية أحمد عرابى بطريق مصر الإسماعيلية الصحراوى، وهى عبارة عن قطعتى أرض أولهما مساحتها 20 فدانا والثانية 5 أفدنة وشقة سكنية ومخزن بشارع نهرو بمصر الجديدة وفيلتين بمارينا بالساحل الشمالى وشقتين كل منها فى طابق بأبراج عثمان بشارع السعادة بمصر الجديدة، ومكتب المتهم الثانى بمقر الحزب الوطنى بالقاهرة، وأرض بمنطقة النهضة بشرم الشيخ وفيلا رقم 161 بأرض الجولف بالتجمع الخامس وشقة بمصر الجديدة كان يشغلها المتهم الأول إبان عمله قائدا للقوات الجوية، ومكتب خاص بزوجتة بمركز سيتى ستارز التجارى بالقاهرة ومقبرة خاصة بالعائلة.
وأكدت الحيثيات أنه تم تنفيذ بعض هذه الأعمال والتوريدات بمعرفة شركة المقاولون العرب بطريق التنفيذ الذاتى أى بمعدات وموظفى الشركة والباقى منها تم تنفيذه بمعرفة مقاولين من الباطن، قرر أصحاب بعضها الذين أمكن سماع أقوالهم بالتحقيقات بتنفيذ كل منهم لجزء من هذه الأعمال وكانوا يحررون عنها فواتير يقدمونها إلى المهندس المختص برئاسة الجمهورية لاعتمادها وصرف قيمتها لهم من شركة المقاولون العرب.
ونوهت الحيثيات إلى أنه كان المختصون برئاسة الجمهورية تنفيذا لتعليمات المتهم الأول وتلبية لطلبات المتهمين جميعا يطلبون من المقاولين من الباطن ألا يثبتوا بالفواتير أماكن تنفيذ الأعمال أو يثبتوا فيها أن الأعمال تم تنفيذها فى مراكز الاتصالات برئاسة الجمهورية وليس فى أماكن تنفيذها الحقيقة حتى يمكنهم صرف مستحقاتهم، وذلك بزعم المحافظة على سرية وأمن الرئاسة فكانوا يقومون بذلك بحسن نية معتقدين مشروعيتها لأسباب معقولة ودون علمهم بمصدر الأموال المنصرفة لهم، وبموجب هذه الحيلة يكون الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام قد وقع، وقد ارتبطت هذه الجريمة ارتباطا لا يقبل التجزئة بجريمتى التزوير فى محررات رسمية واستعمالها مع العلم بتزويرها ذلك أن الفواتير والمستخلصات الخاصة بهذه الأعمال والتى تم تنفيذها بواسطة المقاولين من الباطن كان بعضها لا يثبت بها عمدا مكان التنفيذ وكان البعض الآخر يتضمن بيانات مخالفة للحقيقة عن مكان التنفيذ وذلك لستر جريمتى الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام.
كما أشارت الحيثيات إلى أنه قام المقاولون من الباطن بتقديم هذه الفواتير للمختصين برئاسة الجمهورية وهما الشاهدان عمرو محمود خضر ومحى الدين عبد الحكيم فرهود لاعتمادها منهما أو من أحدهما ثم إرسالها إلى شركة المقاولون العرب لمراجعتها حسابيا وإدراجها فى مستخلصات هذه الشركة مضافا إليها أعمال التنفيذ الذاتى وخصم قيمتها من مخصصات مراكز اتصالات رئاسة الجمهورية المدرجة بميزانية وزارة الإسكان، ثم ترسل هذه المبالغ إلى شركة المقاولون العرب لصرفها إلى مستحقيها وكان ذلك يتم بحسن نية من مقاولى الباطن والمختصين بشركة المقاولون العرب ووزارة الإسكان، مع علم المتهمين الثلاثة بسداد قيمة هذه الأعمال من المال العام وليس من أموالهم الخاصة، وقد ترتب على ذلك أيضا إضرار المتهم الأول بصفته ضررا جسيما بالمال العام وهو قيمة الأعمال والتوريدات التى تمت فى عقارات المتهمين الخاصة واشتراك المتهمين الثانى والثالث مع والدهما بإصدار تعليمات بتنفيذ أعمال إنشائية وتشطيبات وتوريدات معدات وأثاث فى العقارات المملوكة لهم.
وتابعت الحيثيات فى سرد وقائع القضية أن تقرير لجنة الفحص المشكلة من النيابة العامة قد أورى أن عدد فواتير مقاولى الباطن عن الأعمال التى تم تنفيذها بالمقرات الخاصة بالمتهمين الثلاثة وأفراد أسرهم، والتى تيسر للجنة الاطلاع عليها هو 1336 فاتورة قيمتها 105 مليون جنيه و997 ألف و581 جنيه وذلك عن الفترة من العام المالى 2002 – 2003 حتى 2010 – 2011 وتم إدراج هذه الأعمال فى مستخلصات شركة المقاولون العرب عن مشروع مراكز اتصالات رئاسة الجمهورية، وتقديمها لوزارة الإسكان بعد إضافة نسبة الأرباح والمصاريف الإدارية الخاصة بشركة المقاولون العرب لتصبح قيمتها 125 مليونا و779 ألف و237 جنيه وتم صرف قيمتها خصما من موازنة مراكز اتصالات رئاسة الجمهورية.
كما أكدت الحيثيات أنه انتهى قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى إلى أنه قد ثبت من المضاهاة أن كلا من محى الدين فرهود وعمرو خضر هو المحرر لتوقيعاته المنسوبة إليه وهى عبارة عن فواتير بيع صادرة من شركات عديدة عن سنوات مختلفة من عام 2003 حتى عام 2011 موجهة لشركة المقاولون لعرب، وقد ثبت من التحقيقات قيام جمال وعلاء مبارك بسداد مبلغ وقدره 104 مليون و582 ألف و219 جنيه من أموالهما الخاصة لحساب وزارة الإسكان.
وأوضحت الحيثيات أن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من دعوى الخطأ فى الإسناد إذ نقل عن الشهود السادس والسابع والثامن والثالث عشر والسادس عشر والثلاثون ما يخالف ما ورد بأقوالهم فى تحقيقات النيابة فى شأن تحديد الفترة الزمنية التى تم تنفيذ الأعمال فى المقرات والعقارات الخاصة خلالها بما يخرج البعض منها عن الفترة التى تم مسائلة الطاعنين عنها فإنه بفرض قيام هذا الخطأ فهو لا يعيب الحكم ولا يعدو أن يكون خطأ ماديا وزلة قلم لا أثر لها فى الحكم وما انتهى إليه.