انفجرت معركة "المراجعات" داخل جماعة الإخوان، بعد مقتل محمد كمال، مسئول اللجان النوعية بالجماعة، بعدما طالب بعض قيادات التنظيم بضرورة إعادة دعوات المراجعة داخل التنظيم خلال الفترة المقبلة، فى الوقت الذى أكدت فيه جبهة محمود عزت القائم بأعمال مرشد الإخوان، أنها ستسير على موقفها ونهج الجماعة.
على البغدادى، القيادى الإخوانى، قال إن الجماعة والحركات الإسلامية، بحاجة إلى إعادة تصحيح المفاهيم السائدة فى أوساط أنصار الحركات الإسلامية التى كانت تستنكف عن ثقافة المراجعة والتصحيح وتعبره أمرا خارقا لأعرافها التنظيمية.
وأضاف، فى مقال له على أحد المواقع التابعة للإخوان:"النقد عن الإخوان لا يكون إلا داخليا وعبر التسلسل الهيكلى، وهذا الطرح -كما أنه طرح متهافت قد تجاوزه الزمن ولم يعد له اعتبار واقعى- فهو أيضا لا يعير اهتماما لجماهير من المناصرين والمفكرين الذين لم يطيقوا البقاء فى الأطر التنظيمية ويعتبرهم مجرد منفذين لسياسات الحركة دون أن يكونوا شركاء في صناعة القرار، وهو أمر غير منطقي فكيف تطلب من الناس النصرة والدعم الذي قد يكلفهم حياتهم دون أن يكونوا شركاء في صناعة القرار".
وتابع البغدادى:" رغم أن سيلا من المراجعات قد طرح على كثيرين، لكنها مع الأسف كانت تقابل بالمكابرة والإنكار والتشكيك بدلاً من الأخذ بها وهذه طبيعة التنظيمات المغلقة التى لا ترى فى الرأي الآخر أمرا مفيدا، لكن هذا الرأى نفسه إن طرح على يد قيادات لها".
من جانبها وجهت جبهة محمود عزت، القائم بأعمال مرشد الإخوان، رسائل داخلية بالمحافظات، تضمنت أن التنظيم سيسير على نفس النهج الذى اتبعه فى وقت سابق، وأن الأزمة انتهت والمحافظات والأماكن كلها تحت السيطرة، والأمور عادت لنصابها وتم إجراء انتخابات وأفرزت قيادة جديدة.
كما تضمنت الرسائل الداخلية لمحمود عزت، أنه لا تغيير للقيادات الحالية للجماعة، وأنه لم يعد هناك أى أزمات إلا فى المكاتب الإدارية بمحافظتى الإسكندرية والفيوم.
فيما أوضح عز الدين دويدار، القيادى الإخوانى، أن طريقة إدارة محمود عزت للإخوان استراتيجية صراعية معروفة لإدارة الصراعات، تعتمد أن تعتم أولا على المعلومات وتفرض عزلة تقطع قنوات الاتصال داخل الجماعة وتشوه معارضيه فى الإخوان، وتستهدف بالطعن أى مصادر مستقلة للمعلومات.
وكشف دويدار، أن محمود عزت قطع كل أدوات التواصل الخاصة بقواعد الإخوان، لتغييب المعلومات عنهم، موضحا أنه لم يعد هناك طريقة متوفرة للقواعد ولا للمراقبين والإعلاميين والمهتمين، للتثبت من صحة ما يقوله محمود عزت أو تكذيبه.
وأشار إلى أن القائم بأعمال مرشد الإخوان، استخدم عدة طرق لإخضاع المكاتب الإدارية للإخوان تحت سيطرته، أبرزها (التحقيقات - الفصل - التجميد - التهديد - الاقصاء والاستبعاد التنظيمى - الحصار المادى – التشويه)، لكنها لم تحقق النتائج المنتظرة، بل انعكس أثر تلك الحملات وشكلت ضغطا على جبهة القائم بأعمال المرشد.
من ناحيته قال هشام النجار، الباحث الإسلامى، إن الحديث عن المراجعات غير واقعى فى ظل المناخ السائد حالياً، وهناك عقبات كبيرة منها عدم وجود القيادة التنظيمية القوية القادرة على جمع الجماعة خلف هذا المسار ومنها الانقسامات داخل الجماعة ومنها ضعف حضور الصوت الاصلاحى داخل الجماعة فحتى الأطراف المتنازعة ليست بين تيار قطبى وإصلاحى بل بين أطراف متشددة كلاهما لا ينتمى للتيار الاصلاحى والنزاع بينهما متعلق بأمور ادارية ومالية وتمويلية بعيداً عن النزاع المنهجى.
وأضاف "النجار"، فى تصريح لـ"انفراد"، أن الوضع الإقليمى يجعل الجماعة أقرب للحلول الحادة مع الدولة منها للحلول الوطنية ويمثل ارتباط الجماعة بمصالح وخيارات قوى اقليمية فى المنطقة أكبر العقبات أمام اجراء مراجعات منهجية وفكرية وسياسية حقيقية، وما سوى ذلك يظل حديث بعض القيادات هنا وهناك عن مراجعات فى عداد التكتيك المرحلى لإعادة تموضع الجماعة فى مركز يمكنها من امتصاص الأزمة والضربة التاريخية المسبوقة ومن ثم الانطلاق من جديد.