نقلا عن العدد اليومى...
جمعتنى الصدفة بأحد المسؤولين الحكوميين الكبار، وتحدث معى عن أنه عندما استلم وظيفته وجد كمًّا من الأجهزة الجديدة وقد تم تخزينها لمدة أربع سنوات لدرجة أن موديلات هذه الأجهزة لم تعد لها قطع غيار، وأنه لا يمكن تركيبها ولا يمكن بيعها، لأنه لا يوجد من يشتريها، وفى نفس الوقت تشغل حيزا كبيرا من مخازن الحكومة، فكان مصيرها أن تباع خردة رغم أنها لم تستخدم.
ولو حققت فى الموضوع فستجد أن لجنة اشترت هذه الأجهزة لعلاقات رئيسها بالشركة البائعة ولم تكن هى المطلوبة، واللجنة دى رئيسها مات وأى وجع دماغ مفيش منه أى فائدة، والنهاية ملايين راحت على البلد.
جمعتنى الصدفة بأحد المحافظين قال لى إنه من 2011 حتى اليوم عدد المخالفات فى البناء على الأراضى الزراعية فى المحافظة وصل إلى آلاف الحالات، وآلاف أخرى فى البناء من دون ترخيص، وفى زيادة أدوار من دون ترخيص، وعندما أراد تطبيق القانون بالإزالة سأل نفسه: أزيل مين وأبتدى منين، وكل المبانى دى مين هيخسر فلوسها؟ والناس اللى اشترت؟ وفى النهاية بقى الحال كما هو عليه ولا قانون طُبق ولا حاجة.
ولو حققت فى الموضوع فستجد أن الناس استغلت أى ظروف بتمر بيها البلد وعملت كل اللى عاوزاه فى موضوع البناء المخالف من غير لا ضمير ولا وطنية.
جمعتنى الصدفة بأحد المستوردين، فسألته بكم تشترى الدولار اليوم؟ أجاب إن السؤال يحتاج إلى تعديل، بأن أحدد أى ساعة فى اليوم، لأنه كل ساعة بسعر، قلت له: وأنت مهما ارتفع هتشترى؟ قال: طبعا أنا التاجر بيجيب لى الدولار وهو عارف إن عمرنا ما هنختلف وأى كمية عنده هاخدها.
ولو حققت فى الموضوع هتلاقى المستورد ده حاجته جاية فى البحر ولازم يدفع باقى تمنها قبل ما توصل، طيب لو حتى الدولار بقى بعشرين جنيه هو مش فارقة معاه لأنه هيحمله على الزبون، المهم إن البضاعة تدخل البلد، وكده كده هتتباع، ويولع الجنيه، المهم مكسبه هو.
جمعتنى الصدفة بأحد الموظفين فى الجهاز الإدارى، فسألته إن رئيسه مش متحمس أنه يمضى على الورق مع أنه قانونى، قال لى: يا بيه كل حاجة وليها أصول، الورق سليم ومن حقك أنه يمضى عليه، بس الأرقام اللى فى الورق كبيرة، وكلك نظر، مش معقول إن ورق زى ده الراجل ما يسترزقش من وراه.
ولو حققت فى الموضوع هتلاقى أن المدير وكام واحد من اللى تحت إدارته مرتشين وحرامية ومكفرين سيئات الناس من غير أى داع.
وعشان ما أبقاش متحيز
جمعتنى الصدفة بأحد المحامين وسألته كيف ترفع قضية إيصال أمانة على زوجة شخص تكرهه وأنت تعلم أن لا صلة إطلاقا بينك وبينها؟ فقال لى: هى مرات واحد بكرهه وهى الوحيدة اللى هتخليه يبجى عندى راكع وأنا مش خسران حاجة.
ولو حققت فى الموضوع هتلاقى أن المحامى واخد توكيل من شخص بسيط عطاله خمسين جنيه وبيعمل القضايا على الناس باسمه، وفى الآخر إبقى ارجع على الموكل ده لو لقيته أو عرفت مكانه.
جمعتنى الصدفة بأحد الإعلاميين فسألته: ازاى تدافع عن فلان وأنتم كنتم متخانقين وبتقول عليه فاسد؟ قال لى: ياسيدى كان فاسد وتاب، أنا مغسل ومش ضامن جنة، يعنى اللى عاوز يتصالح مع المجتمع نصالحه، واللى عاوزين نكره المجتمع فيه نخلى المجتمع يكرهه، أنا راجل صنايعى ودى مهنتى».
ولو حققت فى الموضوع هتلاقى إن ده إعلامى معروف بنى ثروته من فلوس رجال الأعمال، لأنه ياما هاجم ناس، وياما ظبط ناس، وكله ضحك على الناس، وعشان مصلحته الشخصية».
مين كل دول اللى أنا قابلتهم؟ دول نماذج من مجتمعنا موجودين فى وسطينا، وبعضهم مشهورين ومعروف عنهم الفهلوة، وناس مجاملة، وليهم أصحاب مهمين، بس للأسف نماذج فاسدة، وأصبح فاسدهم جزءا من تميزهم، وأصبح الهجوم عليهم من أصعب ما يكون.
مع وجود هؤلاء لا يمكن أن يكون حجم التقدم ملموسا، لأنهم قادرون على نسف كل تقدم وعلى هدم كل بناء.
لكن السؤال: ازاى نقضى على هؤلاء إذا كان بعضهم منوطا به تنفيذ القانون، والآخر كشف المخالفين للقانون؟
الموضوع محتاج شخص قوى له ظهر لا يُقصم، له سند كبير يستند عليه.