بعقوبات رادعة وحلول مبتكرة، بدأت عدة دول آسيوية التصدى لأكاذيب وادعاءات منظمات حقوق الإنسان الغربية، والانحياز بشكل واضح لمصالح شعوبها، وفى صدارة تلك الدول إندونيسيا التى قررت حكومتها التصدى بجرأة لجرائم الاغتصاب والتحرش، وكذلك الفلبين التى يخوض رئيسها حربا شرسة ضد تجارة المخدرات والمافيا التى تقف وراءها.
وفى غضون أسابيع قليلة، احتل الرئيس الفلبينى رودريجو دوتيرتى صدارة اهتمامات وسائل الإعلام الغربية، وأصبح محط أنظار العالم، بعدما أعلن حربا لا هوادة فيها ضد تجارة المخدرات فى بلاده، متعهداً بالقضاء عليها حتى ولو اضطر إلى ذبح 3 ملايين متعاط وتاجر - على حد قوله - كما وجه فى خطاب سابق ألقاه فى أغسطس الماضى المسئولين فى حكومته لتصفية أى مدمن أو تاجر، قائلاً: "إذا كنتم تعرفون أى مدمن مخدرات.. اذهبوا واقتلوه".
وفى تعليق على النهج الصارم الذى اتبعه الرئيس الفلبينى، دافع قائد الشرطة فى الفلبين رونالد ديلا روزا عن تلك المواجهات قائلاً: "700 ألف من مستهلكى المخدرات وبائعيها استسلموا للشرطة من أنفسهم"، فيما ارتفعت حصيلة تلك المعارك إلى ما يقرب من 3 آلاف قتيلاً، حتى الآن.
وواجه الرئيس "دوتيرتى"، عدة انتقادات لطريقه إدارته للحرب ضد المخدرات، ولم يسلم من انتقادات منظمات حقوق الإنسان الغربية، وعدد من رؤساء الدول الكبرى، الأمر الذى دفعه إلى إعلان قطع علاقته مع الولايات المتحدة، صباح الخميس بعد أقل من شهر من إقدامه على سب الرئيس الأمريكى باراك أوباما ووصفه بـ"ابن العاهرة"، فضلاً عن وصفه الاتحاد الأوروبى بـ"اتحاد المنافقين".
ومن الفلبين إلى إندونيسيا، حيث يواصل الرئيس جوكو ويدودو إدارة الأزمات التى تواجه بلاده بأفكار "خارج الصندوق"، تتسم بقدر من الحدة والصرامة، ومن بين تلك الأزمات تزايد جرائم الاغتصاب والتحرش، والتى قرر التصدى لها بإقرار عقوبة "الإخصاء الكيماوى" لكل من يثبت تورطه فى ارتكاب مثل هذه الجرائم، متوعداً نقابة الأطباء والمنظمات التى أدانت تلك العقوبة، باللجوء لأطباء عسكريين لتنفيذها.
وجاءت تلك العقوبة بعد أيام من اغتصاب فتاة لم تتعد الـ14 عاماً من عمرها داخل إندونيسيا، الأمر الذى دفع الرئيس الإندونيسى إلى إقرار مثل هذه العقوبة، مؤكداً فى تصريحات سابقة نشرتها صحيفة إندبندنت البريطانية أن تطبيق الإخصاء الكيماوى إذا تم بشكل مستمر، ستقل الجرائم الجنسية ويتم محوها فى إندونيسيا إلى الأبد. وقال: "أعلم تماماً أن دستورنا يحترم حقوق الإنسان، لكن عندما يتعلق الأمر بالجرائم الجنسية فلا مجال للتنازل".
وبرغم تزايد جرائم التحرش والاغتصاب بشكل واضح، إلا أن عدة منظمات ونقابات فى مقدمتها نقابة الأطباء ـ الجهة التنفيذية لمثل هذه العقوبة ـ أعربت عن استنكارها لها، حيث قالت النقابة فى بيان لها إن أعضاءها لن يقوموا بمثل هذه العمليات لمخالفتها الأخلاقيات الطبية، الأمر الذى رد عليه الرئيس بقوله: "سنلجأ لأطباء آخرين مثل الأطباء العسكريين".
واللافت أن من بين المنظمات المعترضة على القانون، المجلس القومى لحقوق المرأة الإندونيسى، والذى اعتبر أن تطبيقه يتضمن قدراً من الوحشية، وقال بيان للمجلس: "هذا الإجراء غليظ للغاية ويتعدى الواقع، فهى عقوبة غير عادلة، كما إنه لم يقلل بدوره ارتكاب الجرائم الجنسية ضد القاصرين"، كما طالب المجلس فى المقابل بضرورة التركيز على كل ما يقدم مساعدة للفتيات القاصرات المعتدى عليهن.
فيما قالت منظمة العفو الدولية فى بيان لها: إن هذه العقوبة تعد انتهاكا واضحا وصريحا لحقوق الإنسان، مشيرة إلى أنه لا أحد يستطيع أن يصف حدة الاعتداء الجنسى الموجه ضد الأطفال، ولكن الخصى الكيماوى أو الإعدام ليس عدلاً، كما أن عقوبات الإعدام لم تثبت أن لها أى ردع على مستوى العالم فى مختلف القضايا وليست التحرش فقط".
وأشارت المنظمة فى بيانها إلى أن الخصى الكيميائى، هو عملية يتم خلالها حقن الهرمونات الأنثوية فى جسم الرجل مما يتسبب فى وقف الشهوة الجنسية لديه وضمور أعضائها وتلف وظيفتها الجنسية.
ولا تعد عمليات الإخصاء الكيماوى ظاهرة جديدة، حيث تطبقها عدة دول من بينها بولندا وتركيا وكوريا الجنوبية وروسيا وبعض مدن الولايات المتحدة الأمريكية. ومن المشاهير الذين تم إخصاؤهم كيماوياً آلان تورنج، مخترع الحاسب الآلى، حيث تمت معاقبته على مثليته الجنسية بمثل هذا الإجراء، قبل أن يصاب بالاكتئاب ويقدم على الانتحار.