تحتفل الكنائس الإنجيلية فى مصر والعالم فى أكتوبر الجارى بمرور نصف قرن على حركة الإصلاح الإنجيلى التى قادها القس مارتن لوثر حين احتج على تعاليم الكنيسة الكاثوليكية فى ألمانيا منتصف القرن الخامس عشر، وقال عبارته الشهيرة "أنا احتج" وهى الترجمة العربية للكلمة بروتست أو اعترض التى أصبحت فيما بعد اسما لكنيسته البروتستانتية قبل أن تغير اسمها إلى الإنجيلية لتؤكد تمسكها بتعاليم الإنجيل والكتاب المقدس كمصدر للديانة المسيحية.
القس نصر الله زكريا، مدير المكتب الإعلامى للكنيسة الإنجيلية بمصر، اعتبر مارتن لوثر، زعيما لحركة الإصلاح الكنسى حيث علق 95 اعتراض ضد الكنيسة الكاثوليكية فى ألمانيا، ووضعهم على باب كاتدرائية هناك دون أن يهدف إلى الاحتجاج أو الانفصال عن الكنيسة ولكن الظروف كانت مهيأة لتأسيس حركة كنسية موازية فى تلك الفترة لأسباب سياسية واجتماعية واقتصادية الكاثوليكية استطاع أن يجمع الأمراء والفلاحين وقاد نزعة استقلال عن الكنيسة الكاثوليكية فى روما.
أما كلفن وفقا للقس زكريا فهو أهم منظرى للإصلاح الإنجيلى لأنه استطاع صياغة مبادئ مارتن لوثر بشكل لاهوتى جاد ومنظم حيث كان محاميا، وكتب كتابه الشهير المبادئ المسيحية الذى يعد مانفيستو الكنيسة الإنجيلية فى العالم كله.
يرى القس نصر الله زكريا أن حركة الإصلاح الإنجيلى لم تغير شكل الكنيسة فحسب ولكنها غيرت وجه العالم أجمع فنتيجة للإصلاح الكنسى وحرية الفكر والتعبير انتقلت أوروبا إلى عصر النهضة ودخلت عصور الاكتشافات العلمية الحديثة حتى أن كل دول العالم، التى يغلب على سكانها المذهب الإنجيلى هى دول متقدمة كالولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإنجلترا.
أما بالنسبة لمصر فيقول القس زكريا، أن البعثات التبشيرية الانجيلية التى دخلت مصر فى القرن التاسع عشر هى أول من أسست مدرسة لتعليم البنات "مدرسة الأمريكان بأسيوط"، ونقلت الكنيسة من مجرد كيان روحى إلى عضو فاعل فى المجتمع لديه مؤسسات علاجية ومدارس وجمعيات خيرية.
ويشير نصر الله إلى أن الكنيسة الإنجيلية كانت أول كنيسة تلحق بها مستشفى بعدها انتقلت الفكرة لباقى الكنائس والمساجد أيضا، كذلك فإن الهيئة القبطية الانجيلية التابعة لها هى التى فتحت الطريق أمام منظمات المجتمع المدنى وقادت حركة العمل الاجتماعى بالإضافة إلى دورها فى ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة العربية وهى الترجمة الوحيدة المعتمدة منذ قرون.
وعن تعدد الفرق والمذاهب داخل الكنيسة الإنجيلية والتى تصل إلى ما يقرب من ثمانية عشر مذهب إنجيلى، اعتبر نصر الله أن كثرة المذاهب دليل انفتاح وتعدد وليس فرقة وتقسيم قائلا: "لا نخشى على جماعة مفكرة أو حرة ووجود مذاهب إنجيلية متعددة نتاج طبيعى للحرية ولكنها جميعا تتبع نفس الطائفة وتتفق معها فى الإيمان والأصول والخلاف فى الفروع فقط".
فيما رأى القس رفعت فكرى راعى الكنيسة الانجيلية بأرض شريف أن حركة مارتن لوثر الإصلاحية كانت انطلاقة لكيفية إعادة قراءة النص الدينى والفصل بين السلطة السياسية بين الدين، وحين حدث هذا الفصل تقدمت أوروبا بعدما كانت المؤسسة الكنسية تضطهد العلماء وجاليليو حين أقر كروية الأرض تم تهديده وتراجع عن رأيه.
وتابع: "مارتن لوثر حرر العقل الإنسانى وانتصر للعلم وانتهى الخلط بين السياسية والدين، وانتشر الإصلاح فى أوروبا وبدأت الثورة الصناعية وعصور النهضة والتنوير مستكملًا: "يحسب لثورة الإصلاح الإنجيلية إنها أرست قواعد حرية الضمير الفردى فالله هو صاحب الحق الوحيد فى محاسبة البشر".
ووصف فكرى تعدد المذاهب فى الكنيسة الإنجيلية بالظاهرة الايجابية، لأنها تعنى تعدد القراءات للنص الواحد مشيرا إلى أن الخطورة تكمن فى من يعتبر قراءته هى الفهم الوحيد للنص الإنجيلى.