مصر ليست مجرد اسم لبلد ولكنها كلمة كبيرة، لا يعرف معناها سوى الأشخاص الوطنيين المستعدين لدفع كل غالي ونفيس من أجلها، حتى لو ذهبت أرواحهم فداءاً لها، وحفاظاً على أمنها وعلى كل ذرة تراب يسيرون عليها، من بين هؤلاء الأشخاص الرائد محمد الحسيني رئيس مباحث أبوصوير بالإسماعيلية، الذي سطر تاريخه بحروف من نور ستذكرها الأجيال من بعده ويضرب بها الأمثال فى التضحية من أجل الوطن، بعد ان دفع حياته ثمناً لخيانة أمين شرطة وضابط بسجن المستقبل، لتورطهما فى هروب 6 مساجين من بينهم 3 منتمين لأنصار بيت المقدس، وتهريب عدد من قطع الأسلحة لهم لمساعدتهم فى الهروب، واستخدموها فى قتل رئيس مباحث أبوصوير الملقب بأبوالرجولة ومواطن آخر.
اللحظات الأخيرة فى حياة الحسيني
وتبدأ القصة بورود بلاغ عاجل لمركز شرطة أبوصوير يفيد بمحاولة مساجين الهروب من سجن المستقبل، وعلى الفور ترك الحسيني مكتبه واتجه بقوة من القسم إلى سجن المستقبل وبتوجيهاته انتشرت قوات أمنية بمحيط السجن لتأمينه من الخارج وسط إطلاق نيران مجهولة المصدر، وفوجئ الحسيني بتواجد سيارة بمحيط السجن يستقلها الهاربون وبحوزتهم أسلحة نارية أثناء تمشيط المنطقة المحيطة بالسجن، ولم يخش الحسيني الموت ووضع أمن وسلامة بلده نصاب عينيه وتوجه لمطاردة الهاربين، وسط إطلاق نيران كثيف من قبلهم، ولم يتوقف حتى عند إصابته بطلقة فى الرأس وسقط على الأرض، ويفر الهاربون، وعلى الفور تم نقله لمستشفى الإسماعيلية، العام، وتبين إصابته بتفتت بالجمجمة، وتوقف المخ ومع تدهور حالته، نقل للعناية المركزة بمستشفى الجامعة التخصصي، وتعثر نقله لمستشفى المعادي العسكري لتدهور الحالة، واستمر الحسيني فى العناية المركزة إلى أن عاد الأمل للأطباء من جديد مساء أمس ببداية مخه فى الاستجابة والعودة للعمل مرة آخرى، ولفظ الحسيني أنفاسه الأخيرة مساء اليوم السبت، وكأنها رافضة الحياة مرة آخرى بعد أن خانه زملائه.
الحسيني بين زملائه
وعندما تسأل أى شحص ممن تعاملوا مع الحسيني عنه، لاتجد من يسئ إليه، فجيمعهم شهدوا له بالشجاعة والاحترام والكفاءه والاجتهاد والتميز، وانه يدفع بنفسه فى أى صارعات، وسط خطوط النار، ولايخشى الموت، فالشهادة كانت غايته، حيث شارك فى العديد من المأموريات ومداهمة العديد من المناطق الشائكة، كان أبرزها منطقة السحر والجمال الواقعة بالمنطقة الحدودية مع أمن الشرقية، والتى تعد أخطر البؤر الإجرامية بالإسماعيلية،نظرًا لقيام بعض الأعراب باتخاذ تلك المنطقة مسرحًا لمزاولة نشاطهم الإجرامي، وبيع وترويج المواد المخدرة، خاصة جوهر الهيروين، مستعينين بأعوانهم من الخارجين عن القانون، وما يحوزونه من أسلحة نارية لحماية تجارتهم غير المشروعة، ومستغلين موقعهم بالقرب من طريق "الإسماعيلية – القاهرة" الصحراوي، ووجود تلال من الرمال والحدائق الكثيفة كسواتر لهم، وكذلك ضبط العديد التشكيلات العصابية المتخصصة فى السطو المسلح والخطف فى الإسماعيلية.
وكان يشغل الحسيني منصب رئيس مباحث المناخ بمديرية أمن بورسعيد قبل نقله إلى إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن الإسماعيلية ومنها إلى رئاسة مباحث أبوصوير، وقد ودعنا اليوم تاركاً وراءه أطفاله الثلاثة بنتين وولد والذى يأمل الكثيرون فى أن يبقى بطلاً مثل والده.
وكان 6 مساجين قد حاولوا الهروب وتم ضبط شخص منهم وجاري ضبط باقى الهاربين وهم 3 منتمين لبيت المقدس هم "احمد شحاتة مصطفى" مضبوط في القضية رقم 185جنايات عسكرية، و المتهم عودة درويش علي سلام في القضية 83 جنايات عسكرية، والمتهم صلاح سعيد سعد لافي مضبوط في القضية رقم 109 جنايات عسكرية، و 3 آخرين جنائيين وهم ياسر عيد زيد حسن مضبوط في القضية رقم 103 جنايات ابوصوير، احمد يونس محمد يونس، و عوض الله موسى متهمان مطلوبان فى عدة قضايا سطو مسلح على محلات بيع الذهب وارتكاب عدد من وقائع الخطف بالمحافظة تحت تهديد السلاح الآلي وإطلاق سراح المختطفين بعد دفع فدية، وتم ضبط المتهم الأخير أثناء محاولة الهروب من السجن.