يظن الكثير من العرب والمسلمين، أن مسيحى الشرق ينظرون للإسلام بتلك النظرة العدائية التى تصدرها بعض وسائل الإعلام الدينية، وتحت عناوين عريضة تظهر خلافات كبيرة حول زمن فتح مصر، والروايات المختلف عليها التى تحكى ما جرى للمسيحيين إبان الفتح العربى الإسلامى وما يندرج تحت ذلك من معارك، يظهر السؤال؟، كيف تدرس المعاهد الكنسية المسيحية التراث العربى والتاريخ الإسلامى؟.
الإجابة على هذا السؤال كانت فى كلية اللاهوت الإنجيلية، وهى المعهد الإنجيلى الذى يعتبر مصنعًا لتخريج قساوسة ورعاة للكنائس الإنجيلية بمصر وذلك عبر الدراسة فى فترته الصباحية، بينما يفتح المعهد أبوابه لطلاب الفترة المسائية من غير المرشحين للخدمة كقساوسة للتبحر فى علوم الدين المسيحى وأحكامه.
ليس مجرد مادة ندرسها للطلاب بل هو مركز أبحاث متكامل للدراسات المسيحية الشرق أوسطية، يقول الدكتور القس وجيه ميخائيل يوسف أمين عام المركز ومؤسسه بالكلية معتبرًا الإسلام قدر المسيحيين العرب ومركزًا رئيسيًا لتشكيل ثقافتهم وهويتهم ومن ثم لا يمكن العزلة عنه أو تجاهل تاريخه وتراثه الذى أسهم بالضرورة فى تأسيس الوعى الجمعى للمسيحيين العرب.
يضيف القس الدكتور وجيه يوسف: أعنى أن الإسلام قدرًا إيجابيًا وليس سلبيًا، وندرس لطلابنا مادة التراث العربى المسيحى إجباريًا فهى ليست رفاهية لأنها تتعلق بالوجود العربى المسيحى فى الشرق الأوسط.
"ندرس لهم تراث عمار البصرى أحد اللاهوتيين العرب، يقول القس الدكتور وجيه ، ويضيف وكذلك نظرة عامة للاهوت العربى المسيحى وما يتبعه من شخصيات ساهمت فى كتابته وتحقيقه مثل ثيؤودورس أبو قرة أول اللاهوتيين العرب، ونتطرق أيضًا للإنجازات الحضارية واللاهوتية فى بداية التفاعل المسيحى الإسلامى فى الشرق.
يؤكد القس الدكتور وجيه يوسف أن طلابه يستقبلون مادة التراث العربى المسيحى بإعجاب كبير بل ودهشة من الدور الذى لعبه المسيحيون فى التاريخ الإسلامى خاصة فى العصر العباسى حين ازدهرت حركة الترجمة من وإلى العربية وأسهم المسيحيون بشكل كبير فى الترجمة عن اليونانية والعبرية القديمة ولغات الكتاب المقدس.
أما الكلية الإكليريكية القبطية بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، فاكتفت بتدريس اللاهوت العربى والتاريخ ضمن مقرراتها لطلاب الدراسات العليا، وليس درجة البكالوريوس التى تنقسم إلى فترتين للدراسة بها أيضًا، الفترة الصباحية الدراسة بها داخلية ويتلقى فيها الطلاب المرشحين للكهنوت العلم الدينى، وذلك وفقًا لما يؤكده القس الدكتور باسيليوس صبحى وكيل الكلية الإكليريكية.
ويشير القس الدكتور باسيليوس صبحى إلى أن الدراسة تتضمن شرحًا لإسهام الأقباط فى التاريخ العربى وما حققوه من إنجازات فى هذا التاريخ.
وفيما يتعلق بالكنيسة الكاثوليكية فى مصر، فإن الرهبنة الكاثوليكية أسست مراكز البحوث والدراسات الشرقية وتكوين المكتبات المتخصصة في العلوم الدينية والاجتماعية والثقافية، ومن بين ذلك المركز الفرنسيسكاني للدراسات الشرقية المسيحية بالموسكي وتضم مكتبته العديد من المخطوطات القديمة وكتب التراث المسيحي، والمعهد الدومنيكاني للدراسات الشرقية بالعباسية ، حيث تعتبر مكتبة هذا المعهد من أكبر المكتبات المتخصصة في الإسلاميات في الشرق الأوسط، وذلك وفقًا لما كتبه الأنبا يؤانس زكريا مطران طيبة الراحل للكاثوليك على موقع الكنيسة.
ويلفت الأب رفيق جريش المتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية فى مصر، إلى أن الكلية الإكليريكية الكاثوليكية تدرس ثلاث مواد للطلاب المرشحين للخدمة كقساوسة هى مواد الإسلاميات واللاهوت العربى المسيحى وكذلك الحضارة العربية حيث يتعرض قساوسة المستقبل لكل مكونات العقل العربى والإسلامى.
وأعتبر الأب رفيق جريش، أن دراسة القرآن واللغة العربية والتاريخ الإسلامى ليست رفاهية لقساوسة الشرق إنما هى طريقة لفهم الوعاء المكون للمجتمعات العربية والإسلامية التى يخدم فيها القساوسة الجدد ولا يمكن لهم المرور عليها دون دراسة واعية ومتأنية.