بالصور.. سورى لاجئ فى لبنان "يصنع من الفسيخ شربات".. متعب سليمان يحيى "الخردة" ويحولها لتحف فنية بحجم الأصابع.. صمم إنسان آلى كما نشاهده فى أفلام "الأكشن".. ويحلم بزيارة مصر والأهرامات

من رحم المعاناة يولد الأمل، هذا الأمل الذى ينبثق من بينهم ليخرج إلى النور، يضيء لهم طريقهم الذى نسفته الحروب التى لم تخلف سوى الدمار والخراب، أخرج أجمل وأبدع ما بداخله، جاهد من أجل الحياة، تميزت أعماله بكونها تحمل فكرة وإحساسًا ودقة بالصنع، لم يتملكه اليأس وذهب فى حيز موهبته إلى ما لا تفعله العلوم والدراسات. لم يُكمل تعليمه لكنه أبدع فى موهبته، ترك خاناته فارغة فى حيز الفصول والمدارس والجامعات، لكنه لم يترك خانته فى صنع اسمًا له يعلم فى وجدان الوجود، فالقطع القديمة التى يتخلص منها كل منا لا تعرف بين يديه عمر افتراضى، فكل من انتهى عمره أحياه من جديد وأوجد له قيمة وشكل ولون. "متعب سليمان" شاب سورى فى مقتبل الثلاثينيات، احترف فن المصغرات والمجسمات واستطاع أن يحول الخردة إلى تحف فنية يُبهر بها المواطنين فى أشكال صغيرة ودقيقة للغاية تبين حجم مهارته، ويتساءلون عندما يروها كيف يقوم بصنع هذه الأشياء الراقية بيديه داخل منزله الصغير؟ هذا الشاب الذى يبلغ من العمر 36 عامًا، والذى أجبرته ظروفه بلاده الأليمة على ترك وطنه الأم سوريا وينتقل إلى لبنان مثل غيره من الأشقاء السوريين الذين تركوا بلادهم لملاحقة الموت لهم فى بلادهم، يكشف لـ"انفراد" الكثير من الأسرار فى حياته التى لا يكاد يعرفها أحد سوى قليل رغم مواهبه التى منحها له الله عزل وجل. يقول متعب سليمان فى حواره لنا من لبنان: "تركت الدراسة مبكرًا واتجهت لممارسة الرسم والفنون التشكيلية من باب الموهبة وتعرفت على فن التصغير وصنع المجسمات من خلال مواقع الإنترنت، فأحببت هذا الفن، لأنه يقدم الأشكال بأدق التفاصيل وبأقرب صورة واقعية وانتقيت الأفكار من أشكال النبات والطبيعة، فبعض أعمالى تلامس جانب من حياتنا اليومية، فكان أول مجسم نفذته هو "عدة المتة" والمتة مشروب مشهور فى مدينة النبك، ولاقى إعجاب كل من رآه ومن هنا بدأت انطلقتى فى عالم صنع المجسمات المصغرة". وأكد "سليمان" أن مدينته النبك" أبرد منطقة فى سوريا وتعلوها جبال القلمون، وفيها الأربع فصول كما يجب "الثلج والربيع والصيف والخريف"، فتشعر وتعيش كل الفصول بشكلها المنبضط، مضيفًا: "وأنا فى المدرسة لم أنجح فى شئ إلا الرسم، ثم بدأت أحفر على الخشب، وأعمل منها أخواخ من أعواد الآيس كريم وسبحات من أشرطة نحاس، ومع الوقت أصبحت أهتم بموضوع الفن أكثر من الناحية المادية وبدأت أفكر فى إزاى ممكن ألاقى نفس الشغل وأجيب منه فلوس". ولأن الفن إبداع ولا يقف عند فكرة واحدة ولابد من أن تليها أفكارًا وأفكار، قال الفنان الشاب: "بدأت أجمع الأحجار المختلفة من على شاطئ البحر ثم أحفرها بأدوات خاصة تشبه أدوات طبيب الأسنان، وأرسم عليها بطريقة التنقيط مستخدمًا الفرشاة، حيث أضع نقطة داخل الحفرة ثم أبدأ تشكيل الرسمة التى أريدها، فالرسم يكون بالإحساس وطريقة التتابع وتغير الألوان". واستكمل متعب حديثه معنا قائلًا: "بالصدفة تعرفت على برنامج الفوتوشوب وبرنامج Maya الثلاثى الأبعاد من ثلاث سنوات، وبدأت أتعلم الرسم الثلاثى الأبعاد، فكان لى زميل بيجيب لى الرسم من مراسم نيوبوى وأنا أصممها على برنامج الـ3d وأنقل الرسم من الورق على الشاشة فى شكل مجسم تقدر تحركوا وتشوفوه من كل الاتجاهات، ولاقت رسوماتى نجاحًا لافتًا، خاصًة على مواقع التواصل الاجتماعى". تعد الريشة والألوان والرسومات والأشكال أصدقاء الطفولة لـ"متعب سليمان"، فالرسم بالنسبة له الروح المخبأه فى جسده وتمنحه الحياة دائمًا، وأخبرنا قائلًا:" شاركت فى طفولتى بعدة مسابقات على مستوى المحافظات، إذ كنت بارعًا بتشكيل الشخصيات والوحوش المفترسة من أصابع العجون، وتم عرض أعمالى فى المركز الثقافى بمنطقة النبك". عُرف سليمان بموهبته الفريدة فى الرسم وتشكيل المجسمات الصغيرة بتفاصيلها الدقيقة منذ الصغر، حتى أصبح يحترف إعادة الحياة إلى القطع غير القابلة للاستعمال "الخردة" وتحويلها إلى تحف فنية صغيرة ودقيقة للغاية، فيقول متعب سليمان فى هذا الشق: "كنت أفكر فى هذا الفن فى كل لحظة خلال العمل، ففى كل ورشة عمل كانوا يتلفون الكثير من المواد والأدوات، بالنسبة لى كانت ذات قيمة وكنت أفكر كيف سأصنع منها قطعًا فنية، فهذا النوع من الفن لا يحتمل الخطأ وخطأ صغير يمحو عمل عدة ساعات". وبالنظر إلى كل القطع الفنية الدقيقة التى انتهى الفنان السورى منها، نجد أنها تحمل أشكالًا للآثار الفنية القديمة، مثل الرحى والمهباش والبابور، إضافًة إلى دراجة هوائية تعتبر من أجمل مصنوعاته، فكل أعماله مستوحاه من البيئة السورية وكأنه يحى الوطن المغترب عنه. ويقول "سليمان": "كنت بالصغر أعيش الحرمان لأنى كنت من عائلة فقيرة وتمنيت أن أركب دراجة هوائية وظلت هذه الرغبة معى حتى وأنا أصنع تلك الدراجة كنت استمتع بها أكثر وكأننى أحقق شئ انتظرته منذ زمن". وابتكر "سليمان" طرقًا جديدة فى الرسوم الثلاثية الأبعاد واستخدم فى ابتكاراته المواد الصلبة مثل "المعدن والبلاستيك"، ومواد أخرى كـ"الجبس والسيليكون والخشب" كما اعتمد على المخلفات الاستهلاكية كمصدر أساسى لمواده، فبَين أنه يستخدم فى عمله الأدوات التالفة مثل "علب المياه الغازية الفارغة وأعواد الجيلاتى والآيس كريم، إضافًة إلى بعض الأجهزة الكهربائية التالفة، فهو يعيد تدويرها لتصبح مواد خامك تدخل فى صناعة مجسماته المصغره. وتابع متعب سليمان بقوله: "صممت مجسم لمدفأة من علبة "كولا"، حيث قمت بقصها بطريقة معينة وملونة ووضعت لها أرجل من "جبس" كما قمت بتصميم "روبوت" على شكل نحلة من مسننات ساعة قديمة"، مضيفًا أنه انتقل إلى لبنان وبدأ يبحث عن عمل، كى يأكل منه عيش، فلبنان تهتم بالشهادات الدراسية أكثر من العمل، فتعلم مهنة "البلاط"، ولكنه لم يترك موهبته، فيعمل مبلط فى الصباح ويعكف على صناعة تحفه الفنية مساءً. وعند سؤاله عن إقامة معرض لمشغولاته الفنية فى لبنان، والتى كانت أبرزها "إنسان آلى" صممه بشكل رائع كما نراه فى أفلام "الأكشن" ولكن صغير جدا يحمل مدى الدقة فى صنعه، أجاب بأن هذا الأمر فى مرحلة التفكير لديه، كما كشف لنا عن سر بداخله، حيث يتمنى أن يأتى لزيارة مصر، فهو يحلم بزيارة الأهرامات. وفى ختام حواره لنا أسدى الشاب السورى الموهوب نصيحة للشباب، قائلًا "أنصح الشباب أن يكتشف شغفه، ويعرف ما هو العمل، ويعرف اللى بيعملوا ويكون مرتاح ويلاقى فيه متعه، هو ده شغفك، طور فيه وحط بصمتك ليكون شئ جميل".


















































































الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;