منذ حوالى خمس سنوات، كان ميدان التحرير يدوى بشعارات المتظاهرين من عيش حرية عدالة اجتماعية، والآن مع بداية عام جديد وفى ظل إحياء الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير لا تزال الحكومة تكافح لإبقاء الخبز على موائد المصريين، حيث خصصت حوالى نصف مساحة مشروع المليون ونصف فدان لإنتاج القمح، ولكن السؤال هل هذه المساحة كافية للوصول إلى حد الاكتفاء الذاتى.
فقد صرح المتحدث الرسمى بوزارة الزراعة عيد حواش فى حوار مع انفراد أن الحكومة قامت بتخصيص 700 ألف فدان لزرعة القمح ضمن مشروع المليون ونصف فدان، أى يعادل تقريا 46.6% من مساحة المشروع من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتى، منوها أن مصر تستورد نحو 25% من الاستهلاك.
وأضاف حواش أن مصر تزرع حوالى 3.2 مليون فدان من القمح سنويا وهو ما يمثل 40% من مساحة الأراضى الزراعية فى مصر بأكملها، وأن المساحة المزروعة تنتج 9 ملايين طن من القمح، تشترى الحكومة حوالى من 4-5 مليون طن من المزارعين أما باقى الإنتاج إما قد يهدر من خلال عمليات النقل أو عدم التخزين الجيد كما أن الفلاح يحتفظ بكمية من الإنتاج لسد احتياجاته الخاصة وتخزين البعض منها كبذور.
وتابع حواش أنه إذا حَسُن استهلاك هذا الكم من الإنتاج، فقد يدفع الدولة إلى الوصول لمرحلة الاكتفاء الذاتى، الأمر الذى استبعده تماما المتحدث باسم هيئة السلع التموينية محمود دياب والذى أوضح أن استهلاك مصر من القمح سنويا يصل حوالى 15 مليون طن.
وقال دياب: للوصول الى حد الاكتفاء الذاتى يتطلب زراعة ما يقرب من 7.5 مليون فدان أى تقريا مساحة الأراضى الزراعية المصرية بأكملها، لافتا إلى أن هذا الأمر مستحيلا لأنه سيؤثر على إنتاج باقى الحلاصيل الزراعية، واستطرد دياب أن مخزون مصر الاستراتيجى كافٍ حتى يونيو القادم، وأن الحكومة قد خصصت تحو 22 مليار دولار لاستيراد القمح العام الحالى.
وتعد مصر، الذى يبلغ تعداد سكانها حوالى 90 مليون نسمة، أكبر مستورد قمح فى العالم، حيث قدرت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) استيراد مصر للقمح فى عام 2015/2016 سيثل إلى 11 مليون طن، مشيرة فى تقرير صدر لها فى أكتوبر الماضى أن الحكومة المصرية استوردت نفس الكمية خلال العام الماضى وهو نفس متوسط الكمية خلال السنوات الخمس الماضية.
وتستورد مصر القمح عن طريق طرح مناقصات فى السوق العالمية للحصول عليه بأعلى جودة واقل تكلفة، فقد أعلنت الهيئة المصرية العامة للسلع التموينية الثلاثاء مناقصة دولية لشراء ما بين 55 إلى 60 ألف طن من القمح، مشيرا إلى أنها تدرس عروضا من الولايات المتحدة، أستراليا، وكندا وروسيا وأوكرانيا ورومانيا وألمانيا.
من جهته، قال الخبير الزراعى المهندس حسام رضا أنه من الصعب الوصول إلى حد الاكتفاء الذاتى، قائلا "إن طبيعة التربة فى الصحراء ضعيفة لإنتاج الكمية المتوقعة"، مشيرا إلى أن زراعة الفدان الواحد قد ينتج 10 أرادب فقط بدلا من 18 أردبا (اردب القمح يساوى 150 كيلو جراما).
70% من أراضى المشروع للمحاصيل الحقلية
أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسى فى ديسمبر الماضى مشروع لاستصلاح وزراعة 1.5 مليون فدان فى أنحاء الجمهورية، معظمهم فى المناطق الصحراوية، وسيتم تنفيذ هذا المشروع والذى يسمى الريف المصرى الجديد على ثلاث مراحل، أولا استصلاح 500 ألف فدان فى كل من الفرافرة، مدينة توشكى بصعيد مصر، والإسماعيلية وقنا والمنيا والداخلة، معتمدين على مياه الآبار الجوفية بنسة تصل إلى 95%، حسبما قال حواش.
وأشارت تقارير صحفية إلى أن المرحلة الثانية للمشروع ستشمل استصلاح 490 ألف فدان، أما 510 آلاف فدان المتبقية سيتم استصلاحا فى المرحلة الثالثة.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الزراعة أن وزارة قد خصصت 70 % من الأراضى المزروعة لزراعة المحاصيل الحقلية (القمح والذرة)، مستبعدا منها المحاصيل الشرهة للمياه مثل الأرز وقصب السكر، و30% للفاكهة، وأوضح أن جميع المناطق ستعتمد على المياه الجوفية ماعدا منطقتى توشكى والمراشدة.
وقال حواش إنه يتم حاليا تشكيل شركة تتولى إدارة المشروع ويطلق عليها اسم "الريف المصرى الجديد" أيضا وتكون ممثلة عدة وزارات (الزراعة، الرى، والإسكان، والدفاع، والنقل، والكهرباء والاستثمار والتخصيط"، منوها أن الشركة ستضع شروطا لمتقدمين، حيث تشترط الجدية فى زراعة الأراضى قبل أن تكون ملكا للمتقدم سواء كان من صغار المستثمرين أم من كبرى الشركات.
واستطرد حواش أنه فى حالة عدم إثبات الجدية فى زراعة الأراضى ستسحب الأراضى على الفور، كما أن الحكومة ستضع معايير مع المزارعين لزراعة المحاصيل المطلوبة، بيد أن المهندس رضا قال إنه من الصعب عمليا لإجبار المزارعين على زراعة محصول معين.