تشهد فرنسا صراعاً ومنافسة شديدة قبل عدة أشهر من الانتخابات الرئاسية فى فرنسا، وذلك من ناحية الرئيس السابق نيكولا ساركوزى والرئيس الحالى فرنسوا هولاند، حيث يستميت كل منهم على تولى الرئاسة العام المقبل، ويقدم كل ما لديه من وعود وقرارات من أجل كسب عدد أكبر من المواطنين الفرنسيين.
كما يعيش الفرنسيون الفترة الحالية فى حالة من القلق قد يصب فى ميزان نيكولا ساركوزى، وذلك بسبب شعورهم بعدم الأمن وخاصة خلال العامين الأخيرين بداية من هجمات شارلى ايبدو وهايبر كاشير فى يناير 2015 وحتى حادث دهس نيس يوم الاحتفال بالعيد الوطنى، حيث أيقن الفرنسيون أن هولاند وحكومته غير جديرة بالثقة وعاجزة عن تحقيق الأمن الذى يعد أهم عنصر من اجل الحفاظ على اى بلد، ومن هنا قد يكون فرصة نيكولا ساركوزى كبيرة للغاية وخاصة إنه وزير داخلية سابق ولديه العلم والخلفية الكافية للتصدى للعمليات الارهابية والمتطرفة التى تنال من الفرنسيين.
ومن ناحيته اتخذ ساركوزى عدم الأمن الذى يشعر به المواطنين نقطة قوة شديدة تدعم موقفه وتجعل من هولاند منافس خاسر، حيث تعهد ساركوزى بحظر ارتداء النقاب فى الأماكن العامة وبمحاربة البوركينى، ووعد ساركوزى أيضاً بإلقاء كل الإرهابيين المحتملين فيما يُسمى مراكز "تفكيك الإرهاب"، وهى المراكز التى وصفها رئيس حزب الجمهوريين الذى ينتمى له ساركوزى بـ"معسكرات الاعتقال".
وكان الرئيس السابق نيكولا ساركوزى والمرشح المحتمل لرئاسة فرنسا 2017 قد قال فى مقابلته له مع صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية، إن برنامجه الرئاسى به مشروعات اقتصادية مفيدة للغاية للبلاد وتعمل على الحد من الإنفاق العام بنسبة 100 مليار يورو، والحد من الضرائب بنسبة تصل إلى 40 مليار، ووعد باستعادة التشغيل الكامل للعمالة، وأنه سوف يتم تنفيذ كل التدابير فى وقت واحد على الفور حتى تجنى ثمارها بشكل أكثر، كما أن البلاد سوف تشهد انتعاش اقتصادى لم تراه منذ خمس سنوات.
ويستهدف أيضاً تعزيز الأمن الداخلى من عدة جوانب، أولها الأكاديمية "مرحلة التعليم الشرطى بالأكاديميات العسكرية"، وتطوير التسليح، ووسائل الحماية مثل الأوقية وأغطية الرأس، وتطوير الجانب التقنى لمواكبة التطورات الحالية، وذلك لكى يتم التغلب على التهديدات الإرهابية التى تشهدها فرنسا والقضاء على العمليات الإرهابية عى الأراضى الفرنسية.
كان ساركوزى قد هاجم هولاند قائلاً، إن هولاند رجل كاذب ويتعمد الكذب فهو إن فاز بالرئاسة فهو فشل بشكل كبير فى إدارة البلاد واكتشف الفرنسيون حقيقته.
وأكمل ساركوزى، أن هولاند يمارس الكذب منذ حملته الانتخابية وحتى الآن، فهو مخادع منذ البداية ولم يفِ بوعوده حتى قرب انتهاء مدته، وأن كراهية شعبه له حاليا ما هى إلا نتيجة لما قدمه من وعود كاذبة، كما أنه كسر أهم قادة للحياة السياسية الناجحة هو عدم الكذب ومخالفة الوعود.
وعلى الصعيد الأخر يحاول الرئيس الحالى فونسوا هولاند بذل كل جهده ممكن أجل مد ولايته مرة اخرى والفوز فى انتخابات 2017، على الرغم من قلة شعبيته وتراجعها بشكل ملحوظ وهو بمثابة الكارت الأحمر له، بعدما فشل فى حفظ أمن واستقرار بلاده، وعدم تمكنه من خفض الضرائب وحل مشكلة البطالة بينما زادت المشكلات الاجتماعية والأمنية فى ولايته عما سبق.
كما أصبحت الحكومة الاشتراكية والحزب الاشتراكى الحاكم غير راضين عن هولاند وعن ترشحه شخصياً لولاية جديدة، حيث أن عدداً كبيراً من الوزراء والشخصيات القيادية أصبحوا لا يخفوا استياءهم منه، وباتت تلك الشخصيات تشكك فى قدرته على تمثيل الحزب الاشتراكى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، بسبب هفواته المتكررة وانهيار شعبيته لدى الرأى العام.
وأظهرت الاستطلاعات الأخيرة التى تجريها المراكز فشله الهائل وشبه انعدام شعبيته، حيث نشرت مؤسسة "سيفيبوف"مؤخراً نتيجة استطلاع أظهر أن 4% فقط من الفرنسيين مقتنعون بأداء هولاند، وهى أدنى نسبة يحظى بها رئيس فرنسى منذ العام 1958.
وأظهر استطلاع آخر لمؤسسة "بى فى إيه"، أن 11 % من الفرنسيين فقط يتمنون أن يرشح هولاند نفسه لولاية ثانية، وأشارت تلك النتائج أن سيناريو تقدم هولاند إلى الانتخابات الرئاسية فى 2017 يعد إقصاء مبكر ومهين للحزب الاشتراكى بالكامل ويجعله فى أدنى شأن لسنوات طويلة، وخاصة إذا خسر هولاند من الجولة الأولى.
ووفقاً لاستطلاع أجراه معهد اودوكسا، 72% من الفرنسيين أبدوا رغبتهم فى أن يترك الرئيس الفرنسى فرنسوا هولاند الحياة السياسية، بينما 22% يرون وجود هولاند له أهمية، و5% يعتقدون إنه مؤثر للغاية بشكل إيجابى فى الحياة السياسية.
كما أثبت استطلاع أودوكسا أن 25% من الفرنسيين الخاضعين للاستطلاع يرون أن ولاية نيكولا ساركوزى الرئيس السابق لفرنسا، كانت أفضل من التى يعيشونها حالياً.