أزمة الطاقة فى مصر وصفها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، بأنها تمثل مشكلة عامه تتجدد منذ وقت لآخر وذلك نتيجة عدد من الأسباب أهمها نقص موارد الطاقة منذ سنوات نظرا للزيادة المستمرة فى معدلات الاستهلاك مع ثبات أو انخفاض الإنتاج المحلى من الوقود، كما أن مشكلة الطاقة فى مصر نتيجة طبيعية لنمط التنمية المستدامة التى تم اتباعها على مدى العقود الماضية.
وفى ظل الحديث عن مخاوف من أزمات مقبلة للطاقة فى ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وإيقاف شركة أرامكو مد مصر بالبترول مؤخرا، أكد المركز القومى للبحوث أن هناك عدد من المقترحات لإدارة أزمات الطاقة، وهى إعداد استراتيجية متكاملة لمواجهة أزمة الطاقة، وإعادة النظر فى دعم الطاقة، والعمل على استراتيجية توفير البدائل على رأسها الإستفادة من الطاقة المتجددة ووضع سياسات لدعمها واستثمارها، وإنشاء محطات لتوليد الطاقة النووية، وتوليد الطاقة من القمامة والفضلات الزراعية والآدمية والحيوانية.
وقدم المركز لعدد من التوصيات فى ختام رصد إعلامى قام به لأزمة الطاقة بهداف التوصل لأبعاد أزمة الطاقة وأسبابها والحلول المطروحة لمواجهة أزمات الطاقة فى مصر والتوصيات المطروحة حول مستقبل الطاقة فى مصر.
وطالبت التوصيات صانعى القرار فى مصر بضرورة التعمق فى الإعتماد على الطاقات المتجددة والبديلة لحل أزمة الطاقة مع التركيز على طاقتى الشمس والرياح والإستثمار فى مجال إقامة محطات توليد كهرباء من الطاقة المتجددة، وضرورة الإلتزام بما جاء فى الدستور المصرى بشأن الإستغلال الأمثل لمصادر الطاقة المتجددة، وأن لكل شخص الحق فى بيئة سليمة وحمايتها واجب وطنى وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليها وذلك فى إطار تحقيق التوافق مع الإتفاقيات والمعاهدات الدولية التى وقعت عليها مصر والمعنية بحماية البيئة وقضايا التغيرات المناخية.
وإلى جانب العمل على إرساء القواعد الأساسية لاستخدام الطاقة النووية فى مصر، خاصة إذا كان التخطيط يستهدف مستقبل الأجيال القادمة وتأمين احتياجاتها من الطاقة، حيث يرتكز الحل الرئيسى لتغطية احتياجات مصر من الطاقة على انشاء محطات نووية التى لا تحتاج لمساحات كبيرة، والدليل على ذلك أن مشروع الضبعة يحتوى على 8 محطات رغم عدم اتساع مساحته.
كما دعت التوصيات إلى إحياء مشروعات ضخ وتخزين المياه لتوليد الطاقة الكهربائية خاصة فى جبل عتاقة والعين السخنه، وضرورة الإعتماد على ما يعرف بـمزيج الطاقة مع إمكانية أن يتكون هذا المزيج من 80% من الطاقة المتجددة "الرياح والشمسية، والمائية"، والباقى يتمثل فى الطاقة النووية والفحم.
وشدد المركز على أهمية توفير الطاقة فى إطار التنمية المستدامة بالنسبة للمشكلة العامة وهى نقص موارد الطاقة مقارنه بالإحتياجات، وفى هذا الشأن يجب وضع وتنفيذ السياسات التى تحقق التوازن بين التنمية الإقتصادية والتنمية الإجتماعية وحماية البيئة ومصادر الثروة الطبيعية بها.
وطالب المركز بوضع وإقرار قوانين وإجراءات ملزمة لترشيد استهلاك الطاقة فى القطاعات الإقتصادية المختلفة والقطاع المنزلى حيث تعتبر الطاقة المُرشدة هى أرخص أنواع الطاقة مع الأخذ فى الاعتبار الأثار الاقتصادية والبيئية والاجتماعية على المدى القريب والبعيد.
وإلى جانب تعظيم الإستفادة من المخلفات كأحد مصادر الطاقة واستخدامها كوقود بديل خاصة فى الصناعات كثيفة الإستهلاك للطاقة وذلك عن طريق التشجيع على إنشاء مصانع لتحويل المخلفات إلى وقود، مما يؤدى إلى جذب استثمارات وخلق فرص عمل والتخلص من مشكلة القمامة.
وأكد على أهمية البدء فى اتخاذ التدابير والإجراءات الإستراتيجية اللازمة لتأمين مستقبل الطاقة والوصول إلى الإكتفاء الذاتى للطاقة على قدر المستطاع، والعمل على تعزيز التعاون الدولى خاصة فى مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة، مقترحا ضرورة تنفيذ إنشاء محطتى توربينات بنى سويف ومنخفض القطارة وربطهما بقناة نهرية وهو مشروع يعطى 42 ضعف طاقة السد العالى.
وإلزام الجهات المسئولة عن الكهرباء بتحمل نفقات إضافية من أجل إنتاج الطاقة المتجددة والتى يمكن اعتبار تكاليفها أرخص من الطاقة الكهربائية المستمدة من المصادر التقليدية، وذلك بفضل عاملين هما التطورات الجارية فى مجال التكنولوجيا الجديدة والمتجددة وتزايد أسعار الوقود الأحفورى، مع امكانية استغلال المنح والمعونات التى تقدمها كثير من المنظمات والهيئات الدولية وكذلك الإتحاد الأوروبى لتنفيذ مثل هذه المشروعات.
كما اقترح التقرير إعادة هيكلة سوق الطاقة تدريجيا بحيث يكون سوقا مفتوحا من خلال بورصة للطاقة تحت رقابة ومتابعة جهاز جديد لتنظيم سوق الطاقة وحماية المستهلك، بالإضافة إلى تطوير البنية الأساسية لشبكات الغاز وشبكات المنتجات البترولية مع زيادة سعات التخزين بالموانئ ومناطق الإستهلاك الرئيسية ورفع إمكانيات مينائى السويس والإسكندرية البترولية، من حيث طول الأرصفة والأعماق والسماح للقطاع الخاص بالإستثمار فى هذه المجالات والأنشطة.
واقترح إنشاء مجلس أعلى للطاقة يضم كبار الخبراء الفنيين والإقتصاديين من التخصصات المختلفة فى فروع أنشطة البترول والكهرباء بحيث يرفع توصياته مباشرة لرئيس الوزراء، وضرورة الربط بين جهات البحث العلمى والجهات التنفيذية والقطاع الخاص مع العمل على تشجيع الإبتكارات التكنولوجية وتأمين حقوق ملكيتها الفكرية بشكل فعلى.
وأظهرت النتائج أن الدعوات للإستفادة من الطاقة المتجددة ووضع سياسات لدعمها واستثمارها بنسبة 38.6%، وإنشاء محطات للطاقة النووية بنسبة 30.7%، وتوليد الطاقة من القمامة والفضلات الزراعية بنسبة 7.9% والتوعية بضرورة ترشيد استهلاك الطاقة 52.7%.
كما أكد التقرير أن نقص الطاقة له تأثير سلبى على كافة القطاعات وجاءت النسب كالتالى أثار اقتصادية 49.8% واجتماعية 36.4% وصحية وبيئية 6.8% أمنية ومرورية 2.1%، كما أن أزمة الطاقة تؤثر على جميع المجالات أبزها الصحية والبيئية بنسبة 6.8% وإعاقة توصيل مياه الشرب للمواطنين بنسبة 25% وتوقف محطات الصرف الصحى بنسبة 12.5%، وتأثيرها على الصناعة بنسبة 28.2% ولها تأثير سلبى على حياة المواطنين بنسبة 97.4% والتأثير السلبى على المستشفيات وبلغت 10.3%..