تظل القضية الفلسطينية على رأس أولويات السياسة المصرية للتخفيف عن أشقائنا فى الأراضى المحتلة ولاسيما فى غزة والضفة الغربية، وبعد حصار إسرائيل الذى دام على قطاع غزة عشر سنوات عقب الانقلاب الذى قادته حركة حماس فى غزة، وفى ظل الظروف المعيشية والإنسانية الصعبة التى يعيشها قطاع غزة وبالرغم من الاختلافات السياسية بدأت تلوح فى الأفق تحركات مصرية للتخفيف عن أشقائنا فى الأراضى المحتلة ولاسيما فى القطاع من خلال مناقشة احتياجات غزة على كافة الأصعدة للتخفيف عن المواطن الغزاوى البسيط الذى يعانى من تدمير البنية التحتية فى القطاع وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب الفلسطينى.
ومع استخدام ورقة غزة فى المناكفات السياسية بين الرئيس الفلسطينى محمود عباس وحركة حماس ما أثر بشكل سلبى على الاوضاع فى القطاع الذى شهد 3 حروب متتالية خلال 8 سنوات أدت لتدمير القطاع مع تخاذل أبو مازن وحكومة الحمد الله فى التعاطى مع الأزمات التى تعصف بالقطاع والمزايدة على حياة الأسر فى قطاع غزة عبر الدفع بهم نحو معترك صراعهم السياسى مع حركة حماس، رأت القاهرة ضرورة التحرك العاجل والفورى للتخفيف عن أهل غزة ببحث عدد من المقترحات والمشاورات التى عقدتها قوى فلسطينية تناشد القيادة المصرية التدخل لإنقاذ غزة من المهاترات السياسية التى ستدفع بالقطاع لانفجار ضخم ستكون مصر أكثر المتضررين منه.
وشهدت القاهرة خلال الأسابيع الأخيرة عددا من المناقشات عبر المراكز البحثية للتشاور حول استراتيجية جديدة يتم اتباعها للتخفيف عن قطاع غزة، من خلال رفع المعاناة عن المواطن الفلسطينى عبر فتح معبر رفح البرى على فترات متقاربة وبشكل يحفظ متطلبات الأمن القومى المصرى، إضافة لتعزيز التبادل الاقتصادى والتجارى مع غزة ودعم الاقتصاد الفلسطينى للنهوض بالبنية التحتية المدمرة فى القطاع.
وناقش السياسيون والأكاديميون الفلسطينيون فى القاهرة على مدار الأسابيع الأخيرة آلية التخفيف عن قطاع غزة فى ظل رفض الرئيس الفلسطينى محمود عباس للتحركات التى تقودها مصر للمصالحة الوطنية بين أبناء الشعب الفلسطينى بدءا من توحيد صفوف حركة فتح لحين تحقيق مصالحة شاملة، ومعارضته لأى تحرك ينقذ القطاع من سياسة العقاب والتهميش للحفاظ على مقاليد الحكم ومركزية قرار حركة فتح والقيادة فى الضفة الغربية.
ويمثل قطاع غزة جزء أصيل من الأمن القومى المصرى لارتباطنا بحدود مشتركة مع القطاع، وهو التفسير لتساؤلات البعض لماذا التحرك نحو غزة الآن ؟.
والتحرك يبدو لتخفيف عن أهالى قطاع غزة حماية للأمن القومى المصرى المهدد بسبب حالة الشحن والغضب الفلسطينى فى قطاع غزة من رئيس السلطة الفلسطينية وحركة حماس، وهو ما يمكن أن يعزز شعور الرفض الشعبى الذى يمكن أن يتحول لعاصفة غضب وانفجار داخلى، إضافة لتعزيز دور مصر التاريخى الداعم لحقوق الشعب الفلسطينى فى تحقيق رغبته فى الاستقلال وحلم قيادة دولة مستقلة موحدة وعاصمتها القدس الشريف.
تغيير مصر لإستراتيجيتها فى التعامل مع قطاع غزة بدا واضحا فى الآونة الأخيرة عقب فشل كل الجهود لتحقيق مصالحة وطنية شاملة مع تمسك أبو مازن وحركة حماس بمصالح ضيقة جعلت من القطاع ضحية لتلك الصراعات، وقد خرج المؤتمر الذى عقده المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط فى مدينة العين السخنة بعدد من التوصيات التى يمكن أن تساعد فى التخفيف عن حصار غزة ولعل أبرزها إجراء حوار مجتمعى بين العشائر والعائلات الفلسطينية ونظيرتها بسيناء، واستضافة مجموعة من الشباب الفلسطينى خلال فترة نصف العام ضمن برامج وزارة الشباب المصرية فى إطار التفاعل الاجتماعى بين شباب البلدين.
وتمثل توصيات مؤتمر "العين السخنة -2" رؤية صائبة للبدء فى انقاذ غزة من العقاب المفروض عليها من رئيس السلطة الفلسطينية الذى يتناسى هموم وأوجاع القطاع دائما، ولعل أزمة غلق معبر رفح لفترات طويلة أبرز هموم أبناء غزة والعمل على فتحه وفقا لخطة تدريجية تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الأمنية المصرية وهو ما سيخفف الضغط عن أهل غزة، إضافة لبحث زيادة كمية الكهرباء الواردة من مصر لغزة وبما يساهم فى التخفيف من حدة أزمة الكهرباء التى يعانى منها قطاع غزة.
كانت حركة حماس أخطأت كثيرا عندما تدخلت فى الشأن الداخلى المصرى بدعم جماعة الإخوان التى ترتبط بفكرها ايديولوجيا لكن حماس لا تشكل الكل الفلسطينى بل هى جزء من مليوني مواطن فلسطينى يعيشون فى قطاع غزة تمثل نسبة حماس منهم 10%، والواضح أن حماس وقادتها استوعبوا الدرس جيدا بأن تدخلهم فى الشأن الداخلى المصرى سيقابل بكل حسم وحزم، فيما يظل القيادة المصرية حكومة وشعبا الداعم الرئيسى والحقيقى للشعب الفلسطينى والداعم لقضيته العادلة ضد المحتل الإسرائيلى.