صدمة كبرى أحاطت بالوسط الفنى بأكمله، منذ أن تم الإعلان عن وفاة النجم الكبير محمود عبد العزيز، قبل دقائق قليلة، حيث يعد الفنان الملقب بالساحر أحد أهم نجوم السينما بمصر والوطن العربى على مدار سنوات طويلة، وبمجرد أن وصل الخبر لأسماع محبيه سواء من داخل الوسط الفنى أو خارجه أو من جمهوره، سيطرت عليهم حالة من الاكتئاب والحزن الشديد، وينشر "انفراد"، بعض شهادات عدد كبير من النجوم والمخرجين الذين عملوا معه، وأيضا آراء بعض النقاد فيه.
فى البداية قالت النجمة الكبيرة ميرفت أمين فى تصريحاتها لـ"انفراد"، إن محمود عبد العزيز لم يكن مجرد زميل عمل أو ممثل أو نجم كبير وقفت أمامه، ولكن كان بمثابة الأخ والصديق والمعلم، موضحة أن جميع الأفلام التى قدمتها معه، تعد من أقرب الأفلام لقلبها، والأكثر إنتشارا فى مقدمتها "تزوير فى أوراق رسمية"، و"الحفيد" و"الدنيا على جناح يمامة"، داعية الله أن يرحمه ويجعل مثواه الجنة.
أما النجمة إلهام شاهين، فقالت: لو تحدثت عن الساحر محمود عبد العزيز، سنحتاج لكتب، لكن هو فنان وإنسان بكل ما تحمله الكلمة من معانى، فكان طيبا وحساسا للغاية، ويعشق عمله أكتر من أى شىء آخر، وأرسلت النجمة هالة صدقى برقية حب للساحر محمود عبد العزيز، حيث قالت عنه: "الأستاذ محمود، ليس مجرد فنان عادى، فهو من أهم أعمدة الفن فى مصر، وله باع طويل مشرف فى السينما المصرية، وأفلامه كانت من الأفلام التى نفخر بها فى الخارج، مشيرة إلى أن أول فيلم قدمته فى حياتها كان من إنتاجه وهو "نص أرنب"، وبعدها قدمت معه "الرجل يحب مرتين"، للمخرج عاطف سالم، بالإضافة لمسرحية "سبعة اتنين سبعة".
وأضافت "صدقى"، قائلة: الساحر محمود عبد العزيز، كان إنسانا طيبا للغاية، وعفويا، ويعشق شغله، وكنت فى غاية سعادتى فى جميع الأعمال التى قدمناها معا، سواء فى السينما أو المسرح، لأنه يضيف لأى فنانة تعمل معه، بموهبته وبنصائحه، داعية الله أن يشفيه، وأن يتغلب على محنته، لأنه من أهم الممثلين فى المنطقة العربية وليس فى مصر فحسب، كما أنه يعد علم من أعلام مصر، الذين نفخر بهم فى الخارج.
ووجه المخرج عمر عبد العزيز رسالته للساحر محمود عبد العزيز باكيا عبر "انفراد" قائلا: كنا فى إنتظارك يامحمود كلنا، عشان ترجعلنا وترجع لجمهورك،، موضحا أن الساحر لم يكن بالنسبة له ممثل عمل الاثنان سويا، فبصرف النظر عن أن الذى جمعهما فيلمين فقط، هما "الشقة من حق الزوجة" و"المجنونة"، إلا أن علاقتهما لم تنقطع على الإطلاق، وكانا من أقرب الصديقين لبعضهما وبدأ رحلة الكفاح سويا، بل ويعتبر الساحر شقيقه، وأن تشابه الأسماء "آل عبد العزيز"، ليس مجرد تشابه فى اسم اللقب، ولكن هما أشقاء بالفعل فى الدم والروح والحب الذى يجمعهما، ولفت المخرج عمر عبد العزيز، إلى أن الساحر ممثل موهوب وإنسان وصديق حقيقى، ولذلك يمثل له حالة خاصة فى كل شىء.
وأضاف "عبد العزيز" أن الفنان الكبير محمود عبد العزيز رغم النجاح الهائل والشهرة الكبيرة التى حققها على مدار تاريخه الفنى، إلا أنه لم يأخذ حقه، فيستحق أكثر مما فيه، مؤكدا أنه من الفنانين القلائل للغاية، الذين يليقون عليه كافة الأدوار، وليس دور بعينه.
وأكد عبد العزيز، أن فيلم "المجنونة"، والذى جمعه بالساحر، حصل على العديد من الجوائز من مهرجانات كبرى، كما أنه كان التجربة الأولى للفنانة إسعاد يونس فى عالم كتابة السيناريو، ويسرد "عبد العزيز" أحد مواقف الحب التى جمعته بالساحر والراحل أحمد زكى، أنهما كانا يصوران فيلم "الشقة من حق الزوجة"، وكان فى هذه الأثناء يصور أحمد زكى فيلم "المدمن"، فى مكان قريب منهما، وأتى لمشاهدة محمود عبد العزيز أثناء تصوير الفيلم، ليقول أحمد زكى: "أنا زعلان أوى وغيران من محمود، ليه مجبتنيش فى الفيلم ده"، وكان يبتسم الساحر للغاية من تعليقات أحمد زكى على الفيلم، موضحا أن هذا الجيل لا يعوض فكان هناك نوع من الغيرة الإيجابية اللطيفة والحب الذى يدفع للأمام.
وقال المخرج على عبد الخالق لـ"انفراد": محمود بالنسبة لى ممثلى المفضل، فأنا أكتر مخرج قدم له أفلام، فأخرجت له 7 أو 8 أفلام، أبرزهم "العار" و"الكيف" و"جرى الوحوش" و"إعدام ميت"، وهذه الأفلام تم تقديمها على مدار 18 عاما، وكانت سعادتى كبيرة للغاية، لأننا نجحنا مع بعض، خاصة وأن كل فيلم من هذه الأفلام، حقق نجاحا كبيرا للغاية خلال فترة عرضه وأضاف لى كمخرج ولمحمود كممثل، ولازال يحقق حتى الآن، مضيفا أنه هو الذى اكتشف الساحر محمود عبد العزيز ككوميديان، رغم تقديمه فى أدوار يغلب عليها طابع الدراما والتراجيديا، مؤكدا أن جميع الأفلام التى قدمها مع محمود عبد العزيز، كان هو فيها مصدر البهجة، فرغم أن أدواره كلها كانت شديدة التراجيديا لما فيها من تحولات مأساوية فى كثير من الأحيان مثل دوره مثلا فى "العار" إلا أنه كان مصدر ابتسامة المشاهد فى هذه الأفلام.
وأضاف عبد الخالق، أن محمود عبد العزيز يكاد يكون من وجهة نظره هو الفنان الوحيد الذى يليق بنسبة 100 % فى كل دوره يقدمه، رغم إختلاف هذه الأدوار شكلا ومضمونا عن بعضها، فمثلا دوره الطبيب فى "العار" كان مناسب للغاية، وقدمه بحرفية شديدة، ودور البودى جارد فى فيلم "النمس"، كان مناسبا له للغاية، ودور متعهد الأفراح والحفلات فى "الكيف"، أعتقد أنه الوحيد الذى يقدم هذا الدور بهذا الشكل، وكذلك الابن العاق وضابط المخابرات، ويضيف عبد الخالق: أن الذى ساعد الساحر على هذا الأمر ويجعله يصلح لجميع الأدوار دون استثئناء، هو أدائه التمثيلى العبقرى وشكله وتكوينه الجثمانى، ولذلك أطلق عليه الجوكر، مشيرا إلى أنه يعتبر محمود عبد العزيز من أهم الممثلين فى تاريخ السينما المصرية بمختلف عصورها، فكان عنصر أساسى فى نجاح أفلامه على حد قوله.
ومن جانبه قال مخرج الدراما التليفزيونية مجدى أبو عميرة، والذى قدم له مسلسل "محمود المصرى"، أن النجم محمود عبد العزيز، من الناحية الفنية والإنسانية شخصا لا يعوض، مشيرا إلى أن سعادته كمخرج أنه قدم له أول عمل درامى، شهد عودته بعد فترة إبتعاد طويلة، منذ أن قدم مسلسل "رأفت الهجان".
وأضاف المخرج الملقب بملك الدراما التليفزيوينة، أن الساحر فنان بالفعل من الزمن الجميل، فرغم التطورات التى طرأت فى العقد الأخير على عالم الدراما التليفزيونية، والتصوير بطريقة السينما، وفى حالة توقف الممثل عن تصوير أحد المشاهد، من الممكن أن يعيد المشهد بدءا من النقطة التى وقف إليها، إلا أن الساحر كان يصر فى حالة وجود خطأ فى المشهد، أن يعيد المشهد بالكامل، حتى يكون الإحساس واحدا، وتابعه المخرج مجدى أبو عميرة حديثه قائلا: أيضا محمود عبد العزيز لم يعتمد على مساعد المخرج المتخصص فى "الراكورات"، بل يحمل كراسة معه يكتب فيها ملابس كل مشهد، ولذلك يعد فنانا نادرا من نوعه.
وأوضح أبو عميرة، أن الغربة جمعته بالساحر فى دولتى بلغاريا ورومانيا، وأدرك مدى إنسانيته وإحساسه بكل من حوله، فكان حريصا على احترام وتقدير أصغر عامل فى المسلسل، ويحتوى بطيبته كل العاملين معه، هذا بالإضافة إلى خفة ظله المعهودة وإفيهاته الخاصة، كانت تهون دائما على الجميع متاعب التصوير والغربة.
أما الناقد طارق الشناوى، فقال محمود عبد العزيز ليس فقط أحد فتيان الشاشة الكبار لكنه كان "الجان" خفيف الظل الذى يثير حضوره على الشاشة حالة من البهجة، وذلك إذا عثر على الدور الذى تشع فى تفاصيله ومفرداته اللمحة والومضة فإنه حاضر يملأ الكادر سخونة وونبض، مضيفا أن المنتجين كان يتخذون محمود عبد العزيز الورقة الرابحة، فى كافة الأدوار، ففى الأدوار التى تتطلب "الوسامة"، عندما قام حسين فهمى برفع أجره، فقرر المنتج رمسيس نجيب، الاستعانة بالساحر على الرغم من أنه كان وجها جديدا لم يعرفه أحد على الإطلاق.
وأضاف الشناوى، أن الساحر رغم تقديمه لأدوار البطولة فى العديد من الأفلام مثل "طائر الليل الحزين"، "حساب السنين"، شفيقة ومتولي"، "لا يزال التحقيق مستمراً"، "حب لا يرى الشمس"، ولكن فيلم "العار"، كان بمثابة نقطة الاكتشاف الحقيقى له، لأنه قدم نفسه من خلاله كممثل شامل، فقدم التراجيديا بعبقرية التى تحتوى على الكوميديا التلقائية، موضحا أن الساحر فى هذا الدور لامس وجدان الناس فى أسلوب الأداء الذى يجمع بين خفة الدم وتقمص الشخصية درامياً وحقق من خلاله قفزة أخرى.
وأكد الشناوى، أن الساحر، فنان شديد الذكاء، فقدم مع المخرج الراحل رأفت الميهى، 3 أفلام، بقانون "الفانتازيا" هى "السادة الرجال" 1987 و"سمك لبن تمر هندى" 1988 و"سيداتى سادتى" 1990، وبعدها حاول الميهى، استقطابه فى أفلام أخرى تسير على نفس النهج، إلا أن محمود عبد العزيز رفض هذا الأمر، لأنه كان صاحبة رؤية وأدرك أن الجمهور مل من هذه النوعية من الأعمال، وخرج من عباءة الميهى، حتى اعتبره فنانا متمردا واستعان بغيره، ليذهب الساحر بعدها لمنطقة أخرى وهى "الكيت كات" مع داود عبد السيد، وهو العمل الذى حقق نجاحا منقطع النظير، سواء على المستوى الجماهيرى والإيرادات أم النقدى، موضحا أن هذا العمل صعد به مخرجه داوود عبد السيد منذ سنوات قليلة، وبالتحديد عام 2013، إلى المركز الثامن كأفضل مخرج عربى فى الاستفتاء الذى أجراه مهرجان دبى فى 2013.
وأشار الشناوى إلى أن الساحر عندما شارك فى بطولة فيلم لأحمد السقا، وهو "إبراهيم الأبيض"، بشخصية عبد الملك زرزور، جعل للفيلم بريقا خاصة، مؤكدا أن هذه المشاهد القليلة، لو كانت لأى ممثل ما كان يمكن أن يتذكره أحد، ولكن محمود وجد الخيط الوجدانى فى تلك الشخصية الذى يجعله دورا لا ينسى.
وأكد الشناوى أن الساحر محمود عبد العزيز كان فى الدراما صاحب بصمة هامة للغاية أيضا، منذ أن قدم أولى بطولاته المطلقة فى مسلسل "رأفت الهجان"، للكاتب صالح مرسى، والمخرج يحيى العلمى، مشيرا إلى أن هذا العمل حقق نجاحا جماهيريا غير طبيعى سواء فى الشارع المصرى أو العربى، لدرجة أن تسريحة "رأفت الهجان"، صارت الموضة فى الشارع المصرى بين الشباب آنذاك، مؤكدا أن نجاح هذا العمل بالتحديد، حقق نجاحا جماهيريا للساحر، لم يحدث لأى نجم آخر من قبل.