احتلت زيارة الرئيس الصينى لمصر مكانة متميزة فى نشاط الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال الأسبوع الماضى، والتى شهدت التوقيع على ٢١ اتفاقية للتعاون المشترك، كما عقد الرئيس السيسى عدة اجتماعات مع كل من مدير وكالة المخابرات الأمريكية ووزير الدفاع العراقى ورئيسى الاتحاد البرلمانى الدولى والبرلمان العربى، واستقبل ٢٠ مواطنا مصريا كانوا مختطفين فى ليبيا، وبحث تطوير منطقة الأهرامات ودعم الصادرات والصناعات الصغيرة.
وخلال جلسة المباحثات التى أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسى مع الرئيس الصينى شى جين بينج، أكد تقدير مصر واعتزازها بعلاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة التى تربط بين البلدين، وحرصها على تقوية أواصر التعاون مع الصين فى جميع المجالات، كما أعرب عن تقديره للدعوة التى تلقاها من الرئيس الصينى للمشاركة فى القمة المقبلة لمجموعة العشرين التى تُعقد فى الصين خلال شهر سبتمبر 2016.
ومن جانبه، أشاد رئيس الصين بالإنجازات التى حققتها مصر فى الفترة الأخيرة تحت قيادة الرئيس السيسى، موجها التهنئة بمناسبة إتمام الانتخابات البرلمانية فى مصر، ومؤكداً دعم الصين الكامل لإرادة الشعب المصرى وخياراته، كما أكد تقدير الصين لدور مصر الفاعل على الصعيدين الإقليمى والدولى وحرصها على تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة، متمنيا تحقيق المزيد من النجاحات خلال المرحلة المقبلة.
وتناولت المباحثات بشكل مفصل سُبل الارتقاء بالتعاون الثنائى فى مختلف المجالات، حيث أكد الرئيس السيسى على دعم مصر لمبادرة رئيس الصين لإحياء طريق الحرير بالنظر إلى ما تساهم به تلك المبادرة فى تعزيز التعاون الاقتصادى والتبادل التجارى بين الصين والدول العربية والأفريقية.
وأشاد رئيس الصين بالجهود التى تبذلها مصر لتحقيق التكامل بين تلك المبادرة ومشروعات التنمية بمنطقة قناة السويس، منوهاً بشكل خاص بالمنطقة الصناعية الصينية فى منطقة قناة السويس وما شهدته من نجاح ساهم فى إطلاق المرحلة الثانية لتلك المنطقة بمشاركة ما يقرب من 100 شركة صينية واستثمارات تبلغ 2،5 مليار دولار، كما أكد دعم بلاده لعملية التنمية فى مصر وما تشهده من مشروعات لتطوير البنية التحتية.
وشهد الرئيسان، عقب انتهاء جلسة المباحثات، مراسم التوقيع على 21 مذكرة تفاهم واتفاقية بين البلدين تتناول خطوات وإجراءات تعزيز التعاون بين البلدين فى عدد كبير من المجالات، وقام الرئيسان بإزاحة الستار عن المجسم التخطيطى لإطلاق المرحلة الثانية للمنطقة الصناعية الصينية فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، كما وقع وزيرا خارجية البلدين على برنامج تنفيذى لعلاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين خلال السنوات الخمس القادمة.
وكان الرئيس السيسى قد استهل نشاطه الأسبوعى باستقبال جون برينان مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، بحضور خالد فوزى رئيس المخابرات العامة، والسفير الأمريكى بالقاهرة، وأشاد برينان بالعلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، منوهاً بأهمية مواصلة تعزيزها والبناء عليها فى كافة المجالات، ومن بينها المجال الأمنى، أخذاً فى الاعتبار كون مصر ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والسلام فى منطقة الشرق الأوسط.
ومن جانبه، أكد الرئيس السيسى أن مصر تقدر علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وتتطلع إلى تدعيمها والارتقاء بها إلى آفاق أرحب وإلى أن ينسحب تميز العلاقات الأمنية والعسكرية بين البلدين إلى كافة جوانب العلاقات بينهما، وأوضح الرئيس أن الرؤية المصرية تقدر أهمية تعزيز جهود مكافحة الإرهاب فى المنطقة ومواجهة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة المتواجدة فى بعض دولها من خلال مقاربة شاملة تضمن وقف الانتشار السريع لتلك الجماعات، وأشار إلى أن تلك المقاربة يتعين أن تشمل المواجهات العسكرية والتعاون الأمنى، وكذا الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، والأبعاد الفكرية والثقافية.
وقد تم التأكيد خلال اللقاء على أهمية متابعة نتائج الحوار الاستراتيجى الذى عُقد بين الجانبين فى القاهرة خلال أغسطس 2015، كما تم الاتفاق على مواصلة التشاور والتنسيق فى كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك، ولاسيما بؤر التوتر فى منطقة الشرق الأوسط والجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.
وفى اجتماع عقده الرئيس السيسى حضره المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، وطارق عامر محافظ البنك المركزى، وهانى قدرى دميان وزير المالية، والمهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة، تم استعراض الجهود التى تبذلها الحكومة بالتنسيق مع البنك المركزى لزيادة الصادرات وتشجيع المُنتَج المحلى بهدف تنشيط الاقتصاد الوطنى، كما تم عرض خطط دعم وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، تنفيذاً لمبادرة الرئيس التى أعلن عنها خلال الاحتفال بيوم الشباب فى التاسع من يناير الحالي.
كما تناول الاجتماع الضوابط التى وضعتها وزارة التجارة والصناعة من أجل ضمان جودة الواردات، ولاسيما فى ضوء ما تم رصده فى السوق المصرية من سلع لا تتمتع بالمواصفات القياسية ولا ترقى إلى مستويات الجودة المناسبة.
وأكد الرئيس السيسى أهمية استمرار التنسيق الجارى بين كافة جهات الدولة المعنية من أجل زيادة الصادرات المصرية، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لذلك على المديين القصير والطويل، لاسيما من خلال الاِرتقاء بالصناعة المصرية وتشجيع قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وعلى صعيد آخر، أكد الرئيس السيسى على ضرورة إيلاء الاهتمام اللازم بتطوير منطقة أهرامات الجيزة الأثرية والارتقاء بالخدمات المقدمة للسائحين وتنظيمها بشكل شامل بما يساهم فى استعادة تلك المنطقة الحيوية لمظهرها الحضارى اللائق.
جاء ذلك خلال اجتماع الرئيس السيسى مع المهندس إبراهيم محلب مساعد الرئيس للمشروعات القومية والاستراتيجية، ووزراء الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والسياحة، والآثار، وذلك بحضور رئيس الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة، ورئيس هيئة التخطيط العمراني.
وتناول الاجتماع تناول خطط تطوير منطقة أهرامات الجيزة، حيث تم استعراض الإجراءات المقترح اتخاذها لتطوير تلك المنطقة الأثرية والارتقاء بها من جميع الجوانب بما يساهم فى تحسين الخدمات المقدمة لزائريها.
وأكد الرئيس السيسى، فى اتصال هاتفى مع رئيس الوزراء الإيطالى ماتيو رينزى، حرص مصر على تنمية العلاقات مع إيطاليا وتطويرها فى كافة المجالات، ومشيداً بالتنامى الملحوظ والتقدم الذى تشهده على كافة الأصعدة، كما أكد أهمية التعاون والتنسيق فى كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك، ونوه بحرص مصر على مواصلة تنمية وتطوير العلاقات مع إيطاليا فى كافة المجالات، سواء على الصعيد الثنائى أو فى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
واتفق الجانبان على أهمية استمرار التنسيق بين البلدين خلال المرحلة المقبلة، مع مواصلة التعاون فى مواجهة تحدى الإرهاب، وتسوية النزاعات فى عدد من دول المنطقة، ولا سيما فى ليبيا، لما سيكون فى ذلك من آثار إيجابية فى استقرار منطقتى الشرق الأوسط والمتوسط.
وتوجه الرئيس السيسى إلى مطار القاهرة لاِستقبال 20 مواطناً مصرياً من أبناء محافظة المنيا، تمت إعادتهم إلى أرض الوطن بعد جهود متواصلة على مدار الفترة الماضية بين السلطات المصرية ونظيرتها الليبية لإطلاق سراحهم عقب احتجاز مسلحين لهم بالأراضى الليبية فى 31 ديسمبر 2015.
ووجَّه الرئيس التهنئة للمصريين العائدين من ليبيا ولأسرهم وذويهم، مؤكداً أن الدولة المصرية لا تدخر جهدا لاتخاذ كافة الإجراءات الممكنة لتأمين أبنائها فى الداخل والخارج وصون حياتهم وحقوقهم، ووجه الرئيس الشكر للجيش الوطنى الليبى ولقياداته لما أبدوه من تعاون كامل وما بذلوه من جهود صادقة من أجل إطلاق سراح المحتجزين المصريين وضمان عودتهم إلى أرض الوطن سالمين.
وأشار الرئيس، فى حديثه مع المصريين العائدين من ليبيا، إلى توافر العديد من فرص العمل فى مصر، وخاصة فى المشروعات القومية الجارى تنفيذها فى العديد من المحافظات المصرية والتى يمكن أن تستوعب المزيد من العمالة المصرية، كما وجّه الرئيس الشكر للمؤسسات المصرية التى ساهمت بفاعلية فى إعادة المواطنين المصريين إلى أرض الوطن، وفى مقدمتها المخابرات العامة ووزارة الخارجية المصرية.
وأكد الرئيس السيسى، خلال استقباله خالد متعب العبيدى وزير الدفاع العراقى، دعم مصر الكامل لجهود الجيش العراقى فى التغلب على تحدى الإرهاب، مشيداً بما حققه الجيش من تقدم ميدانى فى مواجهة تنظيم داعش، ومؤكداً حرص مصر على مساندة العراق وجيشه من أجل استعادة سيادته على كافة أراضيه والتغلب على كافة التهديدات الأمنية الراهنة، كما أكد الرئيس السيسى خلال اللقاء على أهمية دفع وتطوير علاقات التعاون بين البلدين واستمرار التشاور والتنسيق فى مواجهة التحديات الإقليمية الراهنة.
واستقبل الرئيس السيسى، صابر تشودرى رئيس الاتحاد البرلمانى الدولى، بحضور أحمد الجروان رئيس البرلمان العربى، وقدم تشودرى التهنئة باِسم الاتحاد البرلمانى الدولى للرئيس على إتمام الانتخابات البرلمانية، مشيدا بحرص مصر على إنجاز استحقاقات خارطة المستقبل التى توافقت عليها القوى الوطنية، كما أشاد بحصول الشباب والمرأة على عدد كبير من مقاعد مجلس النواب المصرى الجديد وما يعكسه ذلك من أن التجربة الديمقراطية فى مصر تسير فى الاتجاه الصحيح، وأشار إلى دعمه لعودة مصر إلى عضوية الاتحاد خلال اجتماعه القادم فى مارس بالنظر إلى ما سيمثله ذلك من إضافة هامة لعمل الاتحاد.
وتناول اللقاء سُبل تعزيز أطر التعاون والتواصل بين الاتحاد البرلمانى الدولى ومجلس النواب المصرى، وكذلك مع البرلمان العربى، وتطرق اللقاء كذلك إلى مجمل الأوضاع الإقليمية، لاسيما ما يتعرض له العالم العربى من تحديات تؤثر على أمنه واستقراره وفى مقدمتها الإرهاب والتطرف، وهو الأمر الذى أكد الرئيس على ضرورة التصدى له عن طريق تبنى استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب لا تقتصر على الجوانب الأمنية فقط، مؤكدا على أهمية الحيلولة دون الاستمرار فى الربط الخاطئ بين الإسلام والإرهاب.