رغم مرور أسبوعين على صدور قرار تحرير سعر الصرف، إلا أنه لم يظهر حتى الآن أى بوادر لحل الأزمة التى تواجهها صناعة الدواء، والمتمثلة فى ارتفاع أسعار المواد الخام الدوائية بنسبة 100%، مما يجعل صناع الدواء غير قادرين على استيراد تلك المواد فى ظل ثبات أسعار الدواء بسبب نظام "التسعير الجبرى" للأدوية، وأدى لتكبد تلك الشركات خسائر فادحة، ويهدد أيضا بتوقف تلك الصناعة فى حالة عدم إيجاد حل عاجل للأزمة فى ظل وجود مخزون من المواد الخام الدوائية يكفى من شهر لثلاثة أشهر كحد أقصى وفقا للمادة الخام نفسها، الأمر الذى ينذر بتفاقم أزمة الأدوية المستمرة منذ حوالى 4 أشهر واختفاء المزيد من الأدوية.
"أدوية لعلاج السرطان ومشتقات الدم وعلاجات للأمراض المزمنة، ومستلزمات الغسيل الكلوى" اختفت تماما من السوق المصرى خلال الفترة الأخيرة، من بين حوالى 35 عقارا اختفت دون وجود بدائل أو مثائل أخرى، نظرا لعدم البنوك -إبان أزمة الدولار- توفير الاعتمادات المالية اللازمة للاستيراد لمستوردى الدواء، نظرا لعدم توافر الدولار بالبنوك، بجانب 1500 دواء لهم بدائل ومثائل أخرى، فى الوقت الذى يهدد فيه قرار تحرير سعر الصرف بتفاقم الأزمة، نظرا لتسببه فى ارتفاع سعر الدولار رسميا وبالتالى ارتفاع أسعار الخامات الدوائية، وهو ما دفع غرفة صناعة الدواء بمطالبة الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لتفادى الأزمة الوشيكة بالقطاع، فى ظل اتهام وزارة الصحة للمصنعين بمحاولة افتعال أزمة للضغط على الحكومة بهدف زيادة أرباحهم، والسعى إلى رفع أسعار الأدوية المتداولة بالسوق الدوائى.
هشام حجر، رئيس شعبة الأدوية بغرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات المصرية، أكد أنه فى حالة عدم اتخاذ الحكومة لإجراء عاجل خلال أسبوعين على أكثر تقدير لحل أزمة ارتفاع أسعار الخامات الدوائية، سيحدث تفاقم كبير للغاية فى أزمة الدواء ستظهر إثارة فى غضون شهر، ويتمثل فى "تقلص الصناعة" على حد تعبيره، وذلك عندما يبدأ مخزون المواد الخام الدوائية المتوافر حاليا لدى المصانع فى النفاذ، مما سيؤدى إلى توقف عملية الإنتاج وبالتالى عدم توافر الدواء بالسوق الدوائى المصرى.
وأضاف حجر، فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، أن مخزون المواد الخام الدوائية الحالى لدى المصانع يكفى من شهرين ونصف لثلاثة أشهر على الأكثر، لكن بنسب متفاوتة لكل مادة خام، وبالتالى يوجد مواد خام ستنفذ فى وقت أسرع، ما سيؤدى إلى توقف انتاج المستحضرات الدوائية تدريجيا نظرا لأن المستحضر الواحد يدخل فى صناعته عدة مواد خام دوائية، لافتا إلى أن المصانع لم تعد قادرة على استيراد أى مواد خام جديدة بسبب ارتفاع سعر الدولار رسميا، عقب قرار تحرير سعر الصرف، فى الوقت الذى ترتبط فيه الأدوية بنظام "التسعير الجبرى"، بمعنى أن تسعير الأدوية يتم عن طريق جهة حكومية، وهى إدارة الصيدلة التابعة لوزارة الصحة، دون أن تمتلك الشركات الحق فى تسعير منتجاتها، فى الوقت الذى يعتمد فيه نظام التسعير الجبرى على سعر الصرف الرسمى القديم 8.88 جنيه، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج عن البيع، وهو ما يكبد الشركات خسائر كبيرة لا تتمكن معها من إحضار مواد خام جديدة للاستمرار فى الإنتاج.
وأشار إلى أن أسعار المواد الخام الدوائية ارتفعت بنسبة 100% وفى زيادة متواصلة دون توقف، موضحا أن قطاع صناعة الدواء يحتاج سنويا إلى مواد خام تقدر بـ2,6 مليار دولار، وهو المبلغ الذى تضاعفت قيمته بالجنيه المصرى، فى الوقت الذى ارتفعت فيه أسعار مواد التعبئة والتغليف والخامات المساعدة بنسبة 60%، نظرا لارتفاع سعر الدولار، بجانب رفع الضريبة المقررة على مواد التغليف والخامات الأخرى من 1% إلى 13% عقب تطبيق قانون الضريبة على القيمة المضافة، موضحا أن الخامات تمثل 35% من قيمة الدواء بصورته النهائية بعد التصنيع، وهو ما يوضح مدى الارتفاع فى تكلفة إنتاج الدواء، لافتا إلى أن الغرفة لم تتلق أى رد فعل حتى الآن من الحكومة بشأن إيجاد حلول لتلك الأزمة.
وفيما يتعلق باستثمارات شركات الدواء العالمية فى مصر، والتى تمثل حوالى 46% من سوق الدواء المصرى، أوضح حجر أنه يوجد 6 شركات دواء أجنبية لديها استثمارات فى مصر، وتواجه تلك الشركات أزمة منذ شهور وقبل صدور قرار تحرير سعر الصرف، تتمثل فى عدم قدرة أفرع الشركات العالمية فى مصر على تحويل أرباحها للشركات الأم، بفعل أزمة الدولار التى شهدتها مصر على مدار أشهر، الأمر الذى يهدد تواجد تلك الشركات خلال الفترة المقبلة.
ويقترب حجم الاستثمار الكلى فى قطاع الدواء بمصر حوالى من حاجر الـ40 مليار جنيه مصرى، تظهر فى تداول 10 آلاف عقار طبى فى السوق الدوائى من أصل 14 ألف عقار مسجلة بالإدارة العامة للشئون الصيدلية بوزارة الصحة، بينهم 1750 دواء مستوردا من الخارج، إلا أن أرباح الأخيرة تمثل حوالى 20% من ارباح سوق الدواء ككل، فيما يمثل حجم المواد الخام ومستلزمات التصنيع المستوردة من الخارج من قبل مصانع الدواء المحلية، 90% من مكونات تصنيع الدواء المصنع محليا، نظرا لعدم وجود صناعة مواد خام دوائية بمصر، وهو ما يظهر مدى خطورة ارتفاع أسعار تلك الخامات على الصناعة فى الوقت الذى لا يمكن فيه تغير أسعار الأدوية نظرا لخضوعها لنظام التسعير الجبرى.
ومؤخرا أعلن الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة، أنه تم الاتفاق مع المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، على توفير 186 مليون دولار، لاستيراد 146 عقار دوائى لا يوجد لديها بدائل أو مثائل أخرى، لسد العجز من تلك الأدوية بالسوق الدوائى المصرى.
الاختفاء التام لعدد من الأدوية الهامة وبعضها يتوقف عليه حياة المرضى، دفع النشطاء على موقع التغريدات القصيرة "تويتر" لإطلاق مجموعة من الهاشتاج، للفت الأنظار إلى المعاناة التى يواجهونها هم وذويهم للحصول على أدويتهم، على رأسها هاشتاج صيدلية_تويتر والذى وجد صدى واسع من قبل المغردين، حيث يهدف إلى التنويه عن الأدوية الناقصة ودعوة من يمتلك تلك الأدوية بشكل زائد عن حاجته بالتبرع بها لمن يحتاج، والذى يشهد مناشدات عديدة لتوفير عقار "كيتوستريل" لعلاج مرضى الكلى بجانب الانسولين لعلاج مرضى السكر، وارفعوا_الحظر_عن_استيراد_الدواء، بجانب هاشتاج أطفال_السرطان_بتموت وفين_البيورنثول، وذلك للتنويه عن اختفاء عقار "البيورنثول" المستخدم فى علاج الاطفال مرضى سرطان الدم، ويتعبر علاج مكمل للعلاج الكيماوى.