على مدار عدة أشهر لم تتوقف خلالها صرخات مرضى الفشل الكلوى بسبب نقص المستلزمات الطبية المستخدمة فى عملية الغسيل الكلوى، وهو ما أدى إلى إعلان عدد من المراكز عن عدم قبول حالات التأمين والعلاج على نفقة الدولة، بل شهدت الفترة الماضية العديد من الأخبار الخاصة بتوقف الغسيل للمرضى فى عدد من المحافظات ومنها طنطا، كفر الشيخ، الغربية، التى نظم المرضى بها وقفة احتجاجية أمام ديوان عام المحافظة بسبب نقص الفلاتر ومستلزمات الغسيل.
فى المقابل جاء تصريح الدكتور أحمد عماد وزير الصحة، نافيًا وجود أزمة فى مستلزمات الغسيل الكلوى، وأن الوزارة لديها من المستلزمات الطبية ما يغطى نسبة 30% ويكفى لمدة سنتين، وهو التصريح الذى أثار غضب العديد من المرضى والأطباء والمراكز الحقوقية، مؤكدين أن الوزير يتعمد إخفاء الحقيقة للحفاظ على منصبه الوزارى.
داخل مستشفى قصر العينى وتحديدًا فى الدور الرابع فى وحدة الغسيل الكلوى كانت أزمة نقص المستلزمات الطبية الخاصة بعملية الفشل الكلوى حاضرة وبقوة، حيث لم يتمكن عدد من المرضى من إجراء عملية الغسيل بسبب نقص المستلزمات الخاصة بالغسيل، وهى محلول 20% والفلاتر أو القسطرة سواء فى مخازن المستشفى التى تعانى من نقص حاد فى هذه المستلزمات أو فى الأسواق.
بين ممرات المستشفى وقف "ح،م" ليصرخ قائلًا "فين الدكاترة .. فين وزير الصحة .. ابنى هايروح منى".
الرجل الخمسينى اصطحب ابنه البالغ من العمر 13 عامًا لإجراء عملية الغسيل الكلوى، ولكنه لم يتمكن من اجرائها فى الموعد المقرر لها بسبب عدم وجود فلاتر أو قسطرة فى مخازن المستشفى.
يقول الأب "حضرت إلى المستشفى لإجراء عملية الغسيل الكلوى لابنى الطالب فى المرحلة الإعدادية بعد إصابته بذلك المرض منذ عامين وهو ما يتطلب إجراء عملية غسيل 3 مرات أسبوعيًا، وكان الأمر يسير بشكل منتظم إلا اننى فوجئت بإبلاغى من قبل العاملين فى الوحدة بضرورة شراء فلتر الغسيل والقسطرة من الخارج، لكى تتمكن الوحدة من إجراء عملية الغسيل حيث تعانى مخازن المستشفى من عجز نقص شديد فى تلك المستلزمات".
الظروف المادية الصعبة التى يعيشها الأب الخمسينى، حيث ينتمى إلى فئة العمالة غير المنتظمة لم تمنعه من محاولة توفيرها وشراء تلك المستلزمات من الخارج، والتى يصل ثمنها إلى 400 جنيهًا، لإنهاء الآلام التى يشعر بها ابنه ولكنه لم يستطع الحصول عليها بسبب عدم وجودها فى الأسواق.
الحالة السابقة جزء من معاناة العديد من الأسر التى لم تتمكن إجراء عملية الغسيل والعودة بمرضاهم مرة أخرى أو بعضهم الذى اضطر إلى تقليل عدد جلسات الغسيل من ثلاث جلسات أسبوعيًا إلى جلسة واحده بسبب نقص المستلزمات.
بين العديد من الوجوه الشاحبة والأجساد الهزيلة التى تنهشها آلام الكلى، التى تكتظ بها وحدة الغسيل فى القصر العينى قالت "أم محمود" بصعوبة بالغة، "أصبت بذلك المرض منذ عدة سنوات وأجرى تطلب عمليات غسيل ثلاث مرات أسبوعيًا، انخفضت إلى مرة واحدة أسبوعيًا بسبب نقص فى فلاتر الغسيل، والقسطرة".
وكشفت أحد العاملات فى وحدة الغسيل بقصر العينى – طلبت عدم ذكر أسمها خوفا من تعرضها للعقاب من إدارة المستشفى - أن الوحدة التى تقوم باستقبال العديد من المرضى لإجراء عمليات الغسيل بالمجان تواجه الآن تحدى صعب للغاية بسبب النقص الحاد فى تلك المستلزمات وعدم وجودها فى مخازن المستشفى منذ شهرين.
وهو ما عبرت عنه بقولها " المخازن كانت فى البداية بتورد نصف الكمية المطلوبة حتى توقفت تمامًا، لذلك يضطر العاملين والأطباء بالوحدة إلى توجيه المرضى لشرائها من الخارج.
سوق المستلزمات الطبية
كشفت الجولة التى قامت بها " انفراد " فى سوق المستلزمات المواجه لمستشفى قصر العينى عن اختفاء "الفلاتر ومحلول 20%" المستخدم فى عملية الغسيل الكلوى، وقيام احدى الشركات التى تبيع هذه المستلزمات الطبية باستغلال تلك الأزمة فى تحقيق مكاسب تجارية من خلال رفع سعر الفلتر من 130 إلى 190 جنيهًا، حيث قال أحد العاملين بها " الفلتر مش موجود بس لو حبيت أقدر أوفرهولك بـ190 جنيه بس لازم تاخد كمية".
فيما قال الدكتور هشام الفتى رئيس شعبة المستزمات الطبية فى اتحاد الصناعات، أن مستلزمات الغسيل الكلوى تواجه نقص وعجز شديد على خلاف ما يؤكده وزير الصحة، وذلك بسبب عدم قدرة المستوردين على الوفاء بمستحقات الشركات التى يتم الاستيراد منها بسبب الديون التى تراكمت عليهم نتيجة الارتفاع غير المسبوق خلال الفترة الماضية فى سعر الدولار.
وأكد الفتى توقف عدد من المصانع العاملة فى تصنيع المستزمات الطبية بسبب عدم القدرة على شراء المواد الخام من الخارج، مطالبًا الحكومة بإيجاد حل لهذه الأزمة.
لم يكن وزير الصحة هو الوحيد الذى أكد على توافر فلاتر غسيل الكلى، فالدكتورة ماجدة طنطاوى رئيس الإدارة المركزية للطب العلاجى بوزارة الصحة والسكان كانت قد أصدرت بيان يؤكد على توافر فلاتر الغسيل الكلوى بجميع مديريات الشئون الصحية، مشددة على وجود مخزون استراتيجى احتياطى يتم الصرف منه عند الضرورة.
من جانبه، أكد الدكتور خالد مجاهد المتحدث الرسمى لوزارة الصحة والسكان فى تصريحات لـ"انفراد"، إن الأرصدة الموجودة حاليًا بمخازن بعض المديريات والمستشفياتتكفى لمدة 21 يوم وبعضها يكفى لمدة شهر ونصف.