فى 3 نوفمبر الجارى استطاعت الحكومة ضرب السوق السوداء للدولار فى مقتل، من خلال إصدار قرار تعويم الجنيه، ما أدى إلى تهاوى سعر الدولار إلى 15 جنيهاً بعد أن وصل إلى 18 جنيهاً الليلة التى سبقت القرار.
لكن هل ستستطيع الحكومة الحفاظ على ما حققته من انتصار على السوق السوداء؟ لا سيما فى ظل شكوى بعض مستوردى السلع غير الأساسية من صعوبات عند حصولهم على الدولار من البنوك، وتخوفاتهم من استغلال السوق السوداء هذه الفرصة وعودتها مرة أخرى بشكل أكثر شراسة.
· خبير مصرفى: الفترة الحالية مخصصة لصرف الدولار لمستوردى السلع الأساسية
الخبير المصرفى محمد بدره قال إن البنوك تقوم خلال الفترة الحالية بصرف الدولار للطلبات المعلقة منذ فترة، وهى طلبات تخص السلع الاستراتيجية.
وأضاف بدره فى تصريح خاص لـ"انفراد" إن هناك أوليات فى صرف الدولار خلال الفترة الحالية، موضحاً أنه يُصرف فى المقام الأول للسلع الغذائية والأدوية تأتى تالياً الطلبات التى تخص الصناعة ثم السلع الاستكمالية.
وأوضح أنه إذا استمر حجم التدفقات الأجنبية إلى القطاع المصرفى المصرى بعد قرار تعويم الجنيه على نفس المنوال، سيأتى الدور قريباً على السلع غير الأساسية، مؤكدًا أن حصيلة الأسبوعين تنبئ بتحسن الأوضاع فى سوق صرف العملات.
وكان طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى، قال فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، إن حصيلة القطاع المصرفى من تنازلات العملاء – شراء العملة من المواطنين - من العملات الأجنبية بعد تعويم الجنيه منذ 3 نوفمبر الجارى، وصلت بنهاية أمس الخميس إلى نحو 3 مليارات دولار، أى حصيلة أسبوعين بعد تحرير سعر صرف الجنيه، مؤكدًا أن الحصيلة فى ارتفاع مستمر وتؤكد قدرة البنوك المكونة لنسيج القطاع المصرفى على اجتذاب العملات الأجنبية إلى داخل القطاع مرة أخرى وتعزيز السيولة الدولارية.
فيما أكدت الدكتورة سلوى العنترى الخبيرة المصرفية أن القضاء على السوق السوداء للدولار فى مصر لن يتم إلا باتخاذ الإجراءات التى تقيد الواردات حتى استعادة القوة الإقتصادية وتنشيط الإنتاج المحلى بالشكل الذى يسمح بتغطية جزء كبير من هذه الواردات.
وقالت الدكتورة سلوى العنترى فى تصريح خاص لـ"انفراد" إنه إذا استمر الطلب على الواردات فى ظل وجود نقص فى موارد مصر من العملات الأجنبية، سيدفع ذلك إلى استمرار وجود السوق السوداء؛ لذا فهناك ضرورة قوية فى اتخاذ الدولة ما يلزم من إجراءات لمنع وتقييد الواردات.
وأضافت الخبيرة المصرفية أن حل هذه المشكلة يكمن فى تطبيق المادتين الموجودتين فى اتفاقية الجات فيما يخص منع الواردات عن طريق الجمارك، إلى جانب المادة 18 من الاتفاقية والخاصة بالدعم الحكومى للتنمية، حيث تنص على معاملة تفضيلية للبلدان النامية من حيث منحها إمكانية اللجوء لاتخاذ إجراءات حمائية لحماية صناعاتها الناشئة أو لتصحيح الخلل المفاجئ في ميزان مدفوعاتها، موضحة أنه وفقًا لتلك المادة تقوم الدولة بالاتفاق مع الشركاء التجاريين بمنع استيراد السلع غير الأساسية لفترة معينة.
قالت الدكتورة بسنت فهمى عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن الوضع الحالى يحتاج للجدية الشديدة فى التعامل مع طالبى الدولار من البنوك، بحيث يستلزم أن يخصص صرفه إلى مستوردى المواد الخام وماكينات المصانع والسلع الأساسية والأدوية إلى جانب تلبية احتياجات الأفراد للدولار سواء كان للسفر أو العلاج أو التعليم.
وأضافت عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، فى تصريح خاص لـ"انفراد"، أنه على الرغم من مرور فترة وجيزة على قرار البنك المركزى بتعويم الجنيه إلا إن نتائجه جيدة جدًا، والدليل على نجاحه زيادة الإيرادات، وشبه اختفاء السوق السوداء للدولار.
وأشارت عضو اللجنة الإقتصادية بمجلس النواب إلى أن الأمر يحتاج مزيد من الصبر وتضافر جهود المستوردين لتركيز استيرادهم على السلع الأساسية فقط خلال الفترة الحالية، موضحة أن ارتفاع سعر الدولار سيجعل الاستيراد يتركز على السلع الأساسية والضروريات وهو ما تحتاجه البلاد خلال تنفيذها لبرنامج الاصلاح الاقتصادى الشامل.
ولفتت الدكتورة بسنت فهمى إلى عدم تلبية بعض المستوردين لمبادرة أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية والخاصة بإيقاف الاستيراد لمدة ثلاثة أشهر مستمرة، مشيرة إلى أنها كانت ستساهم فى الحد من الضغط على الدولار وخلق سوق سوداء للتداول عليه.