مشاكل ما بعد الولادة لا تقل ألما وصعوبة من الولادة نفسها، وحتى يظل الحادث سعيدًا، على الأم الصغيرة الانتباه لمشاكل ما بعد الولادة النفسية والجنسية معا، والاستعداد لمواجهة بعضها بمساعدة الزوج والأسرة، وتواجه الأم بعد الولادة 7 مشكلات شائعة ومعروفة لكنها تختبئ فى «دوشة» وفرحة العيلة بالمولود الجديد والتجهيز لحفل السبوع، وغالبا ما تتعلق مشاكل ما بعد الولادة النفسية والجنسية بالمشاعر والأحاسيس فكثيرا ما تنتابها نوبات بكاء دون سبب واضح واضطرابات فى النوم والغضب المستمر وزيادة الوزن، وعدم الرغبة فى العلاقة الجنسية، كل هذه الأشياء لم تستعد لها الأم ولم يكن لديها الوعى الكافى هى فقط تنتظر مولودها.
وتشير الدراسات والأبحاث إلى أنه من بين 100 سيدة تخوض تجربة الولادة هناك سيدة واحدة على الأقل تصاب بأحد المشاكل النفسية والجنسية أو الاثنين معا وتعرض «انفراد» أبرز المشكلات، التى يمكن أن تتعرض لها المرأة بعد الولادة، ونستعرض المشكلات، التى يمكن أن تتعرض لها المرأة فى السياق الجنسى والنفسى وما يرتبط بهذين الجانبين دون الخروج من دائرة ما هو متعلق بمرحلة ما بعد الولادة.
اكتئاب ما بعد الولادة
من أشهر المشاكل الصحية، التى تتعرض لها المرأة بعد الولادة هو اكتئاب ما بعد الولادة، والذى يصيب من 10 إلى 15 سيدة من كل 100 سيدة، والمشكلة تتفاقم وتزداد عندما لا تبوح المرأة عن أوجاعها وأحاسيسها ومشاكلها النفسية فى الثلاثة شهور الأولى من الولادة، وخصوصا الأمهات الجدد، وعدم طلبها للاستشارة النفسية أو الإفصاح لزوجها أو أحد أقاربها لمساعدتها فى اللجوء لأحد المتخصصين حتى عندما تطلب المشورة الأسرية نستمع لآراء يمكن أن تزيد المشكلة، فهذا النوع من الاكتئاب يختلف عن مرض الاكتئاب نفسه لأنه مرتبط بحدث معين وله مشورة وعلاج مختلف ويعتمد على شخصية الأم وعلاقتها بزوجها وبعملها، وهذا النوع من الاكتئاب لا يستمر أكثر من ثلاثة أشهر بعد الولادة بأى حال حتى لو تطلب الأم المشورة النفسية، وتتركز الأعراض على البكاء بكثرة، الشعور بالحزن وعدم القيمة، سرعة الغضب والانفعال، اضطرابات النوم، النفور من العلاقة الجنسية، وتغيرات فى الشهية سواء الامتناع عن الأكل أو الشراهة، عدم القدرة على اتخاذ أى قرار، فالأم سواء الجديدة، أو التى سبق لها الولادة قبل ذلك تتعرض لكثير من التغيرات البيولوجية والفسيولوجية وإذا لم تستطع السيطرة عليها تكون فريسة سهلة للإصابة بالاكتئاب، ويكون التعرف المبكر للمرض لتحسين الحالة قبل الوقوع به.
وتؤكد الدراسات أن اكتئاب ما بعد الولادة يصيب السيدات بكثافة حول العالم دون النظر إلى تلك الحالات، التى لا ينطبق عليها الشرط الأساسى الذى يجعل من اكتئاب ما بعد الولادة عرضا مرضيا، حيث ينبغى أن تظل المرأة التى أنجبت طفلها فى حالة من الاكتئاب الواضح لمدة ثلاثة شهور حتى يمكن القول بأنها تعانى من اكتئاب ما بعد الولادة.
وتشير الدراسات أيضا إلى أن اكتئاب الولادة غير مرتبط بكون الولادة هى الأولى أو الأخيرة فقد تنجب المرأة للمرة الثالثة أو الرابعة وتتعرض لاكتئاب ما بعد الولادة.
الاهتمام الزائد من الأم بالطفل الجديد
بعد الولادة يجب على الأم الاهتمام بطفلها وهذا من البديهيات، ولكن هناك أمهات يصل بهن الاهتمام إلى مرحلة من الهوس النفسى فيكون سبيلها الإفراط فى الاهتمام والرعاية بشكل يرهقها نفسيًا وجسديًا، كما أنه يؤذى من حولها فقد تمنع أقرب الناس للطفل مثل الأب والأجداد من حمل الطفل أو لمسه، وهذه الحالة تصيب الأم، التى تنجب للمرة الأولى أو التى سبق لها الإنجاب، فهى طوال الوقت تشعر بالخوف والتوتر تجاه طفلها، وتبدأ فى إهمال بيتها وزوجها وحتى أطفالها، وإذا كانت عاملة نجدها تهمل فى المواظبة على الذهاب للعمل، وعلى المحيطين بالأم وخصوصا الزوج مساعدتها وطلب المشورة النفسية والأسرية لها.
هرمون الرضاعة يقلل الرغبة الجنسية
بعد الولادة يفرز الجسم هرمون «البرولاكتين» بنسبة كبيرة فهو الهرمون المسؤول عن إنتاج الحليب بكثرة لتتم عملية الرضاعة بصورة طبيعية وبكمية وافرة لإشباع المولود، ويتسبب زيادة هذا الهرمون فى الجسم فى انخفاض الرغبة الجنسية لدى المرأة، بالإضافة إلى انتفاخ البطن، وتورم الثديين، زيادة الوزن، وعلى الزوج أن يدرك كل هذه التغيرات ويحاول أن يساعد زوجته فى وضعها الجديد حتى تتقبله ويتجاوز الزوجان معا هذا العرض حتى تعود العلاقة الحميمة إلى حالتها الطبيعية.
وتعزو الدراسات السبب الرئيس لتحول السيدة، التى أنجبت طفلها حديثا إلى ضعف الرغبة الجنسية إلى ما يطلق عليه الاختلالات الهرمونية، التى تصيب المرأة بعد الولادة مباشرة، وعلى رأسها زيادة إفراز هرمون «البرولاكتين»، الذى يتسبب بشكل مباشر فى تعذر رغبة المرأة فى العلاقة، كما أن بقية التطورات، التى تمر بها المرأة فى هذه الفترة تسهم فى تقلب المزاج.
الولادة الطبيعية بطرق بدائية تصعب من العملية الجنسية
كثير من حالات الولادة الطبيعية فى الأقاليم والريف المصرى تجرى بواسطة القابلة أو «الدايه»، ففى هذه المناطق المرأة تفضل العائلة الطريقة التقليدية فى الولادة تفاؤلا بها حتى تكون حياتها مثل أمها وجدتها، وفى كثير من الحالات لا تقوم «الداية» بخياطة منطقة خروج المولود بعد الولادة ليبقى الجرح غائرا ومفتوحا لفترة طويلة قد تستمر حتى عاما كاملا، مما يسبب أذى للمرأة وألما بعد عملية الولادة، ما يجعل ممارسة العلاقة الجنسية مع الزوج تتم بصعوبة وأحيانًا يكون هناك نفور يصل إلى حدود الرفض، لكن الحقيقة أن الجرح لو تمت خياطته سوف يلتئم بشكل أفضل وأسرع لا يتعدى الشهرين من بعد الولادة.
التغيرات الفسيولوجية التى تحدث فى الجسم بعد الولادة
بعد الولادة يتعرض جسم المرأة لكثير من التغيرات الفسيولوجية يأتى أولها «انكماش الرحم» بعد نزول المولود ليحدث بذلك التخلص من البطانة، بالإضافة إلى الشعور بمتاعب الظهر ومشاكل الظهر بسبب حمولة الجنين 9 شهور، نسبة المخدر، الذى يتعرض له جسم المرأة فى حالات الولادة القيصرية يسبب لها سرعة انفعال، بسبب المولود الجديد تصاب الأم الجديدة بإضرابات فى ساعات النوم، شعور بالخمول، يصاب الجسم بنقص فى الفيتامينات يسبب سقوط الشعر وتأثير مباشر على صحة الجلد وأحيانا يصل إلى ضعف الإبصار وعدم القدرة على الوقوف طويلًا.
كلف الحمل
بعد الولادة تتفاجأ الأم أن بقع الكلف، التى ظهرت على أجزاء من جسمها أثناء الحمل مازالت موجودة، على الرغم من أن طبيبها الخاص وأغلب المعارف والصديقات أكدن لها أن هذه البقع ستزول فور الولادة ولن تترك آثارًا.
ويؤكد الدكتور هشام البسطويسى، استشارى أمراض النساء والتوليد، هذه البقع ستزول فعلا بعد فترة من الولادة، ولن تترك أثرًا، ولكنها سوف تستغرق قليلًا من الوقت يتراوح من شهر إلى ثلاثة شهور، حيث يبدأ الجسم باستعادة حيويته بعودة نسب الهرمونات إلى وضعها الطبيعى، فيبدأ الجلد بالتخلص من التصبغات، التى طرأت عليه أثناء شهور الحمل، ولكن يجب أن تتناول الأم حمض الفوليك سواء من المكملات الغذائية، أو الخضراوات ذات اللون الأخضر والفواكه، التى يأتى على رأسها التفاح، بالإضافة إلى الخبز الأسمر، والذى يحتوى على حبوب كاملة، كما يجب على المرأة استخدام واق للشمس قوى ومتماشيا مع نوعية بشرتها حتى لا يتعرض الجلد لمزيد من المشاكل.
الولادة القيصرية موضة ولكنها تتسبب فى جرح بالبطن
الولادة القيصرية ينتج عنها جرح عميق وسواء كانت الخياطة من النوع العادى أو التجميلى فهى تترك أثرًا على البطن، يمنع المرأة من الحركة فى الأيام الأولى بعد الولادة وحتى أسبوعين، وحتى لا يصاب جلد البطن بتشوه يجب على الأم أن تراعى الفترة بين الولادات ولتكن سنتين، حتى يستعيد الجسم ما فقد بعد الحمل والولادة، وعند تجاهل هذه المدة تتعرض المرأة فى أحيان كثيرة إلى متاعب بسبب عدم التئام الجرح بشكل نهائى.
يقول الدكتور «هشام البسطويسى»، استشارى النساء والولادة، إن المرأة التى تتعرض لعملية ولادة عسيرة سواء طبيعية أو قيصرية تصاب بكثير من المشاكل النفسية والجنسية، ومن الممكن أن يكون بمقدور طبيب النساء والولادة السيطرة عليها ووضع الأم على الطريق السليم حتى تتخطى مشاكلها، وتحصل على فرحتها بمولودها الجديد، أو يقترح عليها الاستعانة بطبيب نفسى ليكون العلاج متخصصا بشكل أكبر.
ويقدم «هشام بسطويسى» 5 طرق لحل المشاكل، التى قد تتعرض لها المرأة بعد الولادة.
الحذر من انخفاض مستوى الهرمونات الأنثوية الموجودة فى الجسم «الأستروجين، والبروجيستيرون» أصحاب الدور الكبير فى التأثير على الصحة النفسية للمرأة.
أثناء الحمل يرتفع مستوى «الإندورفينات» وهى مواد طبيعية تعمل على تحسين المزاج أثناء فترة الحمل تنخفض بعد الولادة بشكل كبير، مما يتسبب ذلك فى حدوث الاكتئاب، ويكون الحل تناول الأطعمة، التى تحتوى محفزات لهرمونات السعادة.
المرأة التى تلد بشكل طبيعى يمكنها المشى وممارسة الرياضة بعد أيام من الولادة، أما التى تعرضت للولادة القيصرية عليها عدم محاولة فعل ذلك قبل 14 يوم، وتكون بأشراف متخصص حتى لا تؤذى نفسها.
فى حالة الولادة القيصرية يجب عدم اللجوء لارتداء حزام البطن إلا بعد شهر كامل من الولادة حتى لا يكون ضاغط على الجرح، ويؤذى المرأة أكثر مما يفيدها فى ضم عضلات البطن.
ممارسة تمارين البطن بعد الولادة بشكل تدريجى حتى تحصل المرأة على عضلات بطن مشدودة، ولا تترك بطنها مترهلة وذات شكل قبيح.
يمكن للمرأة اللجوء إلى عملية تجميل لمنطقة الولادة الطبيعية إذا شعرت بحاجة لذلك بسبب صعوبة ممارسة العلاقة الزوجية.
قد تكتشف المرأة بعد الولادة للمرة الأولى أن عملية الختان، التى أجريت لها فى الصغر تسببت لها ببعض المشاكل فى العلاقة الحميمة، وهنا عليها استشارة الطبيب فى كيفية تخطى المشكلة سواء عن طريق التجميل أو غيرها من الحلول المتاحة، حسب الحالة.
يلتقط طرف الحديث الدكتور «مايكل مكرم» أخصائى العلاج الطبيعى، قائلا بعد عملية الولادة يتم إعادة ترتيب جسم المرأة، بعد التغييرات، التى كانت حدثت خلال فترة الحمل، حيث ينحصر حجم المشيمة، وتستقر الإفرازات الهرمونية، ويحدث رجوع عكسى لمحور العمود الفقرى إلى الوضع المعتاد، وحتى يحدث ذلك بشكل منظم وبدون مضاعفات تؤثر على صحة المرأة يقدم «مايكل مكرم» مجموعة من النصائح الهامة لتجنب المشاكل، التى تحدث بعد الولادة:
ممارسة التمارين الرياضية، خاصة تمارين البطن وعضلات الحوض السفلية، وذلك لتحسين التوازن بين الحوض والظهر.
الاعتماد على التمارين الحديثة، التى تقام تحت الماء فقد أثبتت التجارب العملية فائدة هذه التمارين عملية الولادة، وأغلب مراكز الرياضة الكبرى تحرص على توفيرها.
يجب على المرأة، التى خضعت لعملية ولادة قيصرية أو طبيعية الحرص على شفط عضلات البطن إلى الداخل والقبض على عضلات أسفل الحوض، حتى تستعيد قوتها.
على الأم الجديدة التعرف على كيفية ممارسة تمارين «كيجل» المخصصة لما بعد الولادة سواء عن طريق المدرب الخاص بها أو عن طريق العديد من الفيديوهات على شبكة الإنترنت.
استخدام جلسات أجهزة الموجات فوق الصوتية وأجهزة التنبيه الكهربائى لها دور فعال فى علاج الألم أسفل الظهر، حيث إنها تقوم بدورها فى إعادة عضلات الظهر لدورها الطبيعى.
ترك البطن مترهلا بعد الولادة من الأمور السيئة، التى تتعرض لها المرأة ويجب عليها تجنب ذلك باستشارة الطبيب حول كيفية اختيار حزام شد البطن المناسب.
اللجوء إلى الوصفات الطبيعية من الزيوت والكريمات مفيدة لعلاج ترهل البطن والسيطرة على الخطوط البيضاء، التى تظهر بعد انكماش البطن.
ممارسة رياضة المشى لمدة 30 دقيقة بعد عملية الولادة والاطمئنان على حالة الجرح من الأمور المفيدة للمرأة على المستوى النفسى أو ممارسة العلاقة الحميمة بشكلها الطبيعى.