فى مفاجأة مدوية، خرج الرئيس الفرنسى السابق وزير الداخلية الأسبق نيكولا ساركوزى من سباق انتخابات الرئاسة الفرنسية المقررة منتصف العام المقبل مبكراً، بعد خسارته فى الدورة الأولى من الانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسى، معلناً اعتزاله العمل العام وانسحابه بشكل كامل ونهائى من الحياة السياسية.
وأقر ساركوزى فى تصريحات له فجر اليوم، بهزيمته من الدورة الأولى للانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسى، معلناً أنه سيصوت خلال الدورة الثانية للانتخابات الأحد المقبل، لصالح رئيس وزرائه السابق فرنسوا فيون الذى ينافس رئيس بلدية بوردو آلان جوبيه.
وقال ساركوزى فى مؤتمر صحفى: "حان الوقت بالنسبة لى أن انتهج أسلوب حياة أكثر خصوصية وأقل انخراطاً فى الشأن العام"، داعياً أنصاره إلى " ألا يتبعوا يوماً طريق التطرف السياسى"، فى إشارة إلى حزب الجبهة الوطنية اليمينى المتطرف.
وتابع : "لدى احترام كبير لـ آلان جوبيه، لكن الخيارات السياسية لفرنسوا فيون هى أقرب إلى.. لذا سأدعمه، حظاً موفقا لفرنسا، حظاً موفقا لكم أعزائى المواطنين، كونوا متأكدين من أننى فرنسى وسأبقى فرنسيا، ومن أن أى شىء يمس فرنسا من قريب أو بعيد سيمسنى دائما بشكل شخصى".
يأتى ذلك بعد مرور أقل من أسبوعين على كشف تفاصيل التمويل الليبى الذى حصل عليه ساركوزى خلال حملته الانتخابية عام 2007، بعد أن خرج رجل الأعمال الليبى ـ الفرنسى زياد تقى الدين الأربعاء الماضى فى حوار تلفزيونى، وجدد اتهامه لساركوزى بالمشاركة مع الزعيم الليبى الراحل معمر القذافى فى عمليات فساد وتمويل غير شرعى.
وذكر تقى الدين إن الرئيس الليبى الراحل معمر القذافى، مول حملة ساركوزى بـ5 ملايين يورو، مشيراً إلى أنه كان وسيطاً بين الرئيس الأسبق والقذافى، ونقل تلك الأموال من عبدالله السنوسى، رئيس جهاز مخابرات القذافى السابق، إلى ساركوزى ومدير حملته كلود جيان.
وكشف رجل الأعمال أنه سلم القضاة فى فرنسا، شهادة خطية منه فى 12 نوفمبر، يذكر فيها تفاصيل نقل الأموال النقدية، بين عامى 2006 و2007، ولقاءاته مع جيان وساركوزى، وأقر إنه ارتكب هذا الخطأ بالفعل "المساهمة فى تمويلات غير مشروعة".
وفسر تقى الدين عملية تسليم الأموال ولقائه بساركوزى عندما كان وزيراً للداخلية، وبمدير حملته الانتخابية، فقال إنه مر من المطار فى نوفمبر 2006 بشكل طبيعى للغاية مثل باقى المسافرين، ولم يتعرض لأى مساءلة من رجال الأمن والجمارك، وإنه حين خرج من المطار اتصل بمدير مكتب ساركوزى كلود جيان، الذى أعطاه موعداً على الفور والتقيا بالفعل فى مبنى وزارة الداخلية، حيث تمت عملية تسليم بعض الأموال ثم غادر مقر الداخلية، التى كان ساركوزى وزيرها فى ذلك الحين.
وتابع تقى الدين: "عدت بعد مرور بعض الوقت إلى ليبيا والتقيت عبد الله السنوسى الذى سلمنى يداً بيد حقيبة ثانية مماثلة للحقيبة الأولى، كانت تحتوى على مليونى يورو تقريبا، وبعد استلام الحقيبة توجهت إلى فرنسا مرة أخرى واتصلت بمدير مكتب ساركوزى الذى كان يتابع الأوضاع معى باستمرار عن طريق الهاتف، والتقيه من جديد فى مكتب جيان وسلمته الحقيبة دون أن يقوم الأخير بفحصها، وهذه المرة رأيت ساركوزى الذى وجه لى التحية وقال إن اللقاء المقبل لابد أن يكون بيننا ودعانى إلى مكتبه".
واستطرد رجل الأعمال الليبى: "فى المرة الثالثة كان اللقاء مع ساركوزى مباشرة بالفعل، إلا أنه لم يستمر أكثر من 3 أو 4 دقائق".
وعجز ساركوزى عن حصد أكثر من 23% من الأصوات فى الانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسى، مساء أمس، فيما تصدر رئيس الوزراء الفرنسى السابق فرانسوا فيون السباق المبدئى بفارق كبير بحصوله على نحو 43.5% من الأصوات، بينما حصل رئيس الوزراء الأسبق آلان جوبيه، على 27.6% من نسبة الأصوات التى تم فرزها.