ربما ينظر الغرب إلى روسيا باعتبارها أحد ألد الخصوم، فموسكو لا تتردد فى تحدى الدول الغربية كلما سنحت الفرصة، فلم تكترث بتحذيراتهم قبل دخول جزيرة "القرم"، ولم تعيرهم اهتمامها قبل أن تأخذ قرارا منفردا بدخول سوريا لتغير دفة الأحداث وتذكرهم بمدى نفوذها فى المنطقة. ومع ذلك، كان رئيسها فلاديمير بوتين الحاضر الغائب فى الانتخابات الأخيرة التى شهدتها دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا ومولدوفا وبلغاريا.
وفاز مرشح الحزب الجمهورى، دونالد ترامب، بالانتخابات الأمريكية بعد حملة انتخابية وصفت بأنها بين الأكثر شراسة فى تاريخ الولايات المتحدة. ورغم إثارته للجدل فى عدد من القضايا المتعلقة باللاتينيين والمسلمين والمرأة وغيرهم، إلا أنه أثار جدلا أكبر بإشادته المتكررة بالرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، العدو التقليدى للولايات المتحدة.
وقال ترامب أثناء حملته الانتخابية أمام منتدى قيادة الأركان إن الرئيس الروسى "زعيم أقدر من رئيسنا أوباما". وجاء ثناء ترامب فى اليوم نفسه الذى اتهم فيه وزير الدفاع الأمريكى روسيا بزرع بذور عدم الاستقرار دوليا.
وذكر الرئيس الأمريكى المنتخب أن بوتين "يحظى بتأييد 82 %"، مضيفا أنه "لديه تحكم عظيم فى بلاده"، وأوضح أن لديه أفكارا جادة بشأن سوريا، مشددا على ضرورة التعاون مع روسيا لحل الأزمة السورية.
وأشار ترامب خلال لقائه بصحفيى "نيويورك تايمز": "أجد ما يجرى فى سوريا حاليا فظيعا.. فقد لقى آلاف الناس مصرعهم، علينا أن نفعل شيئا ما بسوريا. وتحدثت لبوتين حول ذلك خلال اتصال هاتفى تلقيته منه." كما ترامب أنه يرى ضرورة العمل مع روسيا فى محاربة تنظيم "داعش" الإرهابى.
أما الانتخابات الفرنسية، التى فاز فيها فى الجولة الأولى من الانتخابات التمهيدية لأحزاب اليمين والوسط كلا من فوانسوا فيون وآلان جوبيه كلاهما رؤساء حكومة سابقين، وسيتنافسان الأسبوع المقبل فى الجولة الثانية، ومن سيفوز سيمثل اليمين فى الانتخابات الرئاسية فى إبريل 2017. وقبل أن تحسم النتيجة التى تعتمد إلى حد كبير على مدى قدرة المرشحين على الاستقطاب، انتقد جوبيه "إفراط" نظيره فيون "بمجاملة" الرئيس الروسى فلاديمير بوتين.
وقال جوبيه فى مقابلة نشرتها الصحف الفرنسية الأربعاء "يجب التحدث إلى روسيا، لكن الحوار يجب أن يكون صريحا. لدى ثلاث حقائق أقولها لها، إن ضم شبه جزيرة القرم مخالف للقانون الدولى. وقد حصل اتفاق فى مينسك لإخراج أوكرانيا من صعوباتها الحالية، وأنتظر من بوتين أن يطلب من أصدقائه تطبيقه بأمانة".
وأضاف جوبيه "فى سوريا، أنا اتفق تماما على أن الأولوية الأولى هى القضاء على تنظيم "داعش" لكننى أنتظر من روسيا حلا للخروج من الأزمة".
وتابع "الحل ليس بالتحالف الروسى الإيرانى الذى يبدو أن فرنسوا فيون يتوقعه. إيران تلعب دورا لزعزعة الاستقرار إلى حد كبير فى اليمن والعراق وسوريا". وأشار إلى أن "حزب الله هو حزب إيرانى لا يزال يهدد إسرائيل"، مشددا على أنه "يجب أن نكون أكثر حزما وأكثر وضوحا مع روسيا".وفى سبتمبر، نصح جوبيه خصمه فيون بعدم المبالغة فى احتساء الفودكا.
ويعتبر فيون، المؤيد لإنهاء العقوبات الاقتصادية على روسيا، أنه "لا يوجد حل آخر" سوى باللجوء إلى الروس والنظام السورى للقضاء على تنظيم "داعش".
وانتقد جوبيه "هروب" روسيا إلى الأمام فى سوريا، مشددا على أنه "لن يكون هناك عودة للسلام فى سوريا مع (الرئيس) بشار الأسد".
ومن ناحية أخرى، اعتبر عدد من المراقبين أن نتائج الانتخابات فى كل من مولودفا وبلغاريا تبعد كلتا الدولتين عن أوروبا، وذلك نظرا لأن الرؤساء الجدد موالين لروسيا.
وأعرب يورى أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، عن رغبته فى تعزيز التعاون مع بلغاريا ومولدوفا فى أعقاب فوز اشتراكيين ومقربين من الكرملين فى الانتخابات الرئاسية، فالأولى أسفرت عن فوز زعيم الحزب الاشتراكى اللواء رومين راديف، والثانية أسفرت عن فوز الاشتراكى إيجور دودون أمام منافسته الموالية للغرب مايا ساندو.