للمرة الثانية تتسبب علاقة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بالكنيسة اللوثرية السويدية فى عاصفة من الجدل بين أنصار الكنيستين، فبعد زيارت البابا للسويد ومشاركته فى الصلاة مع رئيسة أساقفة الكنيسة العام الماضى، استقبل البابا أمس الأول بمقره الباباوى بالكاتدرائية أنجيه جاكلين، رئيس الكنيسة اللوثرية بالسويد والوفد المرافق لها، وسط ترحيب كبير من كورال الكنيسة والبابا شخصيًا الذى دعاها لمأدبة غداء.
وتجدد الخلاف والجدل بين أنصار الكنيستين مرة أخرى بعد استقبال البابا لرئيسة الكنيسة، التى يختلف معها الأقباط الأرثوذكس عقائديًا فى عدة قضايا، أهمها إباحة زواج المثليين كنسيًا وكذلك رسامة المرأة قسيسة وأسقف.
واعتبر مينا أسعد كامل مدرس اللاهوت بالكنيسة القبطية، أن الكنيسة اللوثرية ليست كنيسة مسيحية، مؤكًدا أن المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية أصدر قرارًا مجمعيًا، فى جلسة 26 مايو عام 2007، أعلن فيه توقف الحوار بين الكنائس الشرقية والإنجليكان أو الكنيسة اللوثرية بسبب سيامتهم للمثليين كقساوسة مثل القس (جين رونسن) الشاذ الذى تمت رسامته فى نوفمبر 2003.
وأضاف كامل، أن الحوار مع الكنائس المخالفة يساعد على تقارب وجهات النظر، ولكن يجب أن يخضع هذا الحوار لآليات معينة لا نتخلى فيها عن ثوابتنا، مشيرًا إلى أن عام 2003 شهد أيضًا توقيع بيان مشترك من الكنائس المصرية يرفضون فيه موافقة الكنيسة اللوثرية على زواج الشواذ.
أما البابا تواضروس الثانى، أكد فى حوار سابق نقلته قناة سى تى فى الناطقة باسم الكنيسة، أن العلاقة مع الكنائس الأخرى ومشاركتهم الصلاة لا تتطلب تطابق فى وجهات النظر أو الفكر أو العقيدة، إنما هى محبة فى المسيح، لافتًا إلى وجود خلافات بين كافة الكنائس فى العالم ولكنه يعمل بمحبة كبيرة بين الجميع مضيفًا: "شاركت أيضًا بمجمع أساقفة الكنيسة السويدية الذى يضم سيدات وحضره ملك السويد وألقيت كلمة هناك، والكنيسة السويدية تحيل الأساقفة على المعاش عند عمر الـ60 عاما، وتحيل رئيس مجمع الأساقفة للمعاش عند عمر الـ65 عاما، وهى أمور غير معمول بها فى كنيستنا ولكننا نتواصل مع المختلفين معنا بمحبة وصدر رحب".
والهجوم الذى طال البابا سابقًا أضطر على آثره لتبرير موقفه من الصلاة فى الكنيسة اللوثرية، وقال إن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تعرف بأنها كنيسة رسولية محافظة تقليدية عاشت الإيمان الأرثوذكسى منذ أن دخل مارمرقس مصر، معتبرًا أن التواصل مع كنائس العالم رغم الخلافات العقائدية محبة للمسيح، لأن الكنائس أعضاء فى جسد المسيح الواحد.
وقال البابا تواضروس الثانى، إلى إن الأصوات المزعجة والقلوب المتحجرة لا ترى سوى ذاتها ومن ثم ترفض الحوار بين الكنائس، مضيفًا هناك أصوات عاقلة بدأت تنادى بالقيم المتبادلة بين الكنائس وضرورة الحوار والتواصل والتقارب على مستويات عديدة.
وأوضح البابا، أن التقارب بين الكنائس بدأ منذ سنوات حين دخلت الكنيسة القبطية فى عضوية مجلس الكنائس العالمى، ومجلس كنائس الشرق الأوسط، وانضمت للحوارات اللاهوتية.
واختتم بطريرك الكرازة المرقسية حديثه: "يجب أن تضطلع كنيستنا صاحبة التاريخ القديم بدور مميز فى هذا الصدد، ويجب أن تمد أيديها نحو الجميع بلا تفرقة ولا تمييز وعلى أرضية المحبة للمسيحية، دون الدخول فى تفاصيل خلافات دينية وعقائدية والممارسات الطقسية، بالإضافة إلى افتقاد الكنائس القبطية فى المهجر".