من حق الحكومة فى تقرير مركز معلومات مجلس الوزراء أن تنفى أنباء خصخصة وبيع بعض المرافق والشركات والبنوك خلال الفترة القادمة، ومن حقها أن يتهم الصحف الورقية والمواقع الإخبارية والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعى ، كما يشاء بأنها تثير البلبلة بنشر أخبار لا صحة لها، على حد قوله.
ولكن ليس من حق التقرير أن يتجاهل قرارات جمهورية ووزارية ،واتفاقيات دولية ، أصدرتها الحكومة أو قامت مصر بالتوقيع عليها ، وسوف يحل موعد تنفيذ بنودها ،عام 2018 ، يعنى بعد شهر.
إخفاء الحقائق
فقد حدد تقرير مركز معلومات مجلس الوزراء 6 ملفات أو قضايا أو أخبار ، تم نشرها فى الصحف والمواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعى، ثم رد عليها بكلمات مثل لا صحة لها ولا أساس لها من الصحة، وأخبار تثير البلبلة، وما إلى ذلك.
وسوف نتناول القضايا الـ 6 التى جاءت فى تقرير مركز المعلومات،وهى ( تأثر حصة مصر بعد بيع شركة إيني الإيطالية 10% من حقل ظهر بالبحر المتوسط لشركة بريتش بتروليم "BP" البريطانية ) ثم ( عرض الحكومة شركات المرافق العامة للبيع ضمن عملية الخصخصة ) وكذلك ( تسريح العمالة المصرية بالكويت ) وأيضا ( وقف استيراد عدادات الكهرباء الكودية وارتفاع ثمنها ) ثم قضية ( إلغاء الحجر الزراعي والصحي على واردات السلع الزراعية ) وأخيرا ( وجود نقص في المحاليل الطبية بالمستشفيات الحكومية ) ، وسوف نرفق المستندات التى تؤكد صحة وجهة نظرنا ، علما بأننا ومن خلال ردنا على هذه النقاط لا نهدف سوى الصالح العام وحماية مؤسسات ومقدرات مصر.
اتفاقية الشراكة المصرية الأوربية
نأتى أولا إلى قضية ( عرض الحكومة شركات المرافق العامة للبيع ضمن عملية الخصخصة ) ، وهى القضية التى كتبت فيها وعنها ، وزيرة فى الحكومة ــ ولم تختلقها الصحف ولا المواقع ــ وهى سحر نصر وزيرة التعاون الدولى ، والتى كتبت فى واحدة من أكبر الصحف الأمريكية "وول استريت جورنال "عن هذه الخصخصة ، وإذا كان كلام الوزيرة تمت ترجمته خطأ ، وأن الحكومة لا تنوى ذلك ، فهناك ما هو أدهى وأمر ، حيث تأتى اتفاقية الشراكة المصرية الأوربية ،التى وقّعت عليها مصر فى عام 213 وسوف يتم تنفيذ بنودها فى عام 2018 ، وهذه الاتفاقية بها كوارث وليست بنودا ولا موادا ، ومنها المواد (٢٩) و(٣٠) و(٣٦) و(٦٩) وغيرها من المواد المتصلة بتحرير الخدمات .
وتتضمن الاتفاقية في تفسير موادها، تحويل خدمات مثل الصحة والتعليم والطاقة والمواصلات والاتصالات والبنوك، إلى سلع تجارية تتحدد أسعارها وفقا لقواعد السوق وحسب العرض والطلب، وهو مايؤكد أن الحكومة لن تستطيع بموجب هذه المواد ،تقديم هذه الخدمات، خاصة بعد عام 2018، وهو موعد تطبيق الاتفاقية في مجال الخدمات.
و بموجب الاتفاقية أيضا سيتم خصخصة المستشفيات والجامعات والمدارس ، كما أن المادة (٣٦) تنص على أن الدولة ليس من حقها امتلاك مؤسسة أو شركة عامة بعد خمس سنوات بداية من عام ٢٠١٣، وهو ما يؤكد على استمرار برنامج الخصخصة.
قرار وزارى بتولى شركة SGS فحص القمح المستورد
نأتى إلى القضية الثانية وهى ( إلغاء الحجر الزراعي والصحي على واردات السلع الزراعية ) وخاصة القمح والذرة وفول الصويا وغيرها، والتى نفى رئيس الوزراء صحة أنبائها، والرد على ذلك لا يحتاج من المهندش شريف إسماعيل أن يتواصل مع وزارة الزراعة ولا أن يتصل بمركز معلومات مجلس الوزراء ، بل مطلوب منه فقط أن يجلس دقيقة واحدة ويتذكر أنه منذ شهرين ،كان قد أصدر قرارا بتولى شركة SGS السويسرية لعمليات فحص القمح المستورد ، وهو القرار الذى أثار أعضاء مجلس النواب فى ذلك الوقت، واستنكروا أن تتولى شركة أجنبية فحص القمح ، بينما يتم استبعاد المؤسسات والهيئات المصرية.
وإذا كانت مصر تستورد سنويا ما يقرب من 11 مليون طنا من القمح، ويتم استيراد هذه الكميات من القطاعين الحكومى و الخاص، فلنا أن نتخيل ما تدفعه مصر سنويا لهذه الشركة من آلاف وملايين الدولارات،بعد استبعاد الحجر الزراعى من الفحص،كما يمكن أن نتخيل عدد الدول، التى تستورد منها مصر القمح والتى تتجاوز 11 دولة أهمها روسيا وأوكرانيا وفرنسا ورومانيا.
نقص المحاليل الطبية بالمستشفيات الحكومية
وفى المقام الثالث ، تأتى قضية ( وجود نقص في المحاليل الطبية بالمستشفيات الحكومية )، وهى القضية التى تحدث عنها التقرير ،ونفاها جملة وتفصيلا،بعد متابعته واتصالاته بمركز المعلومات ووزارة الصحة،وأنا اتعجب من الرد الذى كانت إجابته على هذه الملفات الـ 6 الخطيرة بقوله " بعد التواصل مع مركز المعلومات ، وبعد اتصاله بالوزارة" ، علما بإن هناك قضايا وملفات وإجابات لا تحتاج إلى مركز المعلومات ولا التواصل معه ، بل يأتى الرد عليها من خلال الواقع ، والواقع يؤكد أن المستشفيات الحكومية ، ماهى إلا مبانى وأطباء بلا خدمات حكومية،ومن المعروف والمشهور والبديهى أن كل من يدخل المستشفيات الحكومية عليه إحضار الشاش والقطن والسرنجات وكل مايلزم لعلاج المريض، وعلى رئيس الوزراء بدلا من أن يتواصل مع مركز المعلومات ويستقى معلوماته منه فقط ، عليه أن يتجول ويزور هذه المستشفيات حتى يشاهدها على أرض الواقع بعيدا عن تقارير المراكز والوزارات المعنية.
ارتفاع أسعار عدادات الكهرباء الكودية والذكية
من القضايا التى تحدث عنها التقرير أيضا ونفاها جملة وتفصيلا ، الأنباء التى ترددت عن وقف وزارة الكهرباء استيراد العدادات الكودية والذكية ،بعد قرار تعويم الجنيه المصري، وارتفاع قيمة العداد الواحد بالجنيه المصري نتيجة للخامات المستخدمة في التصنيع،وللرد على ذلك نسأل المهندس شريف إسماعيل سؤالا بسيطا وسهلا ..هل الأسعار الجديدة التى سيتم تسليم العدادات بموجبها هى نفس أسعار العام الماضى؟؟
يا سادة ، من البديهى جدا أن الأسعار قبل تعويم الجنيه تختلف عن الأسعار بعد التعويم، وبعد وقف الاستيراد كذلك ..ولتقريب الحكاية على حضرتك مادمت غير ملم بالسوق ،فسوف أسوق لك هذا المثال حتى تتضح الأمور، نزلت أمس للتسوق وسألت عن نوع معين من الزبده لاستخدامها فى الطعام ،فسألت عن سعر الكيلو فكانت الإجابة بـ 30 جنيها ، وفى محل آخر وجدتها بـ 29 جنيها، فأردت التأكد من سعرها أكثر ،فكانت الإجابة أن الكيلو منها كان سعره 19 جنيها منذ 20 يوما فقط ، ومنذ فترة شهر قبل هذا السعر كان الكيلو بـ 17 جنيها ، قبل تعويم الجنيه ووقف الاستيراد.
فإذا كان سعر كيلو الزبده، قد ارتفع من 19 إلى 30 أو 29 جنيها ،ونوع آخر ارتفع سعره من 40 إلى 64 جنيها ،فما بالك بعدادات الكهرباء التى سيتم تصنيعها ،فى ظل هذا الارتفاع الجنونى فى الأسعار؟؟