فى الوقت الذى تعانى فيه صناعة الدواجن من الأزمات التى تكاد تعصف بها ،وتحتاج إلى من يخفف عنها ويواسيها ،بل ويدعمها فى مواجهة ارتفاع أسعار الأعلاف ، و تصاعد أسعار الوقود والكهرباء والنقل، ثم قدوم الشتاء والخشية من انتشار الأمراض بهذا القطاع الهام والحيوى ،الذى يوفر البروتين الأبيض للفقراء والطبقات الوسطى والكادحة ،التى لا تتحمل ميزانياتها اليومية والشهرية شراء اللحوم الحمراء.
فى هذا الوقت ،وبدلا من أن تساند الحكومة هذه الصناعة المستقرة بدعم الأعلاف من ذرة صفراء وفول صويا ، و دعم مزارعى هذين المحصولين لصالح الثروة الداجنة والحيوانية والسمكية ، حتى تستمر هذه الصناعة فى وصولنا لدرجة الاكتفاء الذاتى من بيض المائدة ، وتوفير ما يزيد عن 12 مليار بيضة، وأكثر من مليار دجاجة سنوياً ، إذا بالحكومة تصدر قرارا وزاريا ــ أقل مايقال عنه ــ أنه قرار أهوج ، بإعفاء كميات الدواجن المستوردة من الخارج فى الفترة من 10 –11 - 2016 وحتى 31 – 5 – 2017 من الجمارك ، وهذا القرار سيقضى على صناعة الدواجن نهائيا ، وسيعيدنا مرة أخرى إلى المربع صفر ، وسيدمر أيضا أكثر من 40 ألف مزرعة ، والعودة لاستيراد الفراخ المجمدة مرة أخرى ، وشيئا فشيئا سوف نصل لأيام توفيق عبد الحى واستيراد الطيور الجارحة والفراخ الفاسدة، ويتكالب علينا المستوردون والشركات لتصدير نفايات أوربا وآسيا من الدواجن المجمدة إلينا.
60 مليار جنيه استثمارات
الدكتور نبيل درويش رئيس الاتحاد العام لمنتجى الدواجن ،لخص هذا الوضع وأكد أن هذا القرار سيؤدى إلى تدمير صناعة الدواجن تماما ،لو استمر العمل به خلال الـ 7 أشهر القادمة ، وهى مدة سريانه ، وسوف يعيد هذه الصناعة إلى نقطة الصفر، بعد تحقيقها اكتفاء ذاتياً بلغ 90% من اللحوم و100% من البيض، وقال درويش إن اتحاد الدواجن عرض على الحكومة تلبية طلبها للسوق المحلى بسعر أقل من المستورد من خلال بروتوكول تعاون مع وزارة التموين، وحذر أن صناعة الدواجن يعمل بها أكثر من 3 ملايين عامل خلفهم حوالى 10 مليون من الأسر ،باستثمارات تزيد عن 60 مليار جنيه، ولا تتلقى دعما حكوميا بالرغم من استيراد كافة مستلزمات الإنتاج بالعملة الصعبة.
وتابع رئيس اتحاد منتجى الدواجن، أن القرار الخاص بوضع تعريفة جمركية تصل إلى 30% هو الغطاء الذى ساهم فى نهضة صناعة الدواجن ،خلال العشرة أعوام الماضية بعد كارثة عام 2006
دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء
من ناحيته ،أقام سمير صبرى المحامى، دعوى مستعجلة أمام محكمة القضاء الإدارى لوقف وإلغاء قرار إعفاء الدواجن المجمدة من الرسوم الجمركية، واختصمت الدعوى رئيس مجلس الوزراء بصفته.
وأشارت الدعوى التى حملت رقم 13170 لسنة 71 ق ، إلى أن مجلس الوزراء وجه ضربة قاضية للثروة الداجنة، بإصدار هذا القرار.
فقدان الحنكة السياسية
وفى تلخيص لمأساة أصحاب المزارع الداجنة ،تجاه هذا القرار ،قال الدكتور سعيد زايد طبيب بيطرى وصاحب مزرعة ،إنه لايجوز بحكم الدستور أن يلغى رئيس الوزراء أو يضيف لموارد الدولة أى شىء إلا بعد موافقة البرلمان ، كما أن القرار يعوزه الفهم والكياسة والحنكة السياسية ، لأنه لم يستشر أحدا من أهل الاختصاص فى ذلك ،فضلا عن أنه لم يراع أو يسأل عن الآثار المترتبة على ذلك ، وكذلك يُعد القرار ضرب لسياسة المؤسسات ، إذ أن فكرته مبنية على تقارير خاطئة ، بأن الإنتاج الداجنى سيقل وستكون هناك أزمة ، وتفاديا لها قبل حدوثها ، يتخذ رئيس الوزراء قرارا لتسهيل وجود مخزون من الفراخ بدون البحث عن أو الإجابة عن السؤال .. لماذا سيقل الإنتاج؟؟
وبدلا من المناقشة وإيجاد الحلول والبحث ، إذا به يركن لأقرب حل ويستورد من الخارج ، دون أن يدرك أنه بذلك يضرب صناعة الدواجن فى مقتل ، ويزيد همومها ومصاعبها هما جديدا ، لماذا؟؟
لأن المستورد لن يكون أرخص فى ظل سعر الدولار الحالى إلا إذا كان نفايات ، و ثانيا يتهرب من حل مشكلة نقص الإنتاج والسبب فيها ارتفاع أسعار الإعلاف بشكل كبير ،كما سيتوق المربون عن الإنتاج و تحدث ندرة شديدة جدا فى الفراخ ، ويستورد أكثر وأكثر ، ويدخل السوق مستوردون جدد على أنقاض صناعة الدواجن، ويظهر فى ذات الوقت حشد كبير من البطالة ، ومنتظرو السجون نتيجة للديون الواجبة السداد .
هنا تقع المسؤلية السياسية على رئيس الوزراء ــ كما يقول الدكتور سعيد ــ وكذلك على مجلس النواب الذى يجب أن يصعد الأمر ويسعى لوزير المالية الذى أتخذ قرار إلغاء الجمارك ورئيس الوزراء لشرح الموقف واتخاذ القرار المناسب بعد الفهم لكل أبعاد القرار وتبعاته ، ثم بعد ذلك نسأل ماهو الحل؟؟
الحل هو أن يتدخل الجيش بإمكانيات وبعض البنوك فى تمويل وشراء مستلزمات الانتاج للدواجن من ذرة وصويا ليس بهدف الربح ولكن لكسر ارتفاع الأسعار حتى تقل تكلفة المنتج النهائي، مطلوب أيضا التوسع وبسرعة فى إعطاء المستثمرين أراضى وزراعتها بالذرة الصفراء وفول الصويا ،والتعاقد على الشراء بسعر مجزى ، وتكون المساحات كبيرة للمستثمرين الكبار ، مطلوب كذلك مساعدة ودعم صناعة الدواجن وتشكيل هيئة تكون مسؤلة عن هذه الصناعة ، بدلا من ضياعها بين وزير زراعة لايعرف شيئا عنها ، ووزير صناعة لاعلاقة له بها ، ووزير استثمار ليست من أولوياته ، و اتحاد منتجى دواجن كله من كبار السن ، والبقاء لله فى الدواجن.