أنور الرفاعى يكتب: "الجيش المصرى" قصة بطولة لن تنتهى.. وقطر دويلة محتلة باع حكامها وطنهم من أجل السلطة.. ونفوس تلاميذهم ملئت حقدا على مصر بعد القضاء على المشروع الإخوانى الخبيث

فى أوائل تسعينيات القرن الماضى كنا فى انتظار نتيجة ليسانس الحقوق، والتى التحقت إليها باعتبار أن القانون هو دراسة العظماء الذين أثروا الحياة القانونية والسياسية، وشكلوا نهضة تنويرية مازالت حتى اليوم صداها ينغرس فى دواليب الفكر المصرى والعربى قيما عليا تمثل الأساس الذى مازالت حتى اليوم تحن إليها وتمتلئ بها كتب التاريخ ومواقف النضال.. أتوق لليوم الذى أجلس فيه على منصة القضاء قاضيا بعلم تعلمناه، وفقه قانونى درسناه، وأمانة ذرعها فينا والدى المرحوم عبد العزيز الرفاعى، الذى كان فى العدل والأمانة والمصداقية والنزاهة حجة. وأنا على حالة الرغبة هذه، والأمانى تلك إذا بخبر النتيجة يأتينى، فهرولت إلى الجامعة لأجد زملائى يهرولون صوب الأوراق المعلقة معلنة النتائج.. اقتربت ناحية النتيجة وقدماى بهما ثقل كبير حتى لمحت اسم "الرفاعى"، وحدقت فرمقت اسم والدى "عبد العزيز"، وأقحمت عينى فى الأوراق الملصقة فوجدت اسم "أنور"، وكأننى أعيش الفضيلة التى ورثناها تبدأ بجدى وتنتهى بى، فقفزت فى الهواء لأن بعضا من آمالى قد تحقق بالحصول على مفردات الالتحاق بالنيابة ومن ثم القضاء. عدت إلى قريتى "الكمايشة" مركز تلا بمحافظة المنوفية، فأقام أهلى وأبناء قريتى الأفراح والولائم احتفالا بـ"القاضى" القادم إلى الآفاق.. وبدأت أستعد لمرحلة هى الأهم فى حياتى من حيث القيمة والأهمية.. حملت أوراقى إلى قسم الشرطة للاستعداد للالتحاق بالجيش المصرى حيث الواجب الوطنى، وبعد إجراءات ليست طويلة حصلت على لقب "جندى"، والجندية فى عرف قريتى كغيرها من قرى مصر هى الرجولة والوطنية.. فى اليوم الأول اصطففنا تمتلئ صدورنا بالفخار، وكان هذا اليوم الأول فى حياتى الذى أعرف فيه معنى الاصطفاف.. ووقف ضابط برتبة "عميد" يتحدث إلينا بصوت عال جهورى، وكان صوته يدخل إلى خلايا أجسادنا وشرايين دمائنا ويقول لنا"أيها الجنود.. أنتم أمل هذه الأمة، وأسباب قوتها، وقد وضعت فيكم مصر إرادتها وقرارها فكونوا عند حدود تلك الإرادة.. أيها الجنود.. إن حياة الجندية أهم مواصفاتها هى الجدية والالتزام والضمير، ولابد أن تعرقوا فى التدريبات لتوفروا الدم فى المعركة".. كانت كل كلمة يقولها تخترق عقلى وتطلق رصاصة الرحمة على حياة عدم الانضباط التى عشناها فى الجامعة وما قبل الجامعة.. ويضيف "أن آباءكم وأجدادكم دافعوا عن هذه الأرض، فمنهم من استشهد، ومنهم من عاد منتصرا يفخر بوطنيته، وأنتم اليوم تحملون الراية وتستكملون المسيرة، فالأرض أرضنا، والشرف شرفنا جميعا، والتاريخ أنتم الذين تصنعونه".. عباراته الساخنة والقوية تسرى داخلنا فتصيبنا بقشعريرة الرهبة والمهابة.. وأضاف: "نحن هنا جنود لهذا الوطن فلا يوجد مسلم أو مسيحى، ولا سياسة فى الجندية" .. وهنا فقط أدركت معنى الجيش الوطنى الذى بقى بعيدا عن السياسة وتجاذباتها. ومرت الأيام سريعة متعاقبة حتى قضيت نحو عام ويزيد قليلا، تعلمت فى هذه المرحلة ما أصلب ظهرى، وأقام عودى حتى اليوم، أنهيت خدمتى فى "الجيش المصرى" فتعلمت معنى الوطنية والنضال من أجل الوطن، والموت عشقا فى أرض فيها رائحة أجدادى، تعلمت كيف يعيش الذهن حالة الصفاء، والقلب حالة النقاء، والعقل قوة العزيمة، والجسد قوة الشكيمة.. تعلمت معنى الحفاظ على أمن الوطن القومى، ولذلك فاسمحوا لى أننى لن أكتب كل ما عندى فى هذا الصدد عهدا قطعته مع جيش بلادى ألا أذيع أسرار عسكريتى حرصا على معلومات وسلامة بلادى. وفى ظل حالة التوهج الوطنى الذى يعيشه شباب مصر إذا بقناة "الجزيرة" تنتج فيلما ركيكا عن الجيش المصرى باسم "العساكر" لتطلق قذائفها الميتة لمحاولة تأليب الشعب على جيشه دون أن يدركوا أن جيش مصر هو جيش الشعب المصرى، وأن هناك علاقة سرية من نوع خاص تربط الشعب بجيشه، فالشعب هو المكون الوحيد للجيش المصرى. قناة "الجزيرة" وملاكها وأصحاب القرار فيها من أمريكا إلى إسرائيل حتى أيتامهما وأراملهما فى الدوحة، تحتقن قلوبهم ونفوسهم وتمتلئ سموما ضد مصر منذ اللحظة التى رمى فيها شعب مصر وجيشها العظيم أطفالهم من الاخوان ومشروعهم الخبيث فى السجون أو هربا شرقا وغربا، منذ هذه اللحظة وقد ناصبوا كل مصرى وكل ما ينتمى لمصر العداء، رغم أن الشعب المصرى لا يهتم بالدوحة ومن فى الدوحة لأن قرار الدوحة ليس فى الدوحة، ولكنه تحت قبعات المارينز الموجودين فى قطر، يفضون بكارة استقلالها الوطنى.. فهى الدولة العربية الثانية غير المستقلة حتى الآن وتقع تحت الاحتلال الأمريكى بعد فلسطين العربية، ولكن البون شاسع فى الحالتين لأن فلسطين تحتلها إسرائيل رغما عن أهلها، وأمريكا وإسرائيل تحتلان قطر برعاية "المسند وآل ثانى" هؤلاء الذين باعوا أوطانهم من أجل السلطة . وأنا أعيش تلك الحالة حتى جاءنى صديق عاش فى الدوحة فترة ليست قصيرة وعندما أدرك ما فى نفسى من مرارة قالى لى: هون عليك فإن قطر ليست دولة بالمفهوم الدولى، فالقرار ليس قرارها، ويأخذون أوامرهم من أسيادهم فى واشنطن وتل أبيب، والمارينز الأمريكى هو الذى يحمى حكامهم من غضب القطريين الذين لا حول لهم ولا قوة. وهنا أدركت أن الكبير دوما كبيرا فى سلوكه وتصرفاته، و"الجزيرة الملعونة" وتلاميذ الحكم فى قطر يحاولون أن يصوروا أنفسهم أندادا للكبيرة مصر، لذلك فإننا نرى مصر الأكبر والأعظم تاريخا وجغرافيا لا ترى تصرفات الصغار ولا عبثهم أو صبيانيتهم.. وأن الشعب والجيش لحمة واحدة لا ينفصلان مهما حاول المغرضون والخبثاء وأصحاب الضمائر الميتة.. وأن الذين يعيشون حياتهم فى حماية المرتزقة مثل تجار المخدرات فى دول أمريكا اللاتينية، هم لا يعرفون معنى الجيوش الوطنية التى ينبرى فيها جنودها أبناء الوطن دفاعا عن حريتها واستقلالها وقرارها. وسيبقى الجيش المصرى العظيم على ألسنة المصريين أغنية عشق، وفى قلوبهم موسيقى وطنية، وعلى رؤوسهم تيجان الفخر بجيش هو الأكثر الوطنية والأكثر عروبية، ولن يتخلى يوما - رغم تصرفات الصغار- عن حماية العرب، وستبقى عبارة الرئيس عبد الفتاح السيسى "مسافة السكة" هو العنوان الأصيل لرواية الجيش المصرى، وستعيش أسطورة هذا الجيش العظيم فى عقولنا، وقلوبنا، وقلوب أحفادنا، وأجيالنا جيلا بعد جيل قصة لا تنتهى، فالمنتهى يوم القيامة للورى.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;