جاءت دعوة أحمد الريسونى، نائب رئيس اتحاد علماء المسلمين، الذى يتزعمه يوسف القرضاوى، للإخوان بمراجعة شعاراتها ووقف الأخذ بتراث مؤسس الجماعة حسن البنا، ليعيد إحياء فكرة المراجعات التى دعا لها قيادات بالجماعة فى وقت سابق كان على رأسهم كل من عصام تليمة، مدير مكتب يوسف القرضاوى السابق وعمرو دراج، رئيس المكتب السياسى للجماعة فى الخارج، وجمال حشمت، عضو مجلس شورى الجماعة، حيث انطلقت تلك الدعوات منذ عام، وتوقفت مع اشتعال الأزمة الداخلية، ليعود بعد عام ويدعو الريسونى الجماعة لبدء المراجعات.
حشمت ودراج، تزعما دعوات فصل العمل السياسى عن الدعوى، وهى الدعوة التى أثارت جدلاً واسعًا داخل الإخوان، وفى النهاية خرج إبراهيم منير أمين التنظيم الدولى للجماعة ليعلن رفضها.
عصام تليمة من ناحيته تزعم دعوات مراجعة أخطاء التنظيم، ومحاسبة القيادات الكبرى التى تسببت فى الأزمة الحالية للجماعة، إلا أن دعوته قابلها هجوم عنيف من جانب قيادات الإخوان، ليبقى السؤال هل سيشهد مصير دعوات الريسونى بالمراجعة نفس مصير دعوات سابقية؟
الدكتور كمال حبيب، الخبير فى شئون الحركات الإسلامية، قال إن رسالة أحمد الريسونى نائب رئيس اتحاد علماء المسلمين، للإخوان حول ضرورة المراجعات والتوقف عن الأخذ بتراثحسن البنا رسالة قاسية ومفاجئة، متابعًا: "من الواضح أن الآمال التى كانت معقودة على الإخوان فى الوصول إلى نتيجة مع السلطة فى مصر قد تحطمت".
وأضاف حبيب، فى تصريح لـ"انفراد": "الريسونى كان قد وقع مع مجموعة من العلماء الموالين للإخوان على بيان نداء الكنانة، - الذى دعا للعنف - وهو شىء مثير للالتفات، وكان بيان نداء الكنانة تحولاً كبيرًا فى موقف الجماعة من الإصلاحية إلى الثورية، وخروجها من الإصلاحية الفكرية إلى السلفية الجهادية أو قريبًا منها، بيد إن الإخفاقات التى واجهت خطط الجماعة فى تحقيق ما دعت إليه من إسقاط النظام السياسى المصرى جعل أمثال الريسونى يتحدثون عما يشعرون، خاصة أن الريسونى ليس إخوانيًا بالمعنى التنظيمى وكان توقيعه فيما يبدو مجاملة أو انسياقًا لإلحاح عليه من قبل من تبنوا التوقيع على البيان .
واستطرد حبيب: "يقول الريسونى بشكل واضح ضرورة التحرر الإخوانى من فكر حسن البنا، والانفتاح على العصر والعالم والواقع، كما يشير الريسونى إلى تحول الجماعة إلى مذهب وأن هناك مشكلة بنيوية تجعل الجماعة عاجزة عن التحرر من أفكار الآباء المؤسسين، بدليل أن كل الأفكار الإصلاحية داخلها إما قمعت أو خرج حاملوها منبوذين خارج الجماعة .
وتابع الخبير فى شئون الحركات الإسلامية: "لا أظن أن الظروف مهيأة لعمل مراجعات داخل الجماعة اليوم، لأن الجماعةواقعة تحت ظروف عصبية كبيرة، كما أن المراجعات تحتاج لشجاعة أدبية وتفرغ لإنجاز مشروع المراجعات، وإعلانه، وهذه الظروف غير مهيأة للجماعة الآن، أقصى ما تسعى الجماعة إليه هو محاولة جس النبض لتحقيق مصالحة مع النظام السياسى، فالجماعة ليس لديها مشروع فكرى للمراجعة، وكانت تحيل على كتب القريبين منها مثل محمد عمارة وطارق البشرى وفهمى هويدى ورفيق حبيب بعد 30 يونيو، والجماعات المغاضبة المفتوحة على ضغوط عصيبة ممن ينتمون إليها ومن الدولة التى تواجهها لا تستطيع المراجعة، ربما يكون ناقوس الريسونى التفاتًا لضرورة المراجعة، ولكنه لن يحدث فرق فى هذه المسألة.
من جانبه أكد طارق البشبيشى، القيادى المنشق عن جماعة الإخوان، إن هناك مراجعات حقيقية قامت بها تيارات ما يسمى الإسلام السياسى خاصة الإخوان فى المغرب العربى، نظرًا لاحتكاكهم وقربهم من الثقافة الأوروبية وأصبحوا أكثر قربًا من العلمانية الأوروبية، موضحًا أن الإخوان فى دول المغرب العربى يضغطون على الجماعة بمصر لعمل تلك المراجعات.
وأضاف البشبيشى لـ"انفراد"، أن إخوان المغرب كانوا على خلاف فكرى حقيقى مع إخوان مصر الأكثر تشددًا وثباتًا على أفكار حسن البنا، فهم يعتبرون أنهم الأصل والإخوان فى الخارج عبارة عن فروع لهذا الأصل فهم بلد منشأ التنظيم.
وكشف البشبيشى، أن حديث بعض قيادات التنظيم الدولى للإخوان الآن حول تغيير شعار الجماعة المتمثل فى السيفين والمصحفكان يقال داخل أروقة التنظيم الدولى وكان الإخوان فى مصر يتباهون بقوة التنظيم عندهم، وأنهم تيار شعبى كبير وسيتم التمكين لهم وسينطلق مشروعهم بعد مصر فى المنطقة بأكملها وأن ما يقوم به الإخوان فى المغرب العربى وتونس وتركيا هو انحراف عن منهج وفكر حسن البنا الأصيل.
وتابع: "الآن بعد فشل تجربة الإخوان فى مصر أصبحت النصائح علنية من رموز الإخوان خارج مصر، وهؤلاء يعتقدون أن الفرصة سانحة الآن لمراجعة التنظيم فى مصر لكثير من الأفكار التى ثبت فشلها واقعيًا، ومنها بالطبع أفكار مؤسس التنظيم حسن البنا والشعار الذى دشنوه ليعبر عن أفكارهم، والتى يعتبره إخوان المغرب شعارًا يحض على العنف، متوقعًا أن تزداد وتيرة هذه النصائح والانتقادات فى الفترة المقبلة كنوع من الإنقاذ للتنظيم فى مصر".