تجد الحكومة البريطانية نفسها فى وضع لا تحسد عليه، إذ بدأ اليوم النظر فى طعنها على حكم محكمة باشتراط موافقة البرلمان على خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبى، وحذر سياسيون محافظون رئيسة الوزراء تيريزا ماى وحزبها من خسارة الانتخابات العامة القادمة إذا استمرت الحكومة فى عدم وضوحها بخصوص عملية الخروج، كما تتكشف اختلافات فى وجهات النظر بين المسؤولين فى الحكومة بصدد تفاصيل فك الارتباط بالمؤسسة الأوروبية.
وبادر النائب العام بإرسال خطاب لقضاة أرفع محكمة بريطانية يحذرهم فيه من اتخاذ قرار سياسى فى القضية ويحثهم على الالتزام بالشق القانونى فى قرارهم المنتظر إصداره فى يناير المقبل، بحسب صحيفة الإندبندنت.
وأوضح النائب العام جيريمى رايت إن البريطانيين صوتوا فى استفتاء يونيو على أساس أن للحكومة الحق فى الإبقاء على أحد مزايا الاتحاد الأوروبى أو التنازل عن أحدها، مؤكدا أن اشتراط موافقة البرلمان يجعله يتحكم فى "الإدارة التفصيلية" للعملية، أى الموافقة المسبقة على تفاصيل مفاوضات الخروج.
ويعد الحكم المصيرى للحكومة هو آخر خطوة قانونية فى القضية التى أثارت الرأى العام ضد القضاء البريطانى الذى اُتهم بالعمل ضد إرادة الشعب.
ومن ناحية أخرى، حذر برلمانيون ووزراء سابقون تابعون لحزب المحافظين من الفوز الأخير والكبير لحزب الديموقراطيين الأحرار فى دائرة ريتشموند بارك الأسبوع الماضى، إذ أزاحت عضوته سارة أونلى النائب المحافظ زاك جولدسميث عن مقعده فى حزب العموم بعدما صوت لها ناخبون يحسبون على الحزب المحافظ.
وأعلن رئيس حزب الديموقراطيين الأحرار تيم فارون إنه الآن يستهدف العشرات من مقاعد المحافظين داخل مجلس العموم.
ناخبون محافظون ولكن
ودعا النواب المحافظون دومينيك جريف ونيل كارميشال وبن هاولت ووزير الخارجية السابق أليستر برت ووزيرة النقل السابق كلير بيرى، وكلاهما محافظان، إلى الانتباه إلى أنه هناك ناخبين محافظين صوتوا للخروج من الاتحاد الأوروبى ولكنهم يظلوا وسطيين وسوف يصوتون لحزب الديموقراطيين الأحرار إذا ما انساق الحزب وراء حزب استقلال بريطانيا اليمينى فى استهداف خروج شامل من الاتحاد الأوروبى ومؤسساته، وإذا ما أصر على عدم وضوح الرؤية فيما يخص المفاوضات.
وقال السياسيون المذكورون فى مقال لصحيفة ذى أوبزرفر:"فضلا عن أهمية إيضاح أن الحكومة سوف تسير فى مسارها الخاص ولن يُدفع بها إلى الزاوية من قبل أولئك الذين يدعمون خروج شامل فقط، فعليها اتخاذ قرار بنشر أهدافها العليا فى المفاوضات، ولن يضفى هذا بعض اليقين إلى المسألة وحسب ولكن من المرجح أن يوحى بلهجة معينة ستكون موضع ترحيب من قبل مجموعة رئيسية من مؤيديها. إن الغالية العظمى من الناخبين المحافظين سوف يتحدون وراء رئيسة الوزراء ويثقون بها لتقديم أفضل عملية بالإمكان للخروج من الاتحاد الأوروبى".
اختلافات داخل الحكومة
أما أراء أعضاء الحكومة البريطانية بخصوص المفاوضات، فبعد أن عبر وزير الخزانة البريطانى فيليب هاموند ووزير الدولة للخروج من الاتحاد الأوروبى ديفيد ديفيز عن ترحيبهما بفكرة دفع المال مقابل البقاء فى السوق الأوروبية الموحدة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبى، وصف وزير الخارجية بوريس جونسون الاقتراح "بالتكهنات" فى حوار له معBBC Oneأمس الأحد.
وقال جونسون، والذى كان من أحد المؤيدين للخروج من الاتحاد قبل استفتاء يونيو: "من الواضح إنه شيء يدرسه ديفيد ديفيز، ولكن هذا لا يعنى إنه تم اتخاذ قرار... أنا أعتقد إنه بسبب الخروج من الاتحاد الأوروبى، سوف نتمكن من أن نستعد التحكم فى المال الذى نعطيه حاليا لبروكسل... إن الشيء الحاسم الذى علينا فهمه هو عودة مبالغ طائلة من المال لهذا البلد، وسوف يمكن إنفاقها على أولويات كهيئة الخدمات الصحية الوطنية"، حسبما نقلت الإندبندنت عن الحوار.
أما فيما يخص الهجرة، كشفت صحيفة الجارديان الأربعاء الماضى، إن ماى تؤيد حرية الحركة فى مفاوضات الخروج مع الاتحاد الأوروبى بالنسبة للمواطنين الأوروبيين لقضاء عطلة فى بريطانيا أو للدراسة أو للزواج، لكن بنظام تأشيرة قوى لمن يود العمل. ولكن لا تفضل ماى أو وزيرة داخليتها أمبر رد مقترح وزراء فى حكومتها بتسطير قانون يسمح كبح دخول غير البريطانيين للبلاد إذا أصبحت نسبة الهجرة "غير مقبولة".
كما يفضل الوزراء البريطانيون فرض نفس القوانين على كل العمالة الأوروبية رغم دعوات بعض السياسيين ورجال الأعمال لإعطاء حرية الحركة للعمالة الماهرة والمؤهلة منها، طبقًا للصحيفة.
وتتعرض الحكومة للضغط داخليا وخارجيا للكشف عن خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبى وما إذا كانت تنوى الاحتفاظ بعضوية السوق الموحدة، وهو الأمر الذى صرح عدد من قادة الاتحاد إنه لن يكون ممكنا إذا أصرت بريطانيا على الحد من الهجرة إلى داخل أراضيها.
كما تم تسريب معلومات للصحافة البريطانية بأن الحكومة لا تمتلك خطة محددة للخروج من الاتحاد أو أهداف معينة أثناء المفاوضات، بالإضافة لاختلاف أراء المسؤولين عن الملف.