من المناظرات الانتخابية، إلى الوقوف على أعتاب تسلم مهامه الرسمية تخلى الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب فى طريقه إلى البيت الأبيض عن العديد من الوعود التى قطعها أمام أنصاره، وتراجع عن الكثير من التهديدات التى أطلقها ضد خصومه ومنافسيه، وفى مقدمتهم غريمته فى السباق الانتخابى الديمقراطية هيلارى كلينتون.
وأمام اهتمام وسائل الإعلام الأمريكية بـ«الوعود الزائفة» التى أطلقها ترامب ثم بدأ فى التراجع عنها فور فوزه، قال الرئيس المنتخب رداً على اتهامه بالتنصل من وعده ببناء جدار كامل على الحدود بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك لمنع الهجرة غير الشرعية، قال: «بلى.. سوف نبنى جدارا عظيما».
وفى تصريحات لشبكة «فوكس نيوز» قال ترامب خلال وجوده فى ولاية أوهايو رداً على سؤال حول تصريحاته بأن الجدار المزمع بناؤه بين الدولتين لن يكون جداراً بشكل كامل، ولكن سيتخلله سياج: «هناك أماكن لا نحتاج أن نبنى بها جدارًا، لأنها تضم جبالًا أو أنهارًا واسعة، ولكننا سنبنى جدارا حقيقيا لنمنع عبور المخدرات وسنسمح للأشخاص أن يعبروا ولكن بشكل شرعى.. وسنوقف ما يحدث فى بلدنا لأنه سيئ»، مؤكدًا أنه لم يتراجع عن وعده الذى كان أحد أركان حملته الانتخابية للوصول إلى البيت الأبيض.
وكان ترامب قال خلال حملته الانتخابية، إنه يعتزم بناء جدار «كبير وجميل»، على حد تعبيره، بطول حدود الدولتين التى تمتد على مسافة 3,200 كم ويمر بولايتى كاليفورنيا وتكساس، مشيرًا إلى أن المسكيك سوف تشارك فى تكلفة الجدار، فيما أكد الرئيس المكسيكى «إنريكيه بينيا نييتو» على أن بلاده لن تتحملها.
ولا يعتبر الجدار الحدودى، هو الاتهام الأول الذى تم توجيهه إلى ترامب بالتراجع عن مواقفه، حيث سبق له التراجع بالفعل عن التهديد بمحاكمة منافسته الديمقراطية هيلارى كلينتون، وتعثر التحقيقات التى تمت فى أزمة تسريبات البريد الإلكترونى الخاصة بها، حسبما أكدت مساعدته السابقة «كيليان كونواى».
وقالت «كونواى»، فى تصريحات صحفية فى برنامج صباحى على MSNBC، أن ترامب قال لها قبل تنصيبه إنه لا يرغب فى متابعة الاتهامات. على الرغم من أنه تعهد فى وقت سابق بحبس كلينتون بسبب استخدامها «سيرفر» خاص لتبادل رسائل إلكترونية سرية أثناء خدمتها كوزيرة خارجية.
وفور فوزه، قال ترامب فى حوار تليفزيونى مع قناة «CBS»، أن التحقيق مع كلينتون «ليس ضمن قائمة أولوياته».
وبخلاف محاكمة كلينتون، وأزمة الجدار الحدودى، تراجع الرئيس المنتخب أيضاً عن وعده بإلغاء برنامج الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما للتأمين الصحى، المعروف بـ«أوباما كير»، حيث اكتفى فور اللقاء الذى جمعه بـ«أوباما» فى البيت الأبيض، الذى استمر لمدة 90 دقيقة، بالتأكيد على أنه يعتزم تعديل البرنامج بدلاً من إلغائه.
بدورها، رصدت صحيفة الإندبندنت البريطانية فى تقرير مطول 282 وعداً قطعها ترامب على نفسه خلال جملته الانتخابية، ولكن التصريحات المتذبذبة للرئيس المنتخب حول بعضها قد يثير تساؤلات حول جديته فى تنفيذ بعض الوعود المثيرة للجدل بين القائمة، مثل منع المسلمين من دخول أمريكا وترحيل آلاف المهاجرين غير الشرعيين خلال أول ساعة من توليه المنصب.
ويؤكد مراقبون أن قرارات ترامب من الصعب التنبؤ بها، ولكن ما هو مؤكد حتى الآن أن الترحيلات ومنع المسلمين من دخول أمريكا، ليست من أولويات خطة الـ100 يوم التى وعد بها، إذ ركزت الخطة على الشق الاقتصادى والتعهد بخلق فرص عمل والتفاوض بشأن الاتفاقات التجارية، وإنهاء القيود المفروضة على إنتاج الطاقة، وفرض حظر على موظفيه من العمل لصالح جماعات ضغط أجنبية مدى الحياة.
وبرغم تراجع ترامب فى العديد من الملفات، إلا أنه لا يزال متمسكاً بنبرته الهجومية تجاه المهاجرين، إذ قال قبل يومين أن المواطن الصومالى المتهم بحادث الطعن فى جامعة أوهايو الذى أسفر عن 11 مصابًا «لم يكن ينبغى أن يكون فى بلدنا»، وذلك فى إحدى تغريداته بعد إعلان تنظيم داعش أن المهاجر كان أحد جنوده.
وعلى الجانب الآخر، بدأ ترامب ثابتًا على مواقف مثل تعهداته المتعلقة بعقاب الشركات الأمريكية التى تنقل تجارتها إلى خارج البلاد وتفصل آلاف من الموظفين، ثم تبيع منتجاتها داخل أمريكا دون ضرائب، لذلك قرر فى سلسلة من التغريدات بفرض ضرائب على الحدود الأمريكية بنسبة %35 لتطبق فقط على هذه الشركات، مما «سيصعب على الشركات قرار المغادرة»، ويجعل «الرحيل مكلفًا»، على حد قوله.
وتأتى تعليقات ترامب بعد تدخله المباشر لوقف مغادرة مصنع بولاية انديانا مملوك لشركة «كاريير» لوحدات التدفئة وتكييف الهواء التى كان من المقرر أن تتجه للمكسيك، بعد أن توصل لصفقة قال إنها أنقذت أكثر من ألف وظيفة وآلاف العمال من الفصل.