أشعلت الجزائر الكثير من الغضب اليومين الماضيين بعدما اتخذت سلطاتها قرارات لترحيل للأفارقة المهاجرين السود الموجودين على أرضها، كما إنهالت الانتقادات من قبل المحللين والنشطاء والجمعيات الحقوقية، وكان القرار الذى خلف هذه الحالة والتشاحن هو إقدام الجزائر هو ترحيل السلطات لآلاف المهاجرين الأفارقة قبل أيام، ومنهم من يدافع عن القرار ويجده مبرراً، وآخرون يعتبرون الترحيل اعتداء على الكرامة الإنسانية.
وكانت السلطات الأمنية الجزائرية قد تلقت أوامر بتوقيف وترحيل آلاف المهاجرين الأفارقة، إذ شرعت قوات الشرطة والدرك فى توقيف هؤلاء المهاجرين فى عدد من الأحياء التى يقيمون بها بالعاصمة وغيرها من المدن، قبل أن يتم نقلهم إلى مدينة تامنراست (2000 كيلومتر جنوب العاصمة) فى انتظار ترحيلهم إلى بلدهم الأصلى.
كما أثار تصريحات رئيس الهيئة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فى الجزائر، فاروق قسنطينى الإثنين الماضى غضب الحقوقيين، حيث اتهم فى حوار مع صحيفة "الصوت الآخر" الجزائرية، المهاجرين الأفارقة بنشر الإيدز والأمراض المنقولة جنسيا فى الجزائر.
وقال فاروق قسنطينى إن "الانتشار الكبير لمثل هؤلاء المهاجرين والنازحين الأفارقة إلى عدد من بلديات الجزائر، قد يسبب مشاكل للجزائريين"، مضيفا "على الدولة الجزائرية أن تتخذ كافة الإجراءات اللازمة لردع هؤلاء لأنه لا مستقبل لديهم هنا".
وكان هذا المدافع المزعوم عن حقوق الإنسان قد اقترح قبل عامين تقريبا، على السلطات الجزائرية " اتخاذ إجراءات صارمة للحد من عدد" اللاجئين من منطقة جنوب الصحراء واللاجئين السوريين فى البلاد ، من خلال ترحيلهم ، لأنهم قد يتسببون فى " انتشار الأمراض والجريمة".
كما أشار محامى الحكومة الجزائرية لصحيفة محلية إلى أن هذه الأمراض تعتبر أمرا معتادا وطبيعيا لدى هذه الفئة من المهاجرين، وهو على قناعة بأن الأفارقة من جنوب الصحراء هم المسئولون عن انتشار هذه الأمراض، وبالتالى لا مستقبل لهم فى الجزائر.
وبعد حملة الانتقادات للدولة، خرجت سعيدة بن حبيلس رئيسة الهلال الأحمر الجزائرى للدافاع عن موقف السلطات، مؤكدة أن الترحيل لم يشمل سوى المواطنين النيجريين، وأن ذلك تم بطلب من حكومة بلدهم، أما بقية المهاجرين غير الشرعيين فليسوا معنيين بعملية الترحيل، وأن ما حدث هو أن السلطات قررت نقلهم من العاصمة والمدن الكبرى إلى مدينة تامنراست، حماية لهم وحماية للجزائريين، مذكرة بالمناوشات التى وقعت بين سكان حى بدالى إبراهيم بالعاصمة ومهاجرين أفارقة غير شرعيين، والتى كادت تودى بحياة العشرات من الطرفين لولا حكمة رجال الأمن الذين تدخلوا فى الوقت المناسب.
نددت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بتوجه السلطات الجزائرية إلى ترحيل نحو 2000 مهاجر غير شرعى ينحدرون من إفريقيا إلى بلدانهم الأصلية، معتبرة أن قرارا من هذا النوع "يشكل فصلا جديدا من فصول التدبير الصارم والقاسى لهجرة الأفارقة".
وأفاد البيان بأن الأمين الوطنى للملفات المتخصصة للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان هوارى قدور حاول الاتصال بوزارة التضامن الوطنى والأسرة وقضايا المرأة، لكنه لم يتلق أى رد بخصوص مواجهات قيل إنها اندلعت بين المهاجرين الأفارقة وقوات الأمن التى كانت تريد إجبارهم على ركوب حافلات لنقلهم من المخيم.
انتقد مصطفى بوشاشى الرئيس السابق للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان الطريقة التى تعاملت بها السلطات مع المهاجرين الأفارقة، مشيرا إلى أن الأوامر صدرت إلى أجهزة الأمن للإقدام على حملة توقيفات جماعية، وأن هذه الحملة لم تفرق بين المهاجريين غير الشرعيين وبين طالبى اللجوء الذين فروا من بطش الأنظمة أو من الحرب والإرهاب.
واعتبر أن هذه حملة التوقيفات هذه تميزت بنوع من العنف، لأن الكثير من الرعايا الأفارقة يرفضون العودة إلى بلدانهم الأصلية، وأنه كان الحرى بالسلطات الجزائرية التى يوجد لديها الكثير من الرعايا المقيمين بطريقة غير شرعية فى دول أوروبية أن تعامل هؤلاء المهاجرين الأفارقة بإنسانية أكبر.