نقلا عن العدد اليومى...
«هل السينما المصرية تحتاج لثورة»؟.. سؤال ليس له إجابة سوى بكلمة «نعم»، فالواقع السياسى بعد 25 يناير لم يأت بخير على الفن ولم يفرز أى مواهب جديدة، بل صدر لنا سينما من نوعية «عبده موتة» و«قلب الأسد» و«المواطن برص» و«القشاش» و«سبوبة»، و«4 ورقات كوتشينة»، و«حافية على جسر من الخشب» بطولة سندريلا وإخراج تامر حربى، وفيلم «المماليك» بطولة رامى وحيد، إخراج أحمد إسماعيل، و«زجزاج» بطولة ريم البارودى وإخراج أسامة عمر، وغيرها من أفلام بير السلم، عكس ما حدث عقب ثورة 52 يوليو من ازدهار فى الفن والموسيقى والسينما، وشهد ذلك العصر تألقًا فنيًا على كل المستويات.
هذه الأفلام والتى أنتجت فى السنوات الأخيرة تهدد سمعة الصناعة، لتواضعها فنيا، وافتقارها للمعنى والمضمون والقيمة الفنية، هذه التجارب أحيانا يقف وراءها منتجون أسماؤهم معروفة، وأخرى لا يعرفها أحد، وبعضها ينتجها مغمورون يطمحون للشهرة، ونالت الكثير من الانتقادات، عكس إنتاجات السينما المستقلة التى يتم إنتاجها بميزانيات محدودة، وتحظى باحتفاء نقدى وجماهيرى وتستطيع تمثيل مصر فى المهرجانات الدولية منها مثلا «فتاة المصنع» و«قبل زحمة الصيف» للمخرج محمد خان، لذا يطالب الكثيرون بثورة حقيقية فى السينما حتى تنضج وتصبح أكثر جدية ليس فى الفيلم أو الصورة أو المحتوى، بل أيضا ثورة على قوانين الرقابة التى تقضى على الإبداع فى مصر والتكلفة المرتفعة للتصوير فى الأماكن الأثرية والضرائب المبالغ فيها.
فى هذا السياق يقول الناقد الفنى طارق الشناوى إن صناعة السينما فى مصر تحتاج إلى ثورة حقيقية وشاملة على جميع المستويات، من حيث التقنيات التى يتم تنفيذ الأفلام بها، خصوصا وأن الفيلم بطبعه لغة عالمية، ولذلك يجب أن يرتقى الفيلم المصرى للمستوى العالمى، وفى مصر الأساليب التقنية المستخدمة فقيرة للغاية فإذا وجدنا أعمال جرافيك فى أى فيلم نشعر على الفور بضعفها وأنها ليست حقيقية فى الوقت الذى يجب فيه أن ننافس الأفلام العالمية فى أسواقنا.
وأضاف الناقد الفنى فى تصريحات لـ«انفراد» أن الثورة يجب أن تبدأ من داخل الوسط السينمائى نفسه، موضحا أن شركات الإنتاج الكبرى عزفت عن الإنتاج السينمائى وتقاعست عن إنقاذ الصناعة، والمنتجون هربوا للإنتاج التلفزيونى الأسهل والأضمن، كذلك كان الحال مع النجوم الكبار الذين كانوا يرددون فى السابق أنهم يحبون السينما، وبمجرد تدهور حالها ذهبوا إلى المضمون والمشاركة فى الأعمال الدرامية التى تضمن لهم الحصول على ضعف أجورهم، ويجب على هؤلاء النجوم أن يعلموا أن نجوما أكثر منهم قامة وقيمة ساهموا بأجورهم لتنفيذ أفلام أصبحت فيما بعد من علامات السينما المصرية، منهم النجمة فاتن حمامة التى تنازلت عن جزء من أجرها لتنفيذ فيلم «لك يوم يا ظالم» للمخرج صلاح أبوسيف، وكانت فى أوج شهرتها، كذلك كان الحال مع ماجدة وسميرة أحمد وسعاد حسنى.
وأوضح طارق الشناوى أن الدولة عليها تعديل قوانين الرقابة للمصنفات الفنية، والتى تفرض رقابة على الأفكار والعقول، مؤكدا أن الجهاز فى وقتنا هذا أصبح مثل الديناصور ودول العالم لا تطبق الرقابة على المصنفات ولكنها تطبق نظام التصنيف العمرى الذى يعنى أن هناك ثقة فى المتلقى، مؤكدا أن دباجة قانون الرقابة التى أقرها وزير الثقافة الأسبق جابر عصفور جعلت القيم الأخلاقية وسيلة لتقييم الأفلام وهى دباجة خاطئة تماما، ولا أعنى هنا أن الفن ضد الأخلاق، ولكن لا يجوز أن يتم الحكم على العمل الفنى أو على الإبداع من خلال منظور أخلاقى ضيق، بل يجب رؤية الهدف والرسالة من العمل ككل قبل إصدار الحكم عليه.
ولفت طارق الشناوى أن الرقيب الحالى خالد عبدالجليل أصبح أشبه بخادم السلطان ويقوم بفعل أى شىء حتى يضمن بقاءه فى الموقع الذى انتدبه فيه وزير الثقافة الحالى حلمى النمنم، ولذلك فهو يقدم الكثير للدولة ولا يقدم السبت فقط ليجد الأحد أمامه، ولكنه يقدم الأسبوع كله، فى الوقت الذى يجب أن يكون فيه الرقيب هو حلقة الوصل بين الإبداع والدولة، كذلك يجب إلغاء الرقابة المسبقة على السيناريو، لأنها رقابة على الفكر والأفضل أن تكون الرقابة بعد انتهاء التصوير واكتمال فكرة الفيلم.